وصل الدولار الأمريكي في البنوك المصرية – أمس الخميس- إلى ما يزيد عن الـ 50 جنيها مصريا، لأول مرة.. وكان رئيس الوزراء المصري، قد ألمح قبل أيام أن سعر الصرف ربما يشهد انخفاضا أو ارتفاعا بنسبة 5%.
قبل تسعة أشهر.. سمحت مصر لعملتها بالتراجع بنسبة 40% بعد أن وصل سعر الدولار في السوق الموازية إلى معدلات غير مسبوقة.. الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة ساهمت بتوحيد سعر الصرف، وإعادة زمام الأمور للسوق الرسمي.
أسهم توحيد سعر الصرف بدوره في زيادة الحصيلة الدولارية من تحويلات المصريين العاملين بالخارج؛ ما سيقلّص من عجز الحساب الجاري لمصر إلى 4.8% في السنة المالية الجارية، من 6.8% في العام السابق، حسب تقرير لشركة فيتش سوليوشنز.
وتوقعت الشركة أن تصل قيمة التحويلات هذا العام إلى 28.7 مليار دولار، مقابل 21.9 مليار دولار في العام المالي السابق، ما يمثل زيادة بنحو 31% على أساس سنوي.
وتعتبر مصر من أعلى دول العالم تحصيلا لتحويلات العملات الأجنبية من مواطنيها العاملين بالخارج، والذي يقدر عددهم بحوالي 14 مليون مواطن، يعمل معظمهم بمنطقة الخليج العربي. وقد بلغ مجموع تحويلات المصريين بالخارج عام 2023، حوالي 24 مليار دولار.. من المعروف أن عجز الحساب الجاري في الاحتياطيات الأجنبية من الممكن أن يتسع في الفترة القادمة؛ لأنه يعتمد بنسبة 80% على المحافظ المالية.. وهي أحد مصادر التمويل غير المستقرة.
مرونة سعر الصرف.. هي أحد أهم اشتراطات صندوق النقد، الذي يستعد حاليا لإجراء مراجعته الرابعة لبرنامج تمويل مصر، ويترتب على تلك المراجعة صرف شريحة، بقيمة 1.3 مليار دولار من قرض الصندوق، وتُعد الشريحة الأكبر بين مختلف الشرائح.
في الوقت ذاته.. انتقدت إدارة الرقابة الداخلية لصندوق النقد الدولي، عملية منح القروض الكبيرة بشكل استثنائي، لمقترضين يعانون أزمات اقتصادية شديدة مثل: الأرجنتين ومصر.
وأشار التقرير الرقابي، الذي تناول بالدراسة عمليات الإقراض خلال العقدين الماضيين، إلى أن العمليات افتقدت إلى الاتساق وتطبيق المعايير الموحَّدة على الجميع، وقد شاب عمليات الإقراض تغيير الاشتراطات؛ لتناسب ظروف الدول المقترضة!
في ذات السياق.. استجابت الحكومة المصرية لشروط الصندوق بشأن تسريع وتيرة برنامج الطروحات، فبحسب تصريحات لرئيس الوزراء أدلى بها الأربعاء الماضي- ستعلن الحكومة الأسبوع المقبل، تفاصيل خطة طرح 4 شركات تابعة للجيش في البورصة المحلية.
كانت مصر قد تلقت 7 عروض عالمية؛ للاستحواذ على أسهم الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية) حسب تصريح لوزيرة التخطيط السابقة.
وتمتلك “وطنية” نحو 255 محطة خدمة ووقود سيارات، ولديها 20 محطة تحت الإنشاء، و25 محطة في مرحلة التخطيط، والشركة مملوكة بالكامل لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة. ستطرح الحكومة أيضا للبيع، شركة الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية (صافي) وهي شركة مملوكة لنفس الجهاز.
برنامج الطروحات (بيع أصول الدولة) الذي انطلق في الربع الأول من العام الماضي، طرحَ حصصا في 40 شركة وبنكا موزعة على 18 قطاعا. وكان من المفترض أن ينتهي البرنامج بحلول مارس 2024، لكن جرى تمديده إلى ديسمبر 2024. وتستهدف مصر من البرنامج تحقيق عوائد تصل إلى 6.5 مليار دولار، بنهاية العام الجاري.
على صعيد آخر -وكعادتها في اختيار هذا التوقيت- رفعت الحكومة مساء أمس الخميس أسعار باقات الإنترنت والاتصالات. بنحو 31% للإنترنت المنزلي و32% لكروت الشحن اعتبارا من اليوم الجمعة.
ستتراوح أسعار خدمات الإنترنت الجديدة -غير شاملة ضريبة القيمة المضافة- بين 210 جنيهات لسرعة 140 غيغا بايت بدلا من 160 جنيها، و1360 جنيها لسرعة 1 تيرا بايت وكانت 1050 جنيها. أما أسعار كروت الشحن الجديدة فستكون-غير شاملة ضريبة القيمة المضافة- بين 13 جنيها و38 جنيها بدلا من 10 جنيهات و29 جنيها على التوالي.
ما تزال الحكومة على نهجها القديم، في تحميل الطبقات محدودة الدخل، فاتورة برنامجها للإصلاح، والذي تتعثر خطواته مرارا؛ دون ظهور أي آثار إيجابية له؛ وتعزو الحكومة -دائما- ذلك الإخفاق إلى الظروف الدولية والإقليمية المضطربة؛ ما يزيد الأعباء دائما على كاهل البسطاء، الذين لا يملكون سوى التندر على مبررات الحكومة، في زيادة معدلات التضخم؛ برفع أسعار السلع والخدمات عدة مرات في العام الواحد؛ غير مستبعدين أن تكون حرائق الغابات في كاليفورنيا خلال الصيف المنقضي هي أحد أهم أسباب ذلك!