فن

شون كونري يودعكم.. آخر ملوك اسكتلندا يصعد للسماء 

في هدوء تام وبعيداً عن الأضواء٫ رحل الممثل الاسكتلندي شون كونري عن عمر ناهز التسعين عاماً بعد مسيرة فنية وإبداعيه حافلة على الشاشه الفضية استمرت نحو نصف قرن.

بدأ الممثل المخضرم المولود في مدينة أدنبره مسيرته مع السينما في خمسينات القرن العشرين من خلال دور صغير في فيلم قصير بعنوان “سايمون” عام ١٩٥٤ ورغم خلفيته المسرحية إلا انه استمر في تقديم عدد من الأدوار الصغيرة حتى أتته فرصة للتألق عام ١٩٦٠.

وكان ذلك من خلال المسلسل التلفزيوني “عصر الملوك” والذي أفاد فيه كونري من خبرته في المسرح الشكسبيري؛ حيث كان المسلسل بمثابة تجميع لمسرحيات شكسبير التاريخية في شكل دراما تلفزيونية.

وعلى الشاشة الصغيرة ايضاً٫ قدم كونري عام ١٩٦١ ومن خلال فيلم تلفزيوني أحد أحب شخصيات شكسبير إلى نفسه وهو “ماكبث” خاصة أن مسرح الأحداث في هذه المسرحية التراجيدية هي اسكتلندا٫ مسقط رأس كونري.

أهلت هذه الأعمال كونري لدوره الأشهر على الإطلاق٫ حيث كان أول من جسد شخصية جيمس بوند٫ العميل البريطاني الذي صاغ شخصيته المؤلف إيان فليمنج الذي يحمل الرقم “٠٠٧” والذي يخوض مغامرات مشوقة حول العالم لخدمة بلاده وملكته.

بدأ مشوار كونري مع بوند في فيلم “دكتور نو” عام ١٩٦٢ والذي أكسبه شعبية حول العالم مع لكنته الاسكتلندية المميزة ووسامته الرجولية ومغامراته النسائية مع حسناوات من جنسيات مختلفة.

ثم توالت أفلام بوند التي لعب كونري دور البطولة فيها مثل “من روسيا مع محبتي” و”الرجل ذو الأصابع الذهبيه” وغيرها.

وكما برع كونري في أداء دور رجل إنجليزي٫ فقد قدم دور العربي عام ١٩٧٦ من خلال فيلم “الرجل التالي” حيث جسد دور دبلوماسي يسعى لإحلال السلام بين العرب والصهاينة.

ومع مطلع الثمانينات ومع تجاوزه سن الخمسين٫ قرر كونري العودة من جديد لتجسيد شخصية بوند من خلال فيلم “لا تقل ابداً ثانية” عام ١٩٨٣ ومن المدهش أن كونري نجح في تقديم مشاهد الإثارة والمعارك بشكل مقنع بالرغم من تقدمه في العمر.

ومع حلول التسعينات٫ ارتبط اسم كونري بأفلام الإثارة من ناحية ومن ناحية أخرى بتقديم شخصيات تتميز بالسلطويه والجاذبية مثل دوره في فيلم “ذا هانت فور ريد أكتوبر” عام ١٩٩٠ والذي يروي القصة الحقيقية لقبطان غواصة سوفيتية يقرر مخالفة أوامر قيادته والتوجه بالغواصة إلى المياه الإقليمية الامريكية.

كما قدم كونري في تلك الفترة أدواراً درامية ابرزت قدراته كممثل ذي ثقل بعيداً عن شخصية بوند وعن مشاهد الحركة مثل دوره في فيلم “المعالج” عام ١٩٩٢ كطبيب يسعى لإيجاد علاج لمرض الإيدز أو تجسيده المميز لشخصية الملك آرثر الأسطوريه في فيلم “الفارس الاول” عام ١٩٩٥.

وفي نفس العام قدم كونري الفيلم المميز “الصخرة” الذي جمع الإثارة والسياسة٫ حيث جسد كونري دور عميل بريطاني يسجن دون محاكمة في سجن الكاتراز الأمريكي بسبب حصوله على معلومات خطيرة٫ إلا أن اقتحام مسلحين للسجن واحتجازهم رهائن هناك يفرض على السلطات الأمريكية التعاون مع هذا السجين لتنظيم عملية اقتحام للسجن وتحرير الرهائن.

أما دوره في فيلم “فايندنج فوستر” عام ٢٠٠٠ فيعد أحد أكثر أدواره تميزاً حيث يلعب دور كاتب آثر العزلة والبعد عن الآخرين الى ان يكسر عزلته شاب طموح يسعى لأن يكون كاتباً مثله.

وفي عام ٢٠٠٦ وخلال تسلمه جائزة معهد الفيلم الأمريكي عن مجمل أعماله أكد كونري أنه قرر اعتزال التمثيل إلا أن هذا القرار لم يمنعه من المشاركة بصوته المميز في أداء التعليق الصوتي لعدد من الأفلام التسجيلية المميزة.

أما على الصعيد السياسي٫ فكان كونري لسنوات من أبرز المدافعين عن استقلال اسكتلندا وكان منتمياً للحزب الوطني الاسكتلندي المعروف بمناداته باستقلال البلاد عن العرش البريطاني.

وبرحيل كونري٫ تفقد اسكتلندا فناناً كان خير ممثل لها وثقافتها في السينما العالمية على مدار خمسين عاماً.

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock