توقع الكثيرون ألا ينجح الجزء السادس من مسلسل “الكبير أوى” هذا العام، في ظل غياب نجمة كبيرة لها حضور طاغ ومؤثر على الشاشة، مثل دنيا سمير غانم، التي كانت تلعب دور “هدية” زوجة الكبير في الأجزاء السابقة؛ لكن المفاجأة أن هذا الجزء تحديدا حقق ناجحا كبيرا إلي حد أن تطورات أحداثه المختلفة؛ باتت الشغل الشاغل لأغلب المصريين المتابعين للدراما الرمضانية. أما “مربوحة” الزوجة الجديدة للكبير، فإنها نجحت في رسم بسمة مضاعفة على الوجوه، كما نجحت بفضل أدائها المتقن في تصدر التريند أكثر من مرة.
لا يأتي النجاح أبدا مصادفة، ولايكفي وجود نجم كبير أو أكثر لضمان نسب مشاهدة كبيرة، للعمل الفني، فللأبداع خلطته السحرية ووصفته المجربة التي لا يمكن أن يضل من يعتمد عليها، وهي تقوم بالأساس على احترام عقلية المشاهد، وبذل كل غال ونفيس من أجل خطب وده، بوصفه الحكم الأول والأخير على العمل، وهو وحده المُخَوّل بالتوقيع على شهادة نجاح مسلسل، وإخفاق آخر.. وأظن أن هذا بالضبط ما أدركه جيدا أحمد مكي وبقية فريق العمل.
أغلب الظن أن فريق عمل “الكبير أوى” وعى الدرس جيدا، ولم يتكئ على رصيد نجاح الأجزاء الخمسة السابقة، بوصفها “شيكا على بياض” يضمن لهم رضا المشاهدين مسبقا. فالجمهور المصري بطبعه ملول، وينتظر دوما الجديد، ويعلم جيدا أنه وحدة السيد الذى يملك دفة الأمور، في ظل وجود الريموت كنترول في يده، ما يتيح له التنقل بين مئات القنوات الفضائية، ناهيك عن عدد من المنصات مدفوعة الأجر، والتي تذيع بعضا من الأعمال الحصرية.
لم يركن أحمد مكي إلى ما قدمه، في الحلقات السابقة من المسلسل الكوميدي، والتي أذيعت خلال السنوات الماضية، واختار أن يبحث في نفسه عن جديد يطل به على جمهوره؛ بعد أن برع في تقديم أكثر من شخصية؛ لعبت جميعها أدورا محورية في العمل.
من الواضح أن مكي داخل في منافسة شرسة مع نفسه –قبل أي شخص آخر– حتى ينتزع الضحكة من المشاهد، ونجح في ذلك عبر عدد كبير من “لزماته” و”إفيهاته” القديمة والمتجددة ولم يظل واقفا عند حدود “جزرة وقطمها جحش”.
لم يكن التحدى سهلا بالطبع؛ فالجزء السادس يأتي بعد خمس سنوات تقريبا، مرت على إذاعة خامس أجزاء العمل، ولكن الحقيقة أن المسلسل منذ إذاعة الحلقة الأولي من الجزء السادس؛ استطاع أن يكسب ثقة المشاهد، الذى وجد فيه وجبة كوميدية دسمة؛ تخلو من أي إسفاف يتنافى مع روح الشهر الفضيل.
يبدو تسلسل الأحداث منطقيا ومشوقا ومتصاعدا، في كل حلقة من حلقات المسلسل بعيدا عن المط أو الإطالة، كما أن السيناريو جاء محكما.
والحقيقة أن الموهبة الاستثنائية لأحمد مكي الذى يجسد شخصيات “حزلقوم” و”جوني” و”الكبير” قد لعبت الدور الأبرز في نجاح هذا العمل، ولكن في الوقت نفسه يحسب لمكي وفريق العمل ظهور عدد كبير من الشخصيات التي لم تكن موجودة في الأجزاء السابقة، والتي أضافت للمسلسل زخما كبيرا، من بينها “الكبيرة” ونجليه “العترة وجوني”.
تبقي “مربوحة” الزوجة الجديدة للكبير –أدت الدور الفنانة الصاعدة رحمة أحمد– الحصان الأسود في الجزء السادس من المسلسل؛ فلقد صارت حديث كل بيت في مصر، بملابسها غريبة الشكل “مثل التايجر والزي الكهربائى” وأدائها القوي بالغ التميز والعفوية الذ مكنها من أن تعويض غياب دنيا سمير غانم، والتي ذهبت توقعات كثيرة إلا أن المسلسل في غيابها لن يكتب له النجاح.
على مستوى الأفكار تبدو فكرة لعبة “السبيط” جد مثيرة ومختلفة، فقد كنا جميعا نتساءل بشعف عمن يقف خلف تلك اللعبة، بينما كنا نحبس أنفاسنا، ونحن نتابع مصير أبطال العمل، وهم محاطون بأولئك الملثمون الغرباء، قبل أن نكتشف أن “الكبيرة” و”جوني” هما من يديران المشهد بأكمله من وراء ستار، بعد أن لاحظوا فتورا في علاقة الكبير بزوجته الجديدة “مربوحة”.
أفضل ما في “الكبير أوى” هذا العام أنه لايكرر نفسه، حيث سعى القائمون على العمل عبر عدد من الأفكار المختلفة إلى تقديم الجديد، وهو ما تمكنوا منه باقتدار؛ حتى الآن ومازال الجمهور متلهفا لمعرفة ما سيحمله العمل من مفاجأت خلال الحلقات القادمة.