رؤى

عرض كتاب “طوفان الأقصى.. من غيّر قواعد اللعبة؟” (5)

بين مكر الكاوبوي ودهاء العمائم.. هو عنوان الفصل الرابع من الكتاب، والذي احتوى على عدد من العناوين، تبدأ بعنوان: الحرب بين التقيّد الإيراني والجموح الأمريكي.

يتناول الكاتب في هذا الفصل تأثير الموازين الإقليمية والدولية على مسار حرب طوفان الأقصى.. إذ أظهرت الولايات المتحدة جموحا غير مسبوق في دعم إسرائيل عسكريا وسياسيا، بينما كان الدعم الإيراني للمقاومة مقيدا لاعتبارات عديدة تتعلق بتعقيدات الموقف الدولي والعقوبات وتجنب المواجهة المباشرة مع واشطن.

في حين غرقت الدول العربية في حالة من السلبية فرضتها عليها تبعية أنظمتها للولايات المتحدة؛ برغم أن طوفان الأقصى أهدى هذه الدول فرصة ذهبية “لتعزيز استقلالها عن الهيمنة الأمريكية”. ولم تسفر القمة العربية التي تأخرت 33 يوما عن شيء، سوى أدوار وساطة ليس من التجاوز وصفها بالمخزية والمحكومة بالشروط الأمريكية.

في حين انحازت كل من الصين وروسيا إلى الحق الفلسطيني في مجلس الأمن، لكنهما لم تستخدما مواردهما لخلق توازن استراتيجي؛ فلم تُقدّم موسكو أو بكين دعما عسكريّا للمقاومة، ما سمح لواشنطن بالاستفراد بالعملية السياسية.

ويرى الكاتب أن إيران باتباعها لسياسة تقييدية في دعمها للمقاومة، قد فقدت فرص تعزيز موقف المقاومة، وتعظيم مكاسب الطوفان، وهو ما سيعود عليها بالسلب؛ إذ سيتراجع نفوذها الإقليمي على نحو غير مسبوق.

ويرى الكاتب أن إيران وربما روسيا والصين إلى جانب الدول العربية- قد أهدروا فرصة سانحة لإعادة صياغة موازين القوى؛ بوصفها خطوة هامة على طريق عودة النظام العالمي متعدد الأقطاب.

وجاء عنوان المقال الثاني: الحرب الإقليمية مؤجلة، ولكن وقوعها في المستقبل مرجح. ويرى الكاتب في هذا المقال أن الحرب الإقليمية لا شك ستندلع؛ لكنها مؤجلة الآن؛ لاتباع إيران سياسية الصبر الاستراتيجي لحين الانتهاء من البرنامج النووي الإيراني، في حين أظهرت واشنطن جاهزية تامة؛ لاستخدام قوتها العسكرية الشاملة إذا هاجمت إيران إسرائيل على نطاق واسع.

ويرى الكاتب أن الموقف الراهن يفرض على جميع الأطراف اعتبارات عديدة؛ فعلى إيران أن تعزز من تحالفاتها الإقليمية، وتسرع في تطوير برنامجها النووي لتعزيز قوتها الردعية. أما الدول العربية، فعليها إعادة تقييم سياسات التطبيع مع إسرائيل، خاصةً إذا كانت تهدد أمنها الإقليمي. الولايات المتحدة يجب أن تدرك أن دعمها المطلق لإسرائيل قد يؤدي إلى تفجير المنطقة بأكملها.

في مقال بعنوان: 13 أبريل بروفة “القيامة” في الشرق الأوسط، يشير الكاتب إلى حدث بالغ الأهمية، وهو الهجوم الصاروخي الإيراني وبالمسيرات على إسرائيل، ردا على استهداف إسرائيلي لقنصليتها في دمشق. هذا الهجوم، الذي نُسِّقَ بشأنه مسبقا مع الولايات المتحدة، لم يكن مجرد رد عسكري محدود، بل كان له أبعاد استراتيجية عميقة، حيث نقل الصراع بين إيران وإسرائيل من مرحلة الحرب بالوكلاء إلى مرحلة المواجهة المباشرة.

وترجع أهمية الحدث إلى أنه الهجوم الأول المباشر من إيران، ما كسر حاجز الردع الإسرائيلي الذي كان يعتمد على تفوقها العسكري والسيطرة على أجواء المنطقة منذ 1948. هذا الهجوم أظهر أن إيران قادرة على الوصول إلى أي نقطة في جغرافيا فلسطين التاريخية، ما يهدد استراتيجية الردع الإسرائيلية التقليدية. كما كشف الحدث عن تحالف غير مسبوق بين إسرائيل ودول عربية، حيث شاركت دول عربية بشكل مباشر أو غير مباشر في التصدي للهجوم الإيراني. هذا التحالف، تحت القيادة الأمريكية، يعد مؤشرا على تحول جيوسراتيجي في المنطقة، حيث أصبحت إيران العدو المشترك بدلا من إسرائيل.

ويجيب الكاتب عن سؤال: لماذا يعتبر الهجوم الإيراني بروفة “القيامة”؟ بقوله أن التحالف العربي- الإسرائيلي- الأطلسي قد انكشف بشكل علني، كما اُعتبر الهجوم تغييرا استراتيجيا أظهر أن إيران قادرة على مواجهة إسرائيل مباشرة، ما يهدد التوازن العسكري التقليدي في المنطقة.. وينذر باقتراب اندلاع حرب إقليمية شاملة.

حمل المقال التالي عنوان: رد خامنئي على إسرائيل بين مصدّق وعبد الناصر.. محاولة للفهم.. وخلص فيه الكاتب إلى أن رد خامنئي على التصعيد الإسرائيلي-الأمريكي يعكس فهما عميقا للدروس التاريخية وللتوازنات الإقليمية والدولية. إيران تسعى جاهدة لتجنب الوقوع في فخ الاستفزازات التي قد تؤدي إلى حرب إقليمية شاملة، مع التركيز على تعزيز قدراتها النووية وتحالفاتها الإقليمية. هذا النهج الاستراتيجي يعكس رؤية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق الردع والحفاظ على التوازن في المنطقة.

وتحت عنوان هل تمنع لعنة النفط حرب الشرق الأوسط؟ يرى عبد الغني أن لعنة النفط، التي طالما اعتُبرت سببا رئيسا للصراعات والهيمنة الخارجية في الشرق الأوسط، قد تكون هذه المرة عامل كبح، يمنع اندلاع حرب إقليمية شاملة. الثروة النفطية الهائلة في المنطقة، التي تمثل نحو ثلث الإنتاج العالمي ونصف الاحتياطيات العالمية، تُشكّل مصلحة مشتركة لجميع الأطراف، بما في ذلك الدول المتصارعة والقوى الدولية، لتجنب أي اضطراب قد يُهدد استقرار أسواق الطاقة العالمية.

وجاء العنوان الأخير في الفصل كما يلي: ليست مسرحية.. إيران وإسرائيل تصعيد متدرج نحو الحرب الكبرى.

ويرى الكاتب في هذا المقال أن التصعيد المتدرج بين إيران وإسرائيل، والذي تجلى في الضربات المتبادلة في أكتوبر 2024، ليس مجرد “مسرحية” أو لعبة سياسية، بل هو تعبير عن صراع وجودي بين مشروعين متعارضين في الشرق الأوسط: المشروع الأمريكي/الإسرائيلي من جهة، والمشروع الإيراني من جهة أخرى. هذا الصراع، الذي بدأ يتخذ طابعا مباشرا بعد هجوم “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، يقترب من مرحلة الحرب الإقليمية الشاملة، والتي قد تكون مسألة وقت فقط. على الرغم من العوامل الكابحة التي تؤجل الحرب الشاملة، فإن استمرار التوترات يجعل اندلاعها مسألة وقت. في هذا السياق، يبقى على الدول العربية أن تعيد تقييم مواقفها وتتحمل مسئولياتها في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock