رؤى

“البرق اليماني”.. يلمع في سما فلسطين

“لمع البرق اليماني..فشجاني ما شجاني”. تذكرت هذه الأبيات التي سمعتها من فرقة إنشاديه عربية قبل بضع سنوات، وهي لشاعر ملقب بـ”بلبل الغرام الحاجري” واسمه الكامل هو حسام الدين عيسى بن سنجر بن بهرام بن خمارتكين بن تشتكين، خلال متابعتي لأحداث المعركة الدائرة، والمستمرة منذ ١٥ شهرا على أرض فلسطين.

لم يعد “البرق اليماني” كما وصفه الشاعر يلمع في جنوب جزيرة العرب فحسب؛ بل استحال صواريخ ومسيرات تجوب سماء فلسطين المحتلة.

ففي أعقاب توصُّل كلا الطرفين: الصهيوني واللبناني إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة في ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤، ساد قدر من الارتياح في الأوساط الصهيونية؛ بل وتباهت الحكومة في تل ابيب أنها قد تمكنت بعد أكثر من عام من فصل جبهتي قطاع غزة وجنوب لبنان.

لكن الهدوء على الجبهة اللبنانية، يعقبه تصعيد من قِبَل ما اصطلح على تسميته منذ بداية المعركة في أكتوبر ٢٠٢٣، بجبهات المساندة لقطاع غزة، وفي مقدمتها -بطبيعة الحال- الجبهة اليمنية.

فمع ساعات الفجر الأولى من يوم ٢١ ديسمبر ٢٠٢٤، استفاقت تل أبيب على صاروخ فرط صوتي قادم من اليمن، تمكَّن من تجاوز منظومة الدفاع الصهيوني، وتسبب في أضرار مادية بالغة، بالإضافة الى عشرات الإصابات في صفوف المستوطنين، خاصةً وأن المستوطنين -كما أكد موقع والا العبري- “الذين كانوا يعيشون في الطوابق العليا في تل أبيب لم يكن لديهم الوقت للوصول إلى الملاجئ حين سقط الصاروخ اليمني فجر اليوم”.

ومن بينهم “مستوطن يبلغ من العمر 68 عاما من ريشون لتسيون، أصيب بسكتة قلبية أثناء تفعيل الإنذارات الليلة بعد إطلاق صاروخ من اليمن”.

ووفقا لصحيفة معاريف العبرية، فقد أطلق اليمن أكثر من 200 صاروخ، وأكثر من 170 مُسَيَّرة متفجرة، على الداخل الفلسطيني، منذ انطلاقة معركة “طوفان الأقصى”.

ورغم زعم الصحيفة أن الدفاعات الامريكية والصهيونية- تصدت لأغلب هذه الصواريخ والمسيرات اليمنية؛ إلا أنها أكدت في التقرير ذاته، أن الكيان الصهيوني عاجز عن مواجهة اليمن، وغير مستعد استخباراتيا ومعلوماتيا لمواجهة التهديد القادم من اليمن، ولم يبلور خطط حقيقية للتصدي له.

وأضافت أن نظام حيتس الدفاعي الجوي الذي وصفته بالرائد- قد فشل “للأسف أربع مرات متتالية في اعتراض الصواريخ الباليستية بنجاح، ثلاث مرات من اليمن ومرة واحدة من لبنان”.

كما نقلت القناة ١٢ العبرية عن خبراء عسكريين صهاينة، أن صواريخ اليمن “كشفت ثغرات أمنية خطيرة في أنظمة الدفاع الجوية”.

وهو ما أكده موقع إنتل تايمز العبري في تقرير له، وهو أنهم “أدركوا في اليمن أن صاروخا باليستيا واحدا فقط؛ يُحدث تأثيرا كبيرا، عندما يُطلق في منتصف الليل”.

وخلص موقع عبري آخر إلى أن الفصائل المسلحة في اليمن ستزيد “من وتيرة هجماتها على إسرائيل، ربما بشكل كبير”.

وأنهم “كل يوم تقريبا يطلقون صاروخا أو طائرة مسيرة على أراضينا”.

ولم يخف المستوطنون في منطقة غوش دان أو ما يعرف بـ”تل أبيب الكبرى” قلقهم من هذا التصعيد اليمني٫ حيث صرح رئيس بلدية حولون، شاي كينان: “بعد أن ازدادت في الأيام الأخيرة وتيرة صفارات الإنذار في منطقتنا، أصدرت تعليمات بفتح الملاجئ العامة”.

وخلص المحلل العسكري في صحيفة معاريف، آڤي أشكنازي في تقرير له، عن التصعيد اليمني إلى القول أن الكيان الصهيوني يقف عاجزا عن التصدي للتحدي القادم من اليمن.

وأضاف أنه أدرك “خطر التهديد القادم من الشرق بعد فوات الأوان” وأن الجيش الصهيوني يعاني “من صعوبات في التعامل مع التهديدات اليمنية، سواء على الصعيد الدفاعي أو الهجومي”.

كما أن أجهزة الاستخبارات – وفق أشكنازي- كانت بطيئة في الرد على التهديد، وتسعى حاليا إلى جمع معلومات استخباراتية عن اليمن.

وقلل أشكنازي من أهمية الضربات الجوية، التي شنها سلاح الجو الصهيوني ضد اليمن، مؤكدا أنها “كانت أشبه بعرض استعراضي، دون التسبب في أضرار عسكرية كبيرة أو تحقيق الردع المطلوب”.

في المقابل فإن اليمن قد أثر “بشدة على الاقتصاد الإقليمي والإسرائيلي لأكثر من عام”.

اللافت، أن هذا التصعيد يأتي في توقيت شديد الحساسية بالنسبة لحكومة العدو، حيث ذكرت صحيفة هآرتس في افتتاحية لها، أن البلاد تمر حاليا “بأكثر المراحل حساسيةً في تاريخها، وتقف أمام مسارين: مسار سيؤدي إلى موت المخطوفين واستمرار جرائم الحرب ودائرة الدم والانتقام، وعزلة دولية وأزمة اقتصادية عميقة. ومسار ثانٍ، سيؤدي إلى إنقاذ المختطفين الذين ما زالوا أحياء، ووقف الحرب، والبدء بإعادة الإعمار”.

وطالبت الصحيفة المستوطنين بـ”الخروج إلى الشوارع لمطالبة الحكومة، بكل الوسائل غير العنيفة، باختيار المسار الصحيح”.

ومن غير المستبعد.. أن تجد هذه الدعوة من هآرتس؛ قبولا لدى قطاع واسع من المستوطنين، خاصةً في ظل استمرار لمعان “البرق اليماني” في سماء فلسطين، وافتقاد من يحتلونها لأدنى مقومات الأمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock