فن

٧٧ عامًا في مسيرة “عمدة” التمثيل صلاح السعدني 

قال عنه الكاتب الكبير وشقيقه الأكبر محمود السعدني في كتابه المضحكون ” إن صلاح السعدني ممثل موهوب ولابد أن يشق طريقه إلى القمة يومًا، ولقد ورث صلاح السعدني عداء كل السينمائيين بسببي، وأسدلوا عليه ستارًا من الإهمال والنسيان انتقامًا مني، ورغم ذلك ستجده معبود الشباب بين شلة المُضحكين وهو أكثرهم فرصة لقدرته على الإضحاك والقيام بأي دور آخر “

محمود السعدني

بدأ صلاح السعدني مسيرته الفنية في أوائل الستينيات من خلال مسلسل “الضياع” عام 1960 مع المخرج محمد فاضل ثم مسلسل “الضحية” عام 64 مع المخرج نور الدمرداش وبعدها انطلق للسينما حيث شارك في عِدة أعمال مهمة مثل الأرض وأغنية على الممر و الرصاصة لا تزال في جبيبي ثم مسلسل “أبنائي الأعزاء شكرًا” والذي يعتبر نقطة التحول في مشوار السعدني، وفي غضون سنوات قليلة استطاع صلاح أن يشق طريقه نحو القمة والنجومية من خلال موهبته الفطرية وثقافته الكبيرة و ملامحة المصرية و التي كانت جواز مروره لقلوب الجمهور وأيضًا حُسن اختياره لأدواره، ولأنه ينتمي لعائلة ذات خلفية سياسية كبيرة كان لابد وأن تكون للسياسة دورًا في مشواره الفني، في مطلع السبعينيات و تحديدًا مايو 72 بعد أن تعرض محمود السعدني للاعتقال، و من خلال ندوة في الجامعة وجه السعدني النقد للرئيس أنور السادات، ثم صدر قرار في فبراير 73 شمل السعدني و محسنة توفيق ويوسف إدريس وعددًا كبيرًا من الفنانين والصحفيين بمنعهم من العمل ونقلهم إلى هيئة الاستعلامات، وأدى ذلك لتوقفه أو منعه عن العمل لسنوات ثم عاد لمواصلة المشوار في نهاية السبعينيات و حقق نجاحًا كبيرًا حتى تم اعتقاله و منعه من العمل مرة أخرى على خلفية اعتقال شقيقه محمود السعدني، اعتبر التليفزيون وما قدمه من مسلسلات من خلاله تعويضًا عن غيابه عن شاشة السينما التي كان دائمًا يحلم بها وغاب عنها لأسباب خارجه عن إرادته إما بسبب السياسة كما قلنا أو بسبب ما عُرض عليه من أفلام مقاولات رفض العمل بها، وفي هذه الفترة شارك في عدد من المسلسلات في دول الخليج حتى يستطيع إنفاق على زوجته وابنه، ورغم ذلك لم يندم العمدة على موقف اتخذه أو عمل شارك فيه لأن كل ما قدمه كان عن اقتناع تام مهما كانت النتائج.

https://www.youtube.com/watch?v=ykqZfEykGyY

علاقة السعدني بالزعيم عادل إمام كانت منذ مسرح الجامعة بكلية الزراعة فهم أصدقاء العُمر تشاركا في الحلم والرحلة ونفس البداية، بعد التخرج من كلية الزراعة تقدما للعمل في وزارة الزراعة وتم رفدهما معًا في أول يوم عمل، قدما معًا عددًا من المسرحيات في مسرح الجامعة ثم انطلقا سويًا في نفس التوقيت، شارك عادل مع فؤاد المهندس في مسرحية “أنا وهو وهي” من خلال شخصية دسوقي أفندي وشارك السعدني في مسرحية “لوكاندة الفردوس” مع أمين الهنيدي، وانطلقا بعد ذلك كل في مشواره لكن لم تتوقف الصداقة ولا الدعم كلما احتاج أحدهم الآخر، من المصادفات الكثيرة بينهم، أن السعدني شارك في مسرحية زهرة الصبار مع سناء جميل وعبد الرحمن أبو زهرة وعندما تم تحويلها إلى عمل سينمائي “نصف ساعة جواز” لـ شادية و رشدي أباظة شارك عادل إمام في نفس الدور الذي قدمه السعدني على المسرح، مسلسل أرابيسك أحد علامات السعدني التليفزيونية تم كتابته خصيصًا لـ عادل إمام الذي اختلف مع صُناع العمل وانسحب ليذهب بعد ذلك لـ سعيد صالح ثم صلاح السعدني، اشترك السعدني مع عادل إمام في فيلم الغول والذي حصل من خلاله على جائزة أفضل ممثل دور ثانِ.

https://www.youtube.com/watch?v=_d-DObpS8fA

ولعبة الصدفة دورًا كبيرًا في مشوار السعدني كما أن أرابيسك ذهب إليه بعد انسحاب بطله الرئيسي، أيضًا ليالي الحلمية تم ترشيحه لها بعد انسحاب سعيد صالح والتي كانت محطة فارقة وعلامة في مشوار العُمدة اللقب الذي منحه إياه الجمهور بعد تألقه في هذا العمل على مدار خمسة أجزاء، قدم بعدها علامات هامة في تاريخ الدراما العربية ” أرابيسك، الناس في كفر عسكر، حلم الجنوبي، الأصدقاء، أرض الرجال، رجل في زمن العولمة” وأعمال كثيرة باقية في ذاكرة الدراما والجمهور.

هناك أعمال رفضها العمدة وبعد أن حققت النجاح حزن لأنه لم يشارك بها مثل، فيلم الهروب في دور الضابط سالم والذي جسده بعد ذلك عبد العزيز مخيون وفيلم الدنيا على جناح يمامة في الدور الذي قدمه يوسف شعبان، وأيضًا فيلم يوم مر ويوم حلو وفيلم المواطن مصري، لكن خلال مشواره الفني لم يقدم ما يخجل منه أو يندم عليه.

https://www.youtube.com/watch?v=2xxE22iWLCQ

صلاح السعدني صاحب مشروع فني، هو ابن الطبقة المتوسطة المهموم دائمًا بمشاكلها وقضاياها، القومي الذي يحمل هموم الوطن في قلبه وعقله دائمًا وهو ما يظهر في كثير من أعماله، لم يكن باحثًا عن شهرة أو مال بقدر ما هو باحث عن ما يقدمه لوطنه من خلال فنه و موهبته ساعدته في ذلك خلفيته الثقافية والسياسية التي نشأ و تربى فيها على حب الوطن و حمل همومه حتى أنه في أحد تصريحاته الصحفية قال ” إن الفن هو شاغلي الأول، لكن السياسة هي حرفتي وهوايتي”

العمدة هو موهبة استثنائية صنعت منه أسطورة فنية رغم ما واجهته من صعاب، مشوار فني حافل على مدار 60 عامًا بدأ من الضياع عام 60 حتى آخر عمل القاصرات عام 2013 ، أعمال كثيرة خالدة وهامة أرخت لمصر وتاريخها وتاريخ المواطن المصري وما طرأ عليه من تغيرات اجتماعية وسياسية صاغها وقدمها السعدني بكل اقتدار و كفاءة، هو العمدة و حسن النعماني الباحث عن الهوية والفلاح الواعي الرافض للاحتلال في كفر عسكر والمستشار العادل و العالم الوطني.

العُمــدة في عيده الـ 77 متعك الله بالصحة والعافية

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock