إن أهمية هذه التقديرات ليس في أنها تمثل أحكاما قاطعة أو تواريخ حاسمة ولكن لأنها تأتي من شخصيات بعينها: في حالة الشخصية الإسرائيلية (هو ابن موشيه شاريت أحد مؤسسي الكيان وثاني رئيس وزراء له وهو نفسه خدم في أكثر من منظمة وجهاز صهيوني).
وفي حالة الشخصية الأمريكية (هو أحد أبرز العسكريين- الدبلوماسيين الذين عملوا مع الإسرائيليين عن قرب من خلال وظائفه في الإدارة الأمريكية).
إنها ليست أماني عاطفية عربية أو فلسطينية أو تخمينات تيارات حقوقية ويسارية معادية للاحتلال الإسرائيلي ووحشيته وإنما من أهل البيت ومن أهل الخبرة؛ وليس من موقع الانحياز للعرب أو العداء لإسرائيل إنما هي شهادة ضمير حتي وإن جاءت متأخرة.
مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: إسرائيل ستختفي خلال 20 عاما
أدلى الجنرال الأميركي لورانس ويلكرسون، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول، والذي انتقد بقوة سياسات المحافظين الجدد، في المؤتمر الذي نظمته منظمة Mass Peace Action (العمل الجماهيري من أجل السلام)، في يونيو الماضي، ببعض التصريحات بالغة الأهمية بشأن مستقبل دولة إسرائيل.
وأكد ويلكرسون، والذي يشغل حاليا منصب زميل في معهد كوينسي، بكلية وليام أند ماري، في هذه التصريحات أن دولة إسرائيل لن يكون لها وجود في غضون 20 عاما، لأنها تنزع الشرعية عن نفسها كدولة تمييز عنصري.
وأضاف أن إسرائيل تمثل “عبئا استراتيجيا من الدرجة الأولى” على الولايات المتحدة، وأنها “الدولة الأكثر احتمالا في العالم للأخذ بالولايات المتحدة إلى هرمجدون”.
وأشار إلى أنه يجب على الولايات المتحدة أن تخبر إسرائيل الآن بأنها “يجب أن تتغير بسرعة”، أو أن واشنطن ستضطر إلى التوقف عن تمويلها وحمايتها، قبل أن يؤكد “لكن الولايات المتحدة لن تفعل ذلك”.
وأوضح أن أجندة المحافظين الجدد في الشرق الأوسط تقوم على “إشعال النار في بلاد الشام” والإبقاء على أعداء إسرائيل في حالة تناحر لا تنتهي حتى لا يثيروا المشكلات لتل أبيب.
وعن كون إسرائيل “عبئا استراتيجيا” على كاهل الولايات المتحدة، واختفائها في غضون 20 عاما، قال ويلكرسون:
“ربما تكون إسرائيل عبئا استراتيجيا من الدرجة الأولى على الولايات المتحدة. آمل أن يخفف التخلص من نتنياهو، وفي الوقت نفسه، من كوشنر وبومبيو وترمب، من حدة الموقف إلى حد أن يكون لدينا حكومة في إسرائيل تدرك حجم الخطورة التي يواجهها مستقبل هذه البلاد.
“قلت في أحد الأيام إن إسرائيل لن تكون دولة خلال 20 عاما، وإنها ستزول. بالتأكيد لن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية، وإنما دولة تمييز عنصري، وسوف ينبذها العالم كما فعل مع جنوب إفريقيا. وأنا أؤكد الآن أنها لن تكون موجودة، وأن مآلها إلى زوال.
“لنعد سنوات إلى الوراء، ولنعيد قراءة تقرير هيئة الأركان المشتركة عندما كان ترومان يحاول اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيعترف بدولة إسرائيل، في عام 1947 ـ 1948، وماذا يتعين عليه أن يفعل حينئذ حيال السياسة الأميركية. وكان رد هيئة الأركان المشتركة “لا” بملء أفواههم، على أساس أنه كان هناك 400 مليون عربي ونحو 3 ملايين إسرائيلي في ذلك الوقت، من بين أشياء أخرى.
“يا إلهي، كم كان هذا التقرير استشرافيا. حسنا، لقد أصبح حقيقة. وأصبحت إسرائيل الآن عبئا استراتيجيا ثقيلا على الولايات المتحدة. الجانب الإيجابي الاستراتيجي الوحيد فيما يتعلق بإسرائيل هو علاقتنا، بمعنى أن هناك يهودا أميركيين كثرا، وهناك الكثير من الروابط والعلاقات مع إسرائيل. هذا هو الجانب الإيجابي الوحيد في علاقتنا، أما ما عداه فهو سلبي”.
سيأخذون الولايات المتحدة إلى “هرمجدون”:
“يمكنك القول إن إسرائيل هي الدولة الأكثر احتمالا في العالم التي ستأخذ بالولايات المتحدة إلى هرمجدون. أستطيع أن أرسم لكم جميع الطرائق التي يمكننا من خلالها القيام بذلك، وجميع الطرق التي ستؤدي بنا إلى هناك.
“إحدى هذه الطرق هي حقيقة أنه على مدى 40 عاما، قال الجيش ’لا تطلبوا منا بناء قاعدة في إسرائيل. لا تطلبوا منا ذلك مطقا؛ لن نمتثل لهذا الطلب. حسنا، لقد أنشأنا قاعدة في إسرائيل. توجد قاعدة في إسرائيل ملء السمع والبصر الآن. وحزب الله يستهدفها بصواريخه، ويصيبها.. خمنوا ماذا، الولايات المتحدة مع إسرائيل عندما تذهب للحرب ضد كل هؤلاء العرب، وربما نصف العالم مجتمعين. ليست صفقة جيدة، ليست كذلك على الإطلاق”.
نحن بحاجة إلى أن نكبح جماح إسرائيل، لكننا لن نفعل:
“نعم، يجب كبح جماح إسرائيل، وأن يقال لها بعبارات لا تحتمل التأويل أنها ستتغير، وسيتم ذلك بسهولة وسلاسة وفعالية، أو.. فإن عليها أن تعد العدة للرحيل؛ لكن هذا لن يحدث”.
فيما يلي القليل عن خطط المحافظين الجدد. سأل بريان جارفي من منظمة “Mass Peace Action” ويلكرسون عن تصريح جوشوا لانديس بأن سياسة الولايات المتحدة في سوريا كانت تقوم على “خلق مستنقع لروسيا وإيران”، وجاءت إجابة ويلكرسون كما يلي:
“أظن أن الأمر أسوأ مما تظن. أعتقد أن خطة المحافظين الجدد في هذه البلد، والتي انضم إليها أفراد من شاكلة ريتشارد تشيني ودونالد رامسفيد وآخرون، كانت تقوم على إشعال النار في بلاد الشام من أجل إبقاء أعداء إسرائيل في حالة تناحر لا تنتهي، سواء كان هذا التناحر بين العرب والفرس، أو بين العرب بعضهم البعض، أو أيا كانت أطرافه، بحيث يضمن ذلك عدم قدرتهم على الاندماج، أو التوحد، أو إثارة أي مشكلات من أي نوع لإسرائيل، سواء على الصعيد العسكري أو غيره. أعتقد أن هذه كانت خطتهم بالكامل. لا أقول إن الجميع كانوا مدفوعين بهذا الهدف. كان ثم أهداف أخرى أدت، على سبيل المثال إلى غزو العراق.
رأيت خططا في البنتاجون لمواصلة الزحف فيما وراء العراق. لقد اعتقدوا أن العراق ستسقط في 55 يوما، أو أقل. وكانت سوريا هي المحطة التالية، وبعدها أيا كان ما تصادف أن يكون الهدف الملائم للفرصة السانحة؛ ربما إيران، أو أي دولة أخرى في الشام. المهم أن تبقى المنطقة تحت لظى نار الصراعات، ومن ثم تبقى إسرائيل بدورها في أمان.
“تم الكشف عن جزء من هذه الأجندة بناء على توصيات سياسية من ثلاثة من المحافظين الجدد لنتنياهو في عام 1996”.