مختارات

هذا ما يبدو عليه النصر المطلق

يديعوت أحرونوت – إفرايم غانور

إن ما نعيشه اليوم، بالذات، ما تسميه هذه الحكومة ومؤيدوها “نصراً مطلقاً”، وإليكم بعض ملامح هذا النصر:

لا يزال يحيى السنوار حيّاً، وكامناً في مكان ما، بعد نحو عام على الحرب، وهو يضع شروطاً لإسرائيل، كأننا في 8 تشرين الأول/أكتوبر، بينما يحتفظ بـ101 رهينة، ويستمتع بمشاهدة إسرائيل وهي تتمزق بين مَن يناضلون من أجل إطلاق سراح الأسرى، عبر صفقة، وبين المستعدين للتضحية بالأسرى على مذبح “النصر المطلق”، وهو نصر غير واقعي، ولن يتحقق قط.

يبدو أن ما كان هو ما سيكون. فقطاع غزة سيسبب لنا الصداع دائماً، على مدار أعوام مقبلة. تلقينا هذا الأسبوع تأكيداً لذلك بواسطة صاروخين أُطلقا على عسقلان. أمّا أولئك الذين يعلنون في هذه الأيام، بصوت عالٍ، أن نهاية “حماس” اقتربت، فهُم أنفسهم الذين كانوا، قبل عام، يفضلون “حماس” قوية ومستقرة في وجه السلطة الفلسطينية، ويرونها أداة استراتيجية مهمة للسيطرة على الضفة الغربية، وتحقيق حلم “أرض إسرائيل الكاملة”.

تحاول هذه الحكومة الفاشلة إيهام الناس بأننا قادرون على التحكم في قطاع غزة من خلال حُكم عسكري إسرائيلي، كما كانت عليه الحال في الماضي. لكن لن يمرّ وقت طويل إلى أن نشعر جيداً بقسوة مقاتلي حرب العصابات التي ستُشن ضد قواتنا في القطاع، والتي ستكلفنا دماءً وضحايا يومية مؤلمة، وستحوّل وهم النصر المطلق إلى جرح مؤلم ونازف.

أمّا الفرق بين شمال دولة “النصر المطلق” وجنوبها، بعد عام على الحرب، فهو أن سكان الشمال تم إجلاؤهم، تاركين وراءهم منازل مدمرة، وحقولاً محترقة، ومشاريع حياة متوقفة، ولم يُحدَّد موعد عودتهم، بينما سكان الجنوب تُركوا لمصيرهم تحت رحمة السماء، ولم يتركوا خلفهم سوى رماد وكارثة لن يمحوهما قط أيّ نصر.

وسط كل هذا، يتساءل الشعب القلِق الحزين: عن أيّ نصر مُطلق يتحدثون؟ هل هو النصر على “حماس”؟ ربما على حزب الله في الشمال؟ أم على “الإرهاب” المتصاعد في الضفة الغربية؟ أهو النصر على الحوثيين في اليمن؟ أم هو النصر النهائي على إيران؟

أيها السادة، إذا حققنا نصراً إضافياً واحداً من الانتصارات التي على هذه الشاكلة، فإننا سنضيع. لا أحد سوى هذه الحكومة الغارقة في الهذيان، قادر على الحديث عن نصر مطلق، بينما تغرقنا في واقع مرير، من دون تقديم حلول مناسبة على أيّ جبهة. هذه الحكومة بلا بوصلة، ولا ضمير، تقود الدولة نحو الكارثة، الخطوة تلو الخطوة. وعندما يقف بن غفير وسموتريتش إلى جانب نتنياهو في معسكر “النصر المطلق”، واللذان يرفعان أعلام هذا النصر الوهمي، فعلينا القول على البلد السلام، فهذا البلد ذاهب إلى الهاوية، لا محالة.

إن ذكرى اندلاع هذه الحرب اللعينة تقترب، وحالتنا تزداد سوءاً وخطورةً، من يوم إلى آخر. فمن كان يعتقد أنه بعد عام من الحرب، ومع دخول جنود الاحتياط الجولة الثالثة من خدمتهم العسكرية، أننا لن نشهد نهاية لهذه الحرب، ولا بارقة أو أفق أمل؟ الأسوأ من ذلك، أن ما سيُكتب في السطور الأخيرة من صفحات التاريخ، التي ستلخّص هذه الفترة المرعبة، على الأرجح: “حدث كل هذا لأن عائلة نتنياهو لم توافق على التخلي عن السلطة، وكانت مستعدة للتضحية بالشعب والدولة من أجل البقاء في الحكم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock