السلطة نار والحرية نور ، ما بين النار والنور قاسم مشترك ، وطن يحتمل النور وحرية تحتوي الجميع بلا تفرقة بلا قهر بلا تنمر ،وما بين ثوار يناير و ثيران الردة طريق مقطوع بلا وصل ، وشوش ميدان التحرير كأنها منحوتات شفافة تضحك لك حين تمر ، لكن الميدان خاليًا طوال الوقت ، تحت حراسة مشددة كأنه (مخطوف )،صباح الخامس والعشرين من يناير 2011كعادتي أشتري الصحف من موزع الصحف هناك ، دخلت الميدان لكن الشرطة تمنع حتي شراء الصحف، ألمح الصحفي ناجي وليم من زجاج سيارة شرطة ينادي ياخمارخمار ، رجعت كي أفهم مايحدث ال بص ياباشا دا زميلي ويشهد أني مسيحي ومش إخوان قلت ذلك للضابط فصرف ناجي وهو يضحك كنا عاوزين نعمل الواجب ثم قال صحيح خمار اسمك خمار ههههه، تجاهلت السخف وأنطلقنا نحو نقابة الصحفيين، شارع طلعت حرب وقد تحول لثكنة عسكرية ، وطرد الناس من كل الشوارع المؤدية لميدان التحرير جمع الناس في مثلث عبد الخالق ثروت رغما عنهم أو برضاهم .
كان “س” شابا مستهترا يسهر خارج المنزل كثيرا ويتعاطى الحشيش من وقت لآخروتعثر كثيرا في دراسته ودخل في مشكلات عديدة مع أسرته , ولكنه تخرج أخيرا ولم يجد فرصة عمل فزاد إحباطه , وكان يلجأ لي في فترات جموحه وجنوحه للمساعدة النفسية في ضبط سلوكه ليتكيف مع أسرته التي عانت منه لسنوات .
كنت قد نسيته إلى أن وجدته يوما في ميدان التحرير أيام ثورة يناير 2011م , فتعجبت من وجوده في هذا المكان وهو الشخص صاحب”المزاج” الذي لا يهتم لقضية ولا تحركه سوى استمتاعاته الشخصية , ورأى هو ذلك في عينيّ فبادرني مازحا : “الحمد لله أنا اتغيرت كتير يادكتور .. ما عتش الشخص اللي انت عرفته زمان .. أنا حاليا ماباسيبش فرض صلاة , ويا إما مصر ينصلح حالها يا أموت شهيد” , ودعاني إن لم يكن لي مكان أن أبيت في الخيمة التي جهزها هو وأصحابه فشكرته وأكملت جولتي في الميدان , وظلت صورته تلاحقني مع تساؤلات كثيرة : هل فعلا تغير هذا الشاب , أم أنها جولة من جولاته أو إحدى مراحل تقلباته الوجدانية والسلوكية ؟ .. وما هذا التحول الديني الذي طرأ عليه وهو صاحب “الكيف” والنزوات ومثير المشكلات لعائلته ؟.
حكي د مهدي في كتابه عبقرية ثورة يناير هذا المجلد الضخم الموسوعي أن يناير معجزة بكل مقياس في معمل الطب النفسي كيف نهض المصريون من (الموت ) للحياة كتب ومرت الأيام وتتابعت أحداث الثورة ورأيت صوره بعد ذلك على الجدران بالجرافيتي شهيدا من شهداء الثورة , ولاحقتني صورته ولم أنس تلك اللمحة اليقينية الروحية في صفحة وجهه حين فوجئت به في الميدان .
سر الروح القدسية في ميدان التحرير
هكذا كتب …لقد أصبح ميدان التحرير هو أيقونة الثورة المصرية , وهو مركز التجمع والتأثير والإلهام , وهو نقطة الارتكاز للمسيرات المليونية في القاهرة والمحافظات , وهو النواة الصلبة للثورة والتي حاول نظام مبارك أن يكسرها بكل الطرق فلم تنكسر , ولهذا فكثير من معالم عبقرية الثورة المصرية تجدها في ميدان التحرير الذي أصبح حضنا للمصريين ورحما لثورتهم عاشت فيه ثمانية عشر يوما (من أجمل أيام مصر) حتى نضجت وأصبحت مولودا مصريا جديدا أزاح فرعون بعد طول بقاء .
أي سر عظيم وضعه الله في هذا الميدان ؟
وأي روح سرت فيه فجعلته مجالا روحيا يشحن كل من أقام فيه أو ارتاده بشحنة قدسية ؟
ربما تكون أرواح الشهداء الأبرار ترفرف فوق هذا الميدان العظيم !!
ربما تكون روح الحرية والعدل والكرامة تسري في جسد كل من يرتاد الميدان !!
لقد تطهر أهل الميدان من أدران الفساد والحقد والضغينة والتعصب والطائفية والعنف … لقد سمت نفوسهم وأرواحهم فأصبحوا ملائكيين .. لقد تحولوا من السلبية واللامبالاة والخوف والتردد إلى الإيجابية والمبادرة والشجاعة والحسم .
وأجواء الميدان في هذا الوقت كانت عجيبة , إذ بمجرد أن تجتاز نقاط التفتيش وتدخل إلى ساحة الميدان تشعر أنك في مجال مختلف , وتوحي إليك الخيام والناس النائمون على الأرض بأجواء روحانية تشبه تلك التي تجدها في الأراضي المقدسة , ويبدو أن المساحة المشتركة بين الميدان والأراضي المقدسة هي حالة التطهر التي وصل إليها الناس وحالة الإخلاص وحالة التفاني وحالة الزهد في تفاهات الحياة وحالة التعلق بمعالي الأمور وحالة بذل النفس والمال في سبيل القيم العليا سعيا لوجه الله . هذا الصفاء وذاك النقاء وتلك الأخوة قليلا ما تراها إلا في منى وعرفات والمزدلفة , والآن قريب منها في ميدان التحرير , إنها حالة السمو والرقي الإنساني في مواجهة شرور النفس وشرور الناس وشرور الحياة , إنها نزعة الخير التي تحرك الجميع في مسارات تقودها وتوجهها بوصلة الضمير النقي العفي .
وفي هذه الأجواء الروحانية الصافية ذابت الخلافات وتوارت العصبيات والطائفيات وانصهر الجميع (وهم كانوا قبل ذلك مختلفين ومتصارعين) , فترى المسلم بجوارالمسيحي , وتري الليبرالي بجوار الإخواني , وترى اليساري بجوار السلفي , وترى الرجال والنساء والأطفال والشيوخ والمعاقين , الكل يشكل منظومة متناغمة , وحركة التجمعات والتظاهرات تتكون بنظام يتشكل في وعي الناس دون أن يدروا في كثير من الأحيان .
التسامي الذي عانق الثوار و توحيد مصري عجيب
ربما في كثير من الثورات تظهر الروح الدينية أو الصوفية ممتزجة بالفعل الثوري , وهذا مفهوم سيكولوجيا من حيث أن النزعة نحو الدين ونحو الروحانيات هي نزعة للخلاص من طينية التكوين البشري ومن نزعاته الشهوية وأنانيته وضعفه أمام فساد الحياة , وأن التدين (كما الثورة) حالة من الإنطلاق والإنعتاق والتسامي فوق كل هذا .
ويبدو أن ثمة رابط بين الثوري والمتدين , فكلاهما ينزع إلى المطلق ويهفو إلي الكمال حتى لو لم يصل إليه , وتكون مساحة الحلم لديه أكبر من مساحة الواقع بكثير , وتدفعه قوى خفية للحركة نحو المأمول والموت في سبيله دون جزع من الأخطار المحيطة أوالمحتملة .
والثورة إذ تواجه فسادا وفاسدين تستلزم من الثوار أن يكونوا على درجة من النقاء تمايزهم عن المنظومة الفاسدة التي يثورون عليها وهنا تظهر نزعتهم الدينية والأخلاقية والروحية كملاذ ودفاع نفسي يعطيهم هذا الإحساس بالنقاء والطهر والإستعلاء والتميز وخاصة في المراحل الأولى للثورة(الرومانسية والتسامي والصوفية) .
وبما أن الدين يشكل مساحة كبيرة في المجتمع المصري (والعربي على وجه العموم) , وبما أن المصريين لديهم تراكم لطبقات دينية متعددة (من ديانات مصر القديمة الفرعونية مرورا بالديانة اليهودية ثم القبطية وانتهاءا بالإسلام) فإننا نتوقع أن توقظ الأحداث الكبيرة كالثورات النزعة الدينية لدى المصريين , وخاصة أن الثورة حدث مزلزل يحمل الكثير من الاحتمالات ومن عدم اليقين ومن السيولة الفكرية والاجتماعية بما يشكل تهديدا للاستقرار النفسي السائد ويحمل خوفا بدرجة أو بأخرى من احتمالات المستقبل المجهول , لذلك يبدو الدين داعما أساسيا للذات في تلك المرحلة المهتزة والمهددة , فالنفس البشرية حين تواجه أحداثا تزلزلها تبحث عن نقطة صلبة في تاريخها أو تكوينها ترتكز إليها وتنطلق منها .
لذلك وصل المصريون الثائرون في الميادين إلى عمق الحقيقة الدينية الكامنة في طبقات نفوسهم فكان المسلم يقف بجوار القبطي وكلاهما يحمي الآخر ويحوطه وقت صلاته , وزالت العصبيات والطائفيات والصراعات الدينية واكتشف الجميع أن الحوادث الطائفية المؤسفة كانت (على الأقل في أغلبها) من صنع السلطة التي يثورون عليها لتحقيق توازنات سياسية واجتماعية ترغبها وتستفيد منها السلطة .
وكان لوقع كلمة “الشهادة” أثر كبير في نفوس المرابطين في الميادين والسائرين في المظاهرات , إذ كانت شرفا يتمناه ويهفو إليه الجميع خاصة الشباب , لذلك منح هذاالتصور الديني للتضحية والموت دفعة كبيرة للمواجهة وتحمل ضربات النظام الذي يحاول البقاء من خلال المواجهة العنيفة مع الثوار بكل ماتبقى لديه من قوة .
وعلى الرغم من كون الثورة سلمية على الأقل في الثمانية عشر يوما الأولى منها إلا أن عدد كبير من الشهداء قد سقطوا في الميدان وفي الميادين الأخرى , وقد ألهب هذا عاطفة الثائرين وراحوا يطالبون بالعدالة والقصاص من قتلة هؤلاء الشهداء .
وقد تم الربط بين مطالب الثورة المدنية”عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية .. كرامة إنسانية” , وبين المبادئ الدينية التي تمنح الإنسان الحق في الكفاية الحياتية من مأكل ومشرب ومأوى (لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع) , ومن الحرية (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) , ومن العدالة الاجتماعية (الناس سواسية كأسنان المشط) , ومن الكرامة الإنسانية (ولقد كرمنا بني آدم) .
وتم الربط بين الرفض السياسي لمبارك ونظامه على أنه نظام فاسد وفرط في القضية الفلسطينية كقضية عروبية محورية والربط الديني لكونه حارب مظاهر الدين في مصر وسجن المتدينين من أعضاء الجماعات الدينية ومارس حربا على المسلمين والمسيحيين على السواء لحساب بقائه في الحكم , وفرط في قضية القدس والمسجد الأقصى وغض الطرف عن عدوان إسرائيل على غزة وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية , وأنه مكّن للعلمانيين في كل مفاصل الدولة واستبعد الإسلاميين والمسيحيين .
وتم الربط بين رفض الفساد كرذيلة مجتمعية وبين كونه ذنبا كبيرا في المفهوم الديني فعلى سبيل المثال كان الثوار يقولون : “لن ندفع رشوة بعد اليوم” , وكان المتدينون يرددون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : “الراشي والمرتشي في النار”.
ويقول الثوري : “أنا خرجت لمساعدة الفقراء والمحتاجين للحصول على حقوقهم ” , ويردد المتدين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : “خير الناس أنفعهم للناس” .. “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” .
ويقول الثوري : “لن أكون ضعيفا بعد اليوم أو مقهورا” , ويردد المتدين قول الرسول صلى الله عليه وسلم : “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف” … وقوله “خير الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر” .
وهكذا تم إعطاء معنى وعمقا للمطالبات والأهداف الثورية من خلال القيم والتصورات والمعتقدات الدينية لدى المصريين .
وكانت صلاة الجمعة كل أسبوع تشكل ضبط التوقيتات المليونيات الضخمة في مصر ودول الربيع العربي حيث كان الناس يحتشدون بأعداد هائلة في صلاة الجمعة وينطلقون بعدها في شتى الميادين والشوارع , وكانت خطبة الجمعة تلهب حماس الجماهير للاستمرار في العمل الثوري .
ومن المشاهد المؤثرة أثناء ثورة يناير وقوف مئات الآلاف من المسلمين رجالا ونساءا مصطفين للصلاة بينما يقف إخوانهم الأقباط متشابكي الأيدي في حلقة تحمي المصلين من المسلمين في مشهد يعكس حالة التسامح والاحترام بين المسلمين والأقباط في هذا الحدث الثوري كما لم يحدث من قبل ولا من بعد . وكان خطيب الجمعة يذكر في خطبته أهمية الحرية والعدالة الاجتماعية , ورفض الظلم والقهر , وفضل مواجهة الحكام الفاسدين والولاة الظالمين , وفضل الشهادة في سبيل الله دفاعا عن هذه المبادئ .
وكانت المساجد تلعب دورا مهما في تجميع الثوار وتوجيههم نحو الميادين والشوارع المؤثرة , وكانت المساجد والزوايا المحيطة بميدان التحرير تمنح الثوار مكانا للاستشفاء من خلال المستشفيات الميدانية التي توفر العلاج والأمان النسبي للجرحى والمصابين . وكانت أيضا بعض الكنائس مثل كنيسة قصر الدوبارة القريبة من ميدان التحرير تقوم بهذا العمل الإغاثي في علاج الجرحى وخدمتهم .
ومن وقت لآخر كانت تطوف بالميدان مجموعات من المشايخ المنتسبين للأزهربثيابهم المميزة (الجبة والقفطان والعمة ذواللونين الأبيض والأحمر) بما يعطي معنى دينيا مؤيدا للثورة وللثوّار .
نوبة صحيان المصريين التي غيرت التاريخ
وأثناء الثورة صدرت بعض الفتاوى من المؤسسات الرسمية ومن بعض دعاة التيارالسلفي تدعو الناس إلى الهدوء , والابتعاد عن الفتنة , وعدم الخروج إلى الشوارع والميادين , وربما طالبوهم بطاعة أولي الأمر وعدم جواز الخروج عليهم طالما أنهم لم يمنعوا إقامة الصلاة فيهم , وكانوا يستندون في هذه الفتاوى على نصوص دينية مثل”عليكم بطاعة ولي الأمر ولو كان عبدا حبشيا ما أقام الصلاة فيكم” , ونصوص أخرى تنهى عن الفرقة والخروج على الحاكم وما ينشأ عن ذلك من فتن ومفاسد .
وصدرت أيضا عن بعض الرموز الدينية القبطية تحذيرات مثل ذلك , ولكن المدّ الثوري لم يلتفت إلى تلك الفتاوى والنداءات , واتهم مصدروها على أنهم تابعون للسلطة وأنهم يعملون من أجل بقائها وبقاء مناصبهم ومصالحهم , واتهمهم بضعف الوعي الثوري والسياسي .
إن ثمة رابط مهم بين العقيدتين وهو اليقين الغيبي الغامض والحاضر في آن , وهوالصدق في الفكرة والعمق في الوجدان والانتظام في السلوك المؤدي للهدف مهما كانت العقبات, بل إن العقبات نفسها تغذي روح الدين وروح الثورة, وكلاهما (الدين والثورة) عبارة عن تغيير جذري يصبح حتميا حين يصل الشخص أو تصل الأمة إلى حافة الانتحار التاريخي أو الضياع الوجودي , هنا تنبثق حالة وعي مختلفة تماما تدعو إلى تغيير جذري وتحلم بفجر جديد . وهذه الحالة من انبثاقة الوعي تكون أقرب للكشف الصوفي وللوجد الصوفي , ربما لا تستطيع تحليلها أو كشف خباياها , ولماذا ظهرت في هذا الوقت ؟ , وأي قوة تعطيها هذا اليقين وهذا الزخم ؟ , وأي سر دفع بالتغيير على المستوى الشخصي والجماعي من الخوف إلى الشجاعة , من الاستسلام إلى المواجهة , من الخضوع إلى الانتفاض , من الرضا بالفساد وربما المشاركة فيه وصناعته إلى رفض الفساد والرغبة الشديدة في التطهر حتى ولو بالموت ؟ .
إنها حالة التحول الجذري التي تنتاب الشخص حين يعتنق دينا جديدا أو تنتابه صحوة مفاجئة تغيره نوعيا , وهي نفس الحالة الثورية التي تنتاب شعبا يشعربالخزي والعار لما وصل إليه من انحدارفينتفض متحولا بطاقة عكسية نحو النقيض.
هذه النوبة من الصحيان الديني والصحيان الثوري قد لا تكون ممتدة زمنيا بنفس الزخم في النفس البشرية أو في الوعي الجمعي , فقد يخبو توهجها مع الوقت , وقد تتضافرعليها عوامل تحاول وأدها ولكنها أبدا لا تختفي , وهذه طبيعة العقائد لأنها عبارة عن جماع فكرة راسخة انصهرت مع وجدان عميق وانتشرت في حالة وعي تعكس احتياجا للبقاء الأرقى والأكثر خلودا وتتسامى على أطماع الدنيا .
والعقيدة الدينية ليست حكرا على المتدينين بشكل تقليدي بل قد تكون لدى من يخالف مظهرهم هذا الأمر ولا يؤدون طقوسا دينية بعينها , ولكن يكون لديهم ذلك اليقين الصوفي في قوة عليا تحركهم ويتعلقون بمعالي الأمور فوق تفاهات الحياة الدنيا ويكونون على استعداد لبذل أرواحهم في سبيل ما يعتقدون , وهي نفسها الروح الثورية التي تتلبس أشخاصا كانوا بعيدين عن الاهتمام بالشأن العام , بل كانوا غارقين في ملذاتهم وشهواتهم , وإذا بهم في لحظة بعينها يولدون من جديد , ويتركون أنانيتهم ونفعيتهم وانتهازيتهم , وينصهرون في الجموع الثائرة ولا يبالون عاشوا أم ماتوا كسبوا أو خسروا .
وفي ظروف بعينها قد يحدث تلاقي وتضافر وتضفير بين العقيدة الدينية والعقيدة الثورية وتتشكل قوة هائلة تكتسح ما يقف في طريقها .
كان كثير من الشباب الثائر والشباب العقائدي يتوضئون أو يغتسلون قبل الدخول إلى ميدان التحرير (أو غيره من ميادين الثورة في الأقاليم) , وبعضه كان ينوي الاعتكاف في الميدان أو يأخذ كفنه معه يتوسده أو يلتحف به .