في امتحان مادة اللغة العربية للثانوية العامة هذا العام، دار الجدل حول معنى كلمة “تتلظى” التي جاءت في أحد الأسئلة بمعنى تحقد.. بينما كانت مصر تتلظى حقيقة في صيف شديد السخونة مع تقنين قطع التيار الكهربي لمدة ثلاث ساعات يوميا تخفيفا للأحمال، وتوفيرا للغاز الطبيعي الذي تعاني مصر من نقص إمداداته لأسباب متعددة.
من جانبها حاولت الحكومة الحد من السخط الشعبي بالتعهد بانتهاء انقطاع التيار الكهربي بنهاية يوليو القادم، بعد اعتماد 1.180 مليار دولار لتوفير منتجات الوقود اللازمة لمحطات الكهرباء.
مع بداية السنة المالية الجديدة، اعتزمت الحكومة رفع أسعار الكهرباء؛ لكنها رأت إرجاء الأمر إلى أول سبتمبر المقبل.. في ظل تصاعد حنق المواطنين من انقطاع التيار الكهربائي، وما ينجم عنه من خسائر عطب الأجهزة الكهربائية، وحوادث المصاعد وغيرها.
أسعار الكهرباء ارتفعت آخر مرة مطلع يناير الماضي بنسب تراوحت بين 10% و22%، بعد أن كانت الحكومة قد أرجأت ذلك لثلاث مرات متتالية.. والمعروف أن نظام الشرائح المعمول به، يغطي التكلفة بالكلية منذ موازنة 2019، التي أظهرت عدم وجود أي دعم للكهرباء.. لكن الحكومة أوضحت أن تراجع سعر الصرف، ساهم في ارتفاعات كبيرة في أسعار الوقود ومستلزمات الإنتاج.. وستعمل مصر خلال الفترة القادمة على تأمين احتياجاتها من الغاز بمشتريات ستكون الأعلى منذ 2018.
إذ تتطلع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) لشراء 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال عبر مناقصة أغلقت في 26 يونيو الجاري، تتسلم بموجبها 7 شحنات في يوليو، و6 في أغسطس، و4 في سبتمبر، بنظام التسليم على ظهر السفينة في ميناء الوصول.
وقد تضطر الشركة المصرية لدفع علاوة تتراوح بين دولار ودولارين لكل مليون وحدة حرارية، في مقابل شروط سداد أطول أجلا.. وقد أكد بيان صادر عن “ستاندرد أند بورز” أن مصر دفعت بالفعل علاوة تتراوح بين 1.3 و1.7 دولار لكل مليون وحدة حرارية للشحنات التي اشترتها في وقت سابق من هذا العام.
كانت أزمة نقص إمدادات الغاز قد تسببت في ارتفاع أسعار الأسمدة في مصر 54% خلال الشهر الحالي، ليصل الطن إلى20 ألف جنيه، بينما كان يباع الشهر الماضي بـ 13 ألف جنيه فقط.. في حين ثبت سعر طن السماد المدعم عند 5 آلاف جنيه للطن، إذ تحصل وزارة الزراعة المصرية على نسبة 55% من إنتاج كافة الشركات المنتجة لسماد اليوريا، لتوزيعها في حصص مدعومة للفلاحين بسعر 250 جنيها للجوال (50كيلو جرام).
وقد شهدت بعض مصانع الأسمدة توقفا كليا أو جزئيا إذ أعلنت شركتا “أبو قير للأسمدة” و”سيدي كرير للبتروكيماويات” الثلاثاء الماضي عن “توقف مصانعهما عن الإنتاج نتيجة انقطاع إمدادات الغاز الطبيعي، فيما أعلنت شركة “موبكو” الأربعاء عن انقطاع الغاز الطبيعي عن مصانعها” ما تسبب بشكل مباشر في تراجع أسهم القطاع في البورصة المصرية.
وفي محاولاتها الدائبة لتقليل الاعتماد على الطاقة غير المتجددة، تسعى مصر لبناء واحدة من أكبر مزارع طاقة الرياح في العالم بحلول ربيع 2026، في منطقة غرب سوهاج، ومن المتوقع أن تبدأ المزرعة في إنتاج 10 ميجاوات في غضون ست سنوات من بدأ العمل.
التكلفة المبدئية للمشروع تُقدّر بنحو عشرة مليارات دولار، وهو أحد مشروعات الشراكة المصرية الإماراتية. من خلال تلك المشروعات في مجال الطاقة- تحاول مصر الوصول بحصصها من إنتاج الطاقة المتجددة إلى 42% من حجم احتياجاتها الأساسية. وتحظى مصر باهتمام الشركات العالمية العاملة في مجال الطاقة؛ نظرا لقدراتها الكبيرة في مجال نقل الكهرباء بالسرعات المطلوبة؛ خاصة في مشاريع الإنتاج الأكبر حجما.. وهو ما لا يتوفر لدى معظم دول القارة السمراء.
لا يضع المصريون كبير أمل على الحكومة الجديدة التي كُلف مدبولي بتشكيلها في ظل انتهاج نفس السياسات وعدم إعادة ترتيب الأولويات التي أنتجت العديد من الأزمات دون القدرة على إيجاد حلول.. ما جعل حياة غالبية المصريين صورة من صور المعاناة.. في ظل عدم وجود أي بارقة أمل في انفراجة حقيقية للأوضاع التي لا تزداد إلا تأزما.