في تصريح له نشره موقع والا العبري- صرح وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت، خلال تفقُّده لمواقع قوات الاحتلال شمال فلسطين، أن “الجيش على استعداد لنقل مركز ثقل الجهد الحربي إلى الشمال” ما يؤكد أن التصعيد على الجبهة الشمالية؛ صار خيارا لحكومة نتنياهو، بهدف التخفيف من الآثار القاسية للفشل الذريع في القطاع بعد عشرة أشهر ونصف من الحرب.. وبعيدا عن مبالغات بعض السياسيين والقادة الصهاينة – يدرك عدد من قادة الجيش المتقاعدين داخل الكيان المؤقت؛ خطورة اللحظة الراهنة وتداعياتها في المدى القريب؛ في حال إذا ما اختار نتنياهو توسيع نطاق الحرب؛ للنجاة من المساءلة التي ستقضي نتائجها -بلا شك- على مستقبله السياسي.. فالحرب في غزة فقدت غايتها، بعد الفشل في تحقيق الهدف الرئيس منها، وهو إسقاط حماس- حسب ما قاله الجنرال المتقاعد إسحاق بريك في مقال له بصحيفة هآرتس؛ ذكر فيه أيضا أنه في حالة إطالة أمد حرب الاستنزاف ضد حزب الله شمالا، وحماس جنوبا- فإن ذلك يؤذن بانهيار “إسرائيل” في غضون عام.
وأضاف بريك أن الوضع القائم كارثي بامتياز “فجميع مسارات المستوى السياسي والعسكري تقود إسرائيل إلى الهاوية.. إلا أن الغياب العاجل لنتنياهو وشركائه المتطرفين قد ينقذ إسرائيل من دوامة وجودية قد تصل قريبا إلى نقطة اللاعودة”.
لقد طغت أخبار جريمة حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع عزة منذ أكتوبر الماضي، والتي أسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 133 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من عشرة آلاف مفقود.. وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة لم يشهد العالم لهما نظيرا في العصر الحديث- على ما يحدث في الجبهة الشمالية، منذ قررت المقاومة اللبنانية، دخول الحرب بغية إسناد المقاومة في غزة؛ وكذلك لعلمها بالمخطط الصهيوني الذي يضع حزب الله تاليا في الترتيب بعد حماس، التي يعني إسقاطها في غزة.. بدء إنهاء وجود حزب الله اللبناني بوصفه التهديد المباشر والأكبر.
الخسائر التي كبّدتها المقاومة اللبنانية لدولة الاحتلال على مدى الأشهر العشر الماضية دفعت زعيم المعارضة يائير لبيد إلى التصريح بـ “إن الحكومة الإسرائيلية قد “خسرت الشمال” وذلك بعد الضربة المباشرة (50 صاروخا) التي وجهتها المقاومة اللبنانية الأربعاء الماضي لمدينة كاتسرين.. في الجولان السوري المحتل.. وتعتمد المقاومة اللبنانية إطلاق صواريخها- بلغت الأسبوع الماضي فقط 100صاروخ- من أكثر من مكان في الوقت نفسه، ما يصيب منظومات الاعتراض بالارتباك الشديد، وعدم القدرة على التصدي للهجمات الصاروخية.. بالإضافة إلى الهجوم بالمسيرات التي فشلت الدفاعات الصهيونية أيضا في ردها.
القناة 12 العبرية أعلنت أن المواجهات على الجبهة الشمالية أسفرت منذ اندلاع الحرب عن انتشار الحرائق في 790 موقعا في الجليل والجولان.. وأضافت القناة أن الحرائق أتت على 189 كيلومترا مربعا، وذلك بعد أن تعرضت هذه المناطق إلى ما لا يقل عن 6500 قذيفة صاروخية أُطلقتها المقاومة اللبنانية.
لم يقتصر أمر الخسائر الصهيونية على ذلك- إذ نزح أكثر من 150 ألف مستوطن من شمال الأرض المحتلة إلى الداخل، وذلك حتى منتصف مارس الماضي، وليس من المستبعد أن يكون الرقم قد تضاعف؛ خصوصا وأن مستوطني الشمال يعيشون في حالة دائمة من الرعب، منذ اغتيال السيد إسماعيل هنية في طهران نهاية الشهر الماضي، والقائد في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية قبل اغتيال هنية بيوم واحد.. ومع توقع الانتقام الإيراني؛ يتزايد الشعور بالخطر، ومن ثم تتضاعف أعداد المستوطنين النازحين من الشمال إلى الداخل.
لن تكون الحرب في الجبهة الشمالية طوق نجاة لحكومة نتنياهو التي تتوافق كثير من الآراء الآن داخل الكيان على أن الإطاحة بها والخروج من الوضع القائم -أيا كانت الخسائر الآنية- هو السبيل الوحيد للحفاظ على الكيان الصهيوني من الانهيار التام، ونهاية دولة الاحتلال.. وهو ما يتوقعه سياسيون كثر، يؤمنون بنبوءة العقد الثامن المعروفة.. إذ لم تعمّر مملكة لليهود -عبر التاريخ- لأكثر من ثمانية عقود.