لم يعد الإخراج السينمائي قاصرا على الرجال، حيث شهد عام 2021، نجاحا لجيلٍ من المخرجات اللاتي خطفت مجموعة مميزة من الأفلام الخاصة بهنَّ الأنظار بشدة.
حتى الآنَ يبدو عدد المخرجات النساء، أقل من الرجال بصورة واضحة فى السينما العربية؛ لكن الأفلام التي أخرجتها النساء، نجحت في أن تلقى حجرا ضخما فى المياه الراكدة، وأن تكشف عن التطور الكبير للأفلام المنتجة، بواسطة مخرجاتٍ وقدرتها على أن تنافس على صدارة شباك التذاكر بقوة؛ فى ظل معالجات تتسم بقدرٍ كبيرٍ من الجرأة.
الحضور الكبير لجيل من المخرجات بدا واضحا بشدة خلال الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي، فنصف الأفلام الـ 22 التى نافست بقوة على جوائز المهرجان الكبري.. كانت حصيلة إبداع أيدٍ نسائية.
عند الحديث عن الإبداع النسائى الذى يواصل الصعود بقوة الصاروخ؛ يجب الإشارة إلى السينما المستقلة التى فتحت أمام المخرجات الطامحات أبوابا كثيرة؛ ظلت موصدة فى وجوههن لسنوات طويلة، واستطعن عبرها أن يدخلن السباق كما تمكنَّ أن يحسمن الكثير من مراحله لصالحهن، خاصَّة عبر قوائم الأفلام الوثائقية التى تفوقن فيها، وبجدارة شديدة من خلال تقديم معالجات تتسم بأكبر قدر من الجرأة والعمق.
المخرجة الفلسطينية “نجوي نجار” تعد واحدة من الأسماء البارزة فى جيل المخرجات.. ولدت في العاصمة الأمريكية واشنطن ودرست السينما، حيث اتجهت للأفلام الوثائقية والقصيرة خاصَّة بعد انتقالها للعيش في مدينة القدس، وكان أول أفلامها القصيرة فيلم “نعيم ووديعة” عام 1999، والذي قدمت بعده مجموعة من الأفلام المتميزة مثل “المر والرمان” و”عيون الحرامية” وتم تكريمها خلال العام الجاري ضمن فاعليات مهرجان أسوان السينمائي لأفلام المرأة.
تلخص “نجار” تجربتها الإبداعية قائلة: “أحاول أن أحكى قصتنا كفلسطنيين بعيدا عن سجن الجسد فى ظل الاحتلال الذى نرزح تحت كاهله منذ عقود طويلة”.
المخرجة المصرية “ساندرا نشأت” ولدت في مدينة القاهرة عام 1970، حصلت على بكالوريوس المعهد العالي للسينما قسم الإخراج عام 1992، وليسانس الآداب قسم اللغة الفرنسية عام 1993، كما حصلت على منحة دراسية في عام 1994، إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
بدأت مشوارها الفني الحافل بالفيلم القصير “آخر شتا” ثم أخرجت الفيلم التسجيلي (الموفيولا) في حين كانت بدايتها في الأفلام الروائية الطويلة عبر فيلم “مبروك وبلبل” في عام 1996، ثم قدَّمت بعده عددا من الأفلام الناجحة مثل: “ليه خلتني أحبك” و”حرامية في كي جي تو” و “ملاكي إسكندرية” و”مسجون ترانزيت” و”المصلحة”.
ومؤخرا عادت “ساندرا نشأت” للسينما بعد غياب تسع سنوات، من خلال فيلم قصير بعنوان “أخويا” من بطولة الفنان “أحمد عز”. وتدور أحداث الفيلم حول علاقة أخ بشقيقه من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك في إطار إنساني.
المخرجة المصرية “نادين صليب” واحدة من أصغر جيل المخرجات حيث تخرجت فى عام 2006، فى الأكاديمة الدولية لعلوم الاتصال، وشقت طريقها فى عام 2009، فى مجال السينما المستقلة؛ حيث عملت كمساعد مخرج قبل أن يخرج إلى النور فى عام 2011، فيلمها الوثائقي الأول “فجر” والذى فاز بالجائزة الأولى ضمن مهرجان أفلام جوته للأفلام القصيرة، كما حقق فيلمها “أم غايب” نجاحا كبيرا.
المخرجة المصرية “هالة جلال” اسم بارز فى قائمة جيل من المخرجات المبدعات أخرجت العديد من الأفلام، مثل “دائرة مغلقة” من إنتاج التلفزيون المصري، و”النساء المصريات في البرلمان” من إنتاج المجلس القومي للمرأة و”نساء البحر المتوسط” و”اختيارات الحياة” ومؤخرا حقق فيلمها التسجيلى “من القاهرة” والذى عرض ضمن فاعليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولى نجاحا كبيرا؛ حيث يرصد المعاناة التي تعيشها النساء داخل القاهرة وما يتعرضن له من تهميش وإقصاء وتحرش.
المخرجة التونسية “فاطمة الرياحي” لفتت الأنظار إليها بشدة من خلال فيلمها “الغياب” والذى حاز على عدد كبير من الجوائز والتكريمات. تدور أحداث الفيلم حول قصة رجل متشدد دينيا يدعى توفيق خرج من السجن ليجد نفسه مسئولا عن تربية بناته الثلاثة يمينة وخديجة وإيمان.
المخرجة “كوثر بن هنية” حققت شهرة عالمية واسعة؛ حيث تصدَّر اسمها عناوين الصحف العالمية هذا العام عندما تم ترشيح فيلمها “الرجل الذي باع جلده” لجائزة الأوسكار، حيث نافس بقوة ضمن فئة الأفلام الروائية الدولية، لكنها خسرت في النهاية أمام الفيلم الدنماركي “جولة أخري”.
في عالمنا العربي.. نشهد كل عام ميلاد مخرجة جديدة أو أكثر بشكل يجعل من الصعب إحصاءهن بشكل دقيق.. ولكن يبقى ثراء التجربة دليلا على الدور الذى يمكن أن تلعبه المرأة ليس في التعبير عن همومها فحسب، وإنما في تقديم مشاهد أخرى لقصص المعاناة المتنوعة التى تكابد مشقتها الكثير من الفئات والطبقات فى مجتمعنا.. وهو ما يساهم بلا شك فى تقديم مقترحات للحل.