مطلع الشهر أنهت بعثة صندوق النقد الدولي عملها في مصر فيما يخص إنجاز المراجعتين المؤجلتين من العام الماضي للبرنامج التمويلي المتفق عليه نهاية 2022، الذي تتلقى مصر بموجبه 3 مليارات دولار، تُصرف على شرائح خلال فترة46 شهرا، صرفت منه مصر الشريحة الأولى فقط، 347 مليون دولار.
ومن المتوقع أن تُقرر زيادة ذات “حجم كبير”، بحسب تصريح لمديرة الصندوق التي عللت ذلك بمحاولة الصندوق تقديم الدعم اللازم لمصر؛ لسد فجوة التمويل المتزايدة في البلاد.
الزيادة المرتقبة التي تحدثت عنها غورغييفا، لن يتحملها الصندوق وحده؛ بل ستكون مع شركاء قد يصلون بالمبلغ إلى 10 مليارات دولار بحسب بلومبرغ.
كانت عوامل عدة قد ساهمت بشكل غير مسبوق في تفاقم الأزمة المتعلقة بشح الدولار بعد خروج نحوٍ من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة من مصر، عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل عامين، وكانت مصر مازالت تعاني من تبعات الإجراءات المتعلقة بانتشار وباء (COVID-19).
كما شهد العام الماضي انخفاض تحويلات المصريين بالخارج بنسبة بلغت 30.8 %، وقد عزا البعض ذلك إلى عدم استقرار سعر الصرف الذي بلغ في السوق الموازية ضعف السعر الرسمي.. ثم كانت الحرب الإجرامية الصهيونية على قطاع غزّة والتي مضى ثلث شهرها الخامس- سببا مباشر في تراجع عائدات السياحة المصرية التي توقعت وكالة فيتش أن تنخفض إلى 11 مليار دولار خلال العام المالي الحالي في حال استمرار الحرب.
كما تراجعت إيرادات قناة السويس مطلع العام الجاري مسجلة انخفاضا بنسبة 46% لتصل إلى 428 مليون دولار مقارنة بإيرادات قدرها 804ملايين دولار خلال الفترة المماثلة من العام الماضي؛ بسبب انخفاض أعداد السفن المارة من القناة بنسبة 36% لتصل إلى 1362 سفينة؛ جرّاء منع جماعة أنصار الله، مرور سفن الكيان الغاصب، والدول المتحالفة معه من مضيق باب المندب.
كانت غورغييفا قد صرّحت بأن “المطلوب من مصر الالتزام ببعض الأمور، من ضمنها جدولة المشاريع الكبرى قيد الإنجاز.. والمُضي قُدما في برنامج الطروحات الحكومية” وأضافت “نحن نريد أن تبيع مصر في الوقت المناسب، ولا نرغب بأن تتسرع الحكومة في بيع حصص بشركات حكومية، في ظل الظروف الحالية”. ومن المعروف أن مصر كانت قد جمعت حوالي 3.1 مليار دولار منذ مارس 2023، عندما أطلقت برنامج طروحات الشركات الحكومية وحتى الآن، ونحوا من 2.5 مليار دولار عبر التخارج من أصول حكومية خلال العام قبل الماضي. وبخصوص العملة المحلية أفادت بأن “الحديث مع مصر تعلّق بسعر صرف مرن و”ليس تعويما”.
كان بنك سوسيتيه جنرال ودويتشه بنك قد توقعا أن تسمح مصر لسعر الصرف بالتراجع إلى نطاق 40-45 جنيها للدولار، مع الحذر الشديد من تصاعد معدلات التضخم التي تراجعت خلال يناير على أساس سنوي لتصل إلى 29.8%، وزادت على أساس شهري إلى 1.6% مقارنة بـ 1.4% في ديسمبر. وقد شهدت أسعار السلع الغذائية ارتفاعات كبيرة، مع تناقص بعضها بسبب تقليص الاستيراد مع شح الدولار.. مع اقتراب حلول شهر رمضان المعظم.
كان موقع الشرق بلومبرغ قد أشار في الثامن من فبراير الجاري إلى أن أبوظبي تجري محادثات متقدمة لشراء وتطوير أرض “رأس الحكمة” المتميزة على الساحل الشمالي لمصر، كما أفادت مصادر أن التقدير الأولي لإجمالي المشروع قد يبلغ نحوا من 22 مليار دولار، وقد ساهمت الأنباء -غير المؤكدة- المتعلقة بالمشروع في تراجع سعر الدولار الذي وصل إلى70 جنيها في السوق الموازية إلى أقل من 60 جنيها، تزامنا مع إعلان طلعت مصطفى القابضة عن أن مشروعات قيد الدراسة قد تقيمها الشركة بالساحل الشمالي، عقب استلام المجموعة لمساحة تقدر بنحو من 5540 فدانا في المنطقة المشار إليها.
مع الولاية الجديدة للرئيس السيسي يتطلع المصريون إلى انفراجة اقتصادية طال انتظارها، بعد وصول معدل الفقر إلى 33.3% قد تصل إلى % 36بحلول العام القادم حسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وهو ما يعني مزيدا من الضغوط والأعباء على الأسرة المصرية، ربما لن تجدي معها كثيرا حزم الحماية الاجتماعية التي أقرتها الحكومة خلال فبراير الجاري.. والتي قُدرت بما يعادل 7.75 مليار دولار، ستموّل بالكامل من الموازنة العامة.. بحسب تصريح سابق لوزير المالية.