عرض وترجمة: أحمد بركات
تُقدِّم الذكرى السنوية الأولى لأحداث الشغب التي اجتاحت مبنى “الكابيتول هيل” في واشنطن، في 6 يناير 2021، –فرصة لتذكر، ليس فقط هذا الحدث غير المسبوق والصادم، وإنَّما –أيضا– أصداؤه على مدى العام الذي تلاه.
وفي يناير الماضي –أيضا– وقع حدثٌ جللٌ آخر كان من شأنه –أيضا– أن يتردد صداه في الفترة المتبقية من 2021، وهو إصدار لجنة استشارات 1776، التي كان قد شكَّلها الرئيس “دونالد ترامب” التقرير النهائي لوثيقة “يوم مارتن لوثر كينج جونيور” عن تعليم التاريخ في الولايات المتحدة، وهي الوثيقة التي هاجمت المعلمين لتقديمهم “منظور إيجابي غير وافٍ للثورة الأميركية، ولتأسيس الولايات المتحدة ومُثُلها”.
ينطوي كلا الحدثين على شيء مشترك، وهو السرديات البارزة لشكلٍ خاصٍ جدا من الوطنية، كما أوضحها اقتباسين معبرين.
ففي مقال “أندرو ماكورميك” الذي نشرته صحيفة “The Nation” في 7 يناير، عن تمرُّد “الكابيتول هيل” نَقَلَ الكاتب عن أحد المشاركين في أحداث العنف قوله، عندما بدأت الشرطة في إطلاق قنابل الغاز على الحشود: “هذه ليست أميركا.. إنَّهم يطلقون النَّار علينا. من المفترض أنَّهم يطلقون النار على حركة “حياة السود مهمة”، لكنَّهم في الحقيقة يطلقونها على الوطنيين”.
على الجانب الآخر، يُعرف تقرير 1776 مهمته على أنَّها “استعادة التعليم الوطني الذي يُعلم الحقيقة عن أميركا، في مقابل المعلمين الذين يخلقون في الطلاب، وفي الثقافة الأوسع، في أقل الأحوال، إزدراء هذا البلد، وفي أسوئها كراهية صريحة”.
تُجَسِّد هذه العبارات ما يمكن أن أسميه “الوطنية الأسطورية”.. وهي النوع الأكثر إثارة للانقسام والتدمير في أنواع الوطنية الأربعة التي ناقشتها في كتابي:
“Of Thee I Sing: The Contested History of American Patriotism” (حولك أدندن: التاريخ المُتنازع عليه للوطنية الأميركية) (2021).
(الأنواع الثلاثة الأخرى التي ناقشها الكتاب، وكل منها أكثر إيجابية على طريقته الخاصة، هي الوطنية الاحتفائية، والنشطة، والنقدية).
والوطنية الأسطورية، كما أعرِّفها في الكتاب، هي ذلك الشكل من الوطنية الذي يخلق رؤية عنصرية أسطورية للبيض في التاريخ والهوية الأميركيين ويحتفي بها، ويستخدم هذه الرؤية للوطن؛ ليس فقط لإقصاء المجتمعات والثقافات الأميركية التي لا تمثل جزءا من تلك الأسطورة، وإنَّما –أيضا– لمهاجمة الأميركيين غير المستعدين للاحتفاء بها دون مراجعتها، ووسمهم بعدم الوطنية، وحتى عدم الانتماء الحقيقي إلى أميركا.
وإذا درسنا لحظة معينة يمتد عمرها إلى ما يزيد عن قرن من الزمان، عندما كانت الوطنية الأسطورية هي الأكثر مركزية في السياسة والمجتمع الأميركيين، فسيكون بإمكاننا أن نرى العديد من العناصر المثيرة للانقسام والمسببة للتدمير التي جسَّدتها أحداث يناير 2021.
أحد هذه العناصر، والذي يبرز بشكل خاص، هو الاعتقاد بأنَّ المُثل والهوية الأميركيين يتعرضان للهجوم من قبل القوى غير الوطنية والتي يجب أن يقاومها ويقاتلها كل الأميركيين الوطنيين.
ففي خطاب حالة الاتحاد في ديسمبر 1915، عبر الرئيس “وودرو ويلسون” عن هذه العقيدة بجلاء، مؤكدا أنَّه “هناك مواطنين في الولايات المتحدة؛ وُلدوا تحت أعلامٍ أخرى غير العلم الأميركي، لكنَّ قوانين التجنيس الأميركية السخيَّة رحبت بهم على أرض أميركا، ومنحتهم فرصتهم وحريتهم كاملتين، فسكبوا سموم عدم الولاء في شرايين حياتنا الوطنية”. “وأحث “الكونجرس” على عمل أي شيء من أجل إنقاذ شرف هذا الوطن واحترامه لذاته.. من خلال تمرير قوانين لمواجهة هذه التهديدات”.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا