مدونة أصوات

مختارات من الشاعر يوسف مسلم

مشعوذ لليلة واحدة

…..

لا تخبئ أرانبك في قبعتي،

أنا لا أملك قبعة.

شعري كثيف ومهوش،

تأوي إليه الغيوم كلما حاصرتها أسنانك.

أيها المشعوذ،

أنا لا أصلح لعروضك التي تبهر البورجوازيين.

لماذا لا تبتاع زجاجة بنزين،

وتبخ النار من فمك وأنت ترتاد الحواري،

حسنًا،

إن طعم البنزين مقرف،

ليكن،

سأتولى هذه المهمة بدلاً عنك،

لطالما تمنيت أن أصبح تنينًا،

فابنتي كانت تريد أن تقتني واحدًا

تعلمه الطيران والضحك.

خذ الجنيهات المعدنية التي سيقذفني بها الزبائن،

ودعني أصبح تنينًا.

امنح جلدي ملمسا صخريًّا،

يسحق الرصاصة التي تلقيتها في ظهري

ذات صباح ممل،

إنها لا تزال تجبرني كل مساء

أن أنزف قتلة وبغايا.

———-

بماذا تفكر

وأنت تعجن الطين بأصابعك الطويلة، مصائرَ مفجعةً؟!

هل تنتوي خلق ملل جديد

ترصه بعناية في  فاترينة ذاكرتك،

ثم تعلن ألوهيته كما كان يفعل أجدادك؟!

أم ترى ستحدق فيه كما تحدق مومسٌ أميةٌ

فى نساء محمود سعيد العاريات؟!

للمرة المليون تفر منك القصيدة،

مثل قطة اقتحمت المسرح فجأة في ذروة مشهد تراجيدي،

فطاردها الممثلون بالمكانس،

وهم يسبون الدين للجمهور الذي اكتشف زيف انفعالاتهم.

قصيدتك مذعورة ولا ذاكرة لها

كان خطأ منك أن تخليت عن كلاسيكية ذاكرتك

وامتثلت لعصر الديجيتال.

لا أحد يستطيع أن يرد لك صورك الفوتوغرافية

وأوراقك الممهورة بحبر أحمر

ولا حتى إلهك الذي صنعته على شاكلتك.

———————-

ليدين لا تخجلان من رعشتهما،

يمكن أن توقد شمعة إلى جوار كأس ليمون.

أنت لا تحب الليمون؛

اجعله نبيذًا إذن، هذا لن يقلل من ملل العالم.

ولن يمنع سيجارتك من تعمد إسقاط جمرة صغيرة،

تصنع ثقبًا في حصيرة الليل، يسمح بانعتاق الذكريات.

كانت أمك تقول “حصيرة الليل واسعة”

ولم تخبرك أنها سوداء، بلاستيكية،

غير مألوفة لصخرتك التي تنهار جزئيًّا مع كل وثبة عشق.

فهل هذا مبرر كاف لتلك الدهشة التي ستعتليك حين تفر منك سباياك؟!

أنت لا تملك سنًا ذهبية تبرق كلما رقّصتك الشهوة وانت تعوي موحدًا،

ومع ذلك كنت حريصًا على قنص ذكرياتك في أسواق النخاسة.

تبتسم بثقة نصف شيطان فاشل،

لأنك لا تدرك أنك تجرها وراءك كخيبات وجرائم غير محكمة،

تُثلِّم مخالبك وتسلم يديك لرعشة أبدية.

—————–

أكره الأحذية الضيقة

إنها تورّم قدميّ

إلى درجة تُشعر الجثث التي أخزنها فيهما بالاختناق.

كنت منذ سنوات خلت

أؤجر قدمي جبانة للذين لا مقابر لهم..

في البداية حاولت أن أؤجر لهم رئتي

ّ لكنهم انزعجوا من الدخان والبلغم.

ثم حاولت إغراءهم بمعدتي

لكن الكحول كان يحرق وجوههم ويزيدها شحوبا

ثمة جثة لامرأة تكمن تحت كعبي الأيمن

تتهيأ كل مساء لحبيبها الذي آثر التشرد

بدلا عن جبانة تستقر داخل زوجي أحذية

كنت أضع لها الإيفا فوت

كي لا تصاب بالتسلخات

لكثرة ما تحك بين فخذيها

وكانت لا تكف عن مناجاة حبيبها

كلما عصرتها الأورجازم

ثمة جثة أخرى لشيخ يأكل الأفيون

ويربت على خصيتيه كلما مر بامرأة رملتها الحرب

جثة ثالثة لمرابية عجوز

تشبه بسنها الذهبية وأقراطها المصنوعة من خيوط الصوف

قتيلة راسكولينكوف

ثمة قبر شاغر فوق أكبر أصابع قدمي اليسرى

أعددته لاستقبال جثة كونديرا

لأنني فشلت في سرقة رفات ديستويفسكي

لا ضير إن مات كونديرا ولم يمنحني جثته

سيبقى القبر مفتوحا لأجلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock