يبدو أن عام 2018 هو عام انتهاك بيانات مستخدمي فيسبوك، فبعد الكشف عن فضيحة اختراق شركة “كامبريدج أنالتيكا” لبيانات ما يصل إلى 87 مليون من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي الأشهر، أواخر مارس الماضي، من خلال تطبيق وسيط لمساعدة “ترامب” في الفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2016، أعلن مؤسس موقع فيسبوك “مارك زوكربيرغ” الأسبوع الماضي عن اختراق جديد لبيانات ما يزيد عن 50 مليون مستخدم، ما يطرح مجددًا تساؤلات حول الخصوصية ووسائل حماية البيانات الشخصية.
مارك زوكربيرغ
ماذا حدث؟
استغل متسللون وجود ثلاثة عيوب برمجية في أنظمة فيسبوك لاختراق حسابات ملايين المستخدمين، بما في ذلك “مارك زوكربيرغ” نفسه. أول عيبين ارتبطا بخاصية “عرض باسم” التي تسمح للمستخدمين بالتحقق من المعلومات التي يمكن للأشخاص الآخرين رؤيتها لديهم، وهي خاصية تم تصميمها بالأساس لمنح المستخدمين إمكانية التحكم في خصوصيتهم بشكل أفضل.
أما العيب الثالث فارتبط بأداة تحميل مقاطع الفيديو المصورة الخاصة بأعياد الميلاد بطريقة أسهل، وهي ميزة برمجية طرحها الموقع في شهر يوليو عام 2017، وهو التاريخ الذي على الأرجح وقع فيه الهجوم، وكانت تلك الأداة هي الثغرة الأكبر التي سمحت للمخترقين بالاستيلاء على أكواد خاصة بتسجيل دخول ملايين من جمهور الفيسبوك.
كما تم رصد إعلانات لبيع بيانات مستخدمي فيسبوك مقابل 3.90 دولار فقط، قبيل الكشف عن الاختراق الأخير، وذلك من خلال ما يعرف بالدارك ويب، وهو الإنترنت المظلم الذي يصعب الدخول إليه، والذي غالبًا ما يستخدمه المجرمون لشراء المخدرات والبيانات الشخصية المسروقة والمستندات المزورة وغيرها من الأنشطة غير الشرعية.
والأخطر أنه يمكن التلاعب بالبيانات لتوجيه الناس سياسيًا كما حدث في فضيحة الحملة الانتخابية لترامب، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى القتل، مثلما تسبب انتشار شائعات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي في قتل العديد من البشر في دول مثل ميانمار و الهند، فضلًا عن عمليات الابتزاز والتهديد وأحيانًا السرقة التي يتعرض لها أصحاب الحسابات المخترقة.
مراوغات فيسبوك
اعتذر “زوكربيرغ” في وقت سابق من هذا العام عن تسريب بيانات المستخدمين في فضيحة “كامبريدج أنالتيكا” أثناء جلسات الاستماع أمام الكونغرس الأمريكي، ووعد بأن يبذل قصارى جهده لإصلاح الثغرات المتعلقة بالخصوصية و الأمان وحماية البيانات الشخصية، ولكن يبدو أنه لم يلتزم تماما بوعده، فالأزمة الأخيرة أكبر من سابقتها ولم يمر سوى ستة أشهر فقط.
تم تسجيل الخروج تلقائيًا من الـ 50 مليون حساب، إضافة إلى 40 مليون آخرين كانوا معرضين للاختراق كإجراء احترازي، وأعلن القائمون على فيسبوك أنه تم التعامل مع نقاط الضعف وإصلاحها وإبلاغ مسئولي إنفاذ القانون بذلك، إلا أن هوية المخترقين لا تزال مجهولة، كما أن حجم الهجوم وتفاصيله تبقى غامضة، حيث لا تزال التحقيقات في مراحلها الأولى.
هذه التطورات الخطيرة دفعت أعضاء في الكونغرس إلى مطالبة الإدارة الأمريكية بالتدخل، طالما يبدو الموقع غير قادر على حماية خصوصية بيانات مستخدميه، وبعد الإعلان عن الاختراق الأخير يوم الجمعة الماضي تصاعدت تلك الأصوات المطالبة بوضع المزيد من الرقابة على فيسبوك، خاصة بعد تعدي الأمر اختراق خصوصية الأفراد إلى ما مخاطر قد يهدد اقتصاد وأمن دول بالكامل.
وكان الاتحاد الأوروبي قد بادر في مايو الماضي إلى إصدار “اللائحة العامة لحماية البيانات”، فيما يعد أول اختبار لمدى فعالية القانون الذي بموجبه يتم فرض غرامات تعادل نسبة 4% من المبيعات العالمية السنوية للشركات التي يصدر عنها انتهاكات خطيرة، وفي حالة فيسبوك قد يصل هذا إلى أكثر من 1.6 مليار دولار على أساس إيرادات عام 2017.
إنذار بالخطر
إذا تم تسجيل خروجك من الموقع تلقائيًا، فهذا يعني أنك واحد من ضحايا الاختراق، وبالتالي من الأفضل أن تغير كلمة السر الخاصة بك، وتتأكد من الأجهزة المسجلة في قائمة الخصوصية والإعدادات، وإذا وجدت أي جهاز غريب قم بتسجيل الخروج منه على الفور.
أما إذا كان حسابك على “فيسبوك” مرتبطا بأي موقع آخر مثل “إنستجرام” أو “بنترست” وغيرها، فعلى الأرجح أنه تم اختراقك في تلك المواقع أيضًا، لذا فمن الأفضل أن تغير كلمة السر الخاصة بك في تلك المواقع، وبشكل عام يجب توخي الحذر في نشر بياناتك الشخصية الخاصة مثل المعلومات البنكية والعناوين الشخصية .. إلخ.
يبدو هذا الاختراق الأخير كتذكير لنا جميعًا بأنه من الصعب تأمين نظام يحتوي على أكثر من 2.2 مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم، ويتصل بالآلاف من الخدمات الوسيطة، وبالتالي يتعين على الجميع الحرص في استخدام تلك المواقع وعدم كشف بيانات يمكنها أن تهدد سلامتهم الشخصية أو تخترق خصوصياتهم حال الاستمرار في استخدامها، في حين ذهب آخرون إلى الدعوة إلى إلغاء حسابات فيسبوك نهائيًا.