رحل «محمود مسعود» فى صمت بعد رحلة فنيه لا تليق بموهبته الكبيرة، رحلة تميزت بالحضور والغياب والإشتباك مع واقع مرير وحسابات معقدة و بعيدة عن الفن ولا تحكمها معايير الموهبة
قدم «مسعود» عددا من الأعمال الفنيه فى المسرح والتلفزيون والسينما وأطل بملامحه المصرية العذبه وآدائه المنساب والمتدفق ليمثل خطرا حقيقيا على عدد كبير من نجوم الصف الأول مما خلق حاله عدائيه تجاهه ووقفت الشلليه في طريق «مسعود» فضج بها وعبر عن ذلك صراحة فى أكثر من لقاء.
كما امتلك الجراة دوما فى التعبير عن مواقفه السياسية فى مختلف المراحل مستعينا يثقافة رفيعه ورؤية عميقة لكل مراحل مصر.
ولد محمود مسعود 3 سبتمبر 1952 وبدات علاقته بالفن منذ طفولته وشارك فى عروض فنيه على مسرح مدرسة محمد على الإعداديه كما شارك فى الأنشطة الفنيه بالمدرسة الثانوية وتوجه إلى المعهد العالى للفنون المسرحيه.
وقدم خلال اختبار القبول بالمسرح قصيدة الشاعر «أحمد فؤاد نجم» الشهيرة «كلب الست» وعندما سأله المخرج الكبير «سعد أردش» عضو لجنه التحكيم عن مؤلف القصيدة فرد عليه «مسعود» بأن صاحبها فى المعتقل فابتسم «أردش» وقررت اللجنة قبوله فى المعهد.
الفنان سعد أردش
وخلال تلك المرحلة عمل فى عدة أعمال مسرحيه واقترب أكثر من الوسط الفنى وبدات تتشكل قناعاته وشعور متزايد بالمرارة نتيجة سيطرة الشلليه على مجريات الأمور والإختيارات فى عدد كبير من الأعمال.
بعد تخرجه من المعهد العالى للفنون المسرحيه عمل مع المخرج الكبير سمير العصفورى فى مسرح الطليعه وقدم عددا من العروض من بينها «مولد الملك معروف» التى قدمته للجمهور بشكل جيد وتوالت بعد ذلك العروض المسرحيه على خشبة مسرح الطليعة.
وبعد ذلك توجه «مسعود» إلى الشاشة الصغيرة حيث قدم أول عمل له فى عام 1979 مع المخرج محمد فاضل وهو مسلسل «علياء والمدينة» من بطولة أحمد مظهر ونورا وفى نفس العام يقدم مع المخرج «ابراهيم الصحن» مسلسل «زيارة وديه» وتتوالى أعمال «مسعود» الدراميه التى تنبئ أننا أمام موهبة واعدة تتوافر فيها كل عوامل النجاح والشهرة والتحقق من بينها «أيوب البحر» واللقاء الثانى ومشاركته في مسلسل غدا تشرق الشمس.
ومشاركته بدور مميز في مسلسل «واحة الغروب» مع المخرجة «كامله أبو زكرى» والذي يؤكد حجم موهبته ونضجه الكبير.
لكن يبدو أن النبوءة كان أمامها العديد من التحديات… تلك التحديات التى شعر بها هو نفسه منذ البدايات بأن «الموهبة وحدها لاتكفى» فى ظل سيطرة مناخ المجامله وحسابات المصالح.
خاض «مسعود» تجارب سينمائية عديدة ولعب بطولة بعض الأفلام لكنها لم تتوفر بها عوامل النجاح حيث قدم «الداهيه» و «ليل وليالى» و «ضاع الطريق» كما شارك فى عدد كبير من الأعمال الناجحة مثل «حب فى الزنزان» و «إمراة آيله للسقوط» و «أيام الماء والملح» وشارك «ناديه الجندى بطولة فيلم» بيت الكوامل.
https://youtu.be/0X-EeeDhK1g
مشهد من فيلم بيت الكوامل
شهدت مسيرة «محمود مسعود» فترات غياب وعزلة طويلة امتدت لسنوات فقد عرفه الجمهور فى بداياته وحقق نجاحا ملحوظا ثم اختفى ليعود رجلا عجوزا وبين تلك المرحلتين كان «مسعود» يعبر دوما عن غضبه من المناخ الذى يسيطر على الساحة الفنيه وعبر عن رؤيته للدراما الحاليه قائلا «الدراما المصرية مرتبطة بالحالة الاجتماعية والحالة السياسية والحالة الأقتصادية، ونحن كعرب كلنا يجب أن نعيد ونقيم أمور كثيرة منها عندنا مقولة نقولها دائما الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية، ولكن مع شديد الأسف أصبح من يخالفك الرأي يعتبر عدو لك، وعمرنا ما هنستعملها مهما بلغت ثقافتن».
عرف «محمود مسعود» بثقافته العاليه ومواقفه المعلنه الصريحة سواء فى الفن أو الساسية ولعل موقفه من نظام حكم «حسنى مبارك» ورفضه لحكم الإخوان كانا أبرز مواقفه وأهمها
فقد امتلك دوما جرأة الإفصاح عما بداخله بغض النظر عن أى حسابات وأثناء ثورة يناير كان له تصريح حول حكم مبارك قال فيه: «أنا واحد من الناس عاصرت عبدالناصر والسادات ومبارك، ولكن طبعًا كان أصعبهم مبارك، لأنه كان أجرأ حاكم على شعبه، وهاجم المصريين من أول خطبة وقال (أنتم بتأكلوا كتير وبتنجبوا كثير)، رغم أن العدد الكبير مفخرة الشعوب»
عبدالناصر والسادات ومبارك
كما أعلن تحفظه على ما شهدته مصر فى أعقاب الثورة من احتجاجات فئوية وقال قى أحاديث صحفيه «منطق غريب جدًّا أصبح موجودا داخل كل مواطن مصرى وهو أي شيء تريد تمريره اعمل دوشة حتى تحل المشكلة، للأسف فهمنا للثورات خاطئ، ورغم إن الثورة مش جديدة على الشعب المصرى».
الفنان محمود مسعود يلقي قصيدة «على اسم مصر»
كما أنه كان من أشد المعارضين لحكم محمد مرسى وجماعة الإخوان وأعلن موقفه فى تصريحات صحفيه عن مرسى خلال الإنتخابات الرئاسية «هو أسوأ بكثير من شخصية مبارك، مع مبارك كنا بنتعامل مع دماغ واحدة عارفين حدودها وحدود شرها، أما مرسى بينه وبين المرشد عهد، ودا قسم بيقسموه أن يكون مخلصا للمرشد، ولذلك لا يمكن أن نصدق أن مرسى سيخرج من عباءة الإخوان»
الفنان محمود مسعود من فيلم الليلة الكبيرة
مجهود رائع تحمد عليه وبالفعل كان فنان محترم مقل في اعماله والان عرفنا السبب
رحم الله الفنان محمود مسعود