هو أقدم شوارع العالم على الإطلاق، ويوصف أيضا بأنه أحد أشهر الشوارع على ظهر الأرض، وهو ما يجعل منه محطة دائمة، يشد السائحون الرحال إليها من كل فج عميق، كي يشاهدوا مجموعة من أجمل الآثار، التي يضمها بين جنباته، وهو ما يجعله أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم أجمع.. إنه شارع المعز.
من ناحية الموقع يمتد الشارع من باب الفتوح شمالا، حتى باب زويلة جنوبا، ويعبر عددا كبيرا من الشوارع التاريخية، من بينها الغورية وخان الخليلي، والدرب الأصفر وأمير الجيوش وحارة برجوان.
يضم شارع المعز مجموعة من أروع آثار القاهرة الإسلامية، ويصل عددها إلى تسعة وعشرين أثرا، تعود إلى الفترة الزمنية التي تمتد بداية من القرن العاشر، حتى القرن التاسع عشر الميلادي، وتحديدا من العصر الفاطمي حتى عهد أسرة محمد علي .
المباني الأثرية المنتشرة بين جنبات الشارع المختلفة؛ تتوزع بين منشآت دينية وسكنية وتجارية ودفاعية، كما تنتشر على امتداد الشارع التاريخي، مجموعة كبيرة من محلات الحرف التقليدية والأسواق .
وتحوى منشآت الشارع التاريخية زخارف وبصماتٍ معمارية متباينة؛ حيث أقيمت على امتداد فترات زمنية متباعدة، خضعت فيها مصر للدولة الفاطمية والأيوبية مرورا بالمماليك والعثمانيين وحتى عهد الأسرة العلوية.
ومن أهم المباني الأثرية في شارع المعز جامع الأقمر، وجامع السلطان المؤيد ومسجد قلاوون وجامع الحاكم بأمر الله، ومسجد وسبيل سليمان الأغا السلحدار، ومسجد السلطان برقوق وسبيل محمد علي، وسبيل وكتّاب عبد الرحمن كتخدا، وسبيل وكتّاب خسرو باشا، ومجموعة السلطان الغوري وقصر الأمير بشتاك.
ويتمتع الشارع بقيمة ثقافية وحضارية بالغة الأهمية، ولذلك تحرص وزارة الثقافة على أن تجعله مقرا لعدد كبير من الأنشطة الثقافية والفكرية، التي تقوم بتنظيمها، فالوزن التراثي الكبير للشارع، يجعل منه مقرا مفضلا للكثير من الندوات والمهرجانات والاحتفاليات التي تنظم على مدار العام.
ويعتبر “بيت السحيمي” الواقع بالشارع، أحد المقرات الرئيسية لهذه الفاعليات، حيث يستخدم لتقديم الإبداع الفني والعروض الموسيقية ويمتاز بالبناء المعماري ذي الطابع الشرقي، وقد بني سنة 1648، خلال الحكم العثماني، على يد الشيخ عبدالوهاب الطبلاوي، لكن اسمه يعود إلى آخر من سكنه، وهو الشيخ محمد أمين السحيمي.. ويضم بيت السحيمي 115 غرفة تمتاز بجودة التصميم.
ومن التحف الفنية التي يحويها الشارع قصر الأمير بشتاك، الذي أنشأه الأمير سيف الدين بشتاك الناصري، وكان واحدا من أمراء الناصر محمد بن قلاوون، وهو من أفخم مباني القرن الثامن الهجري على الإطلاق، ويضم ثلاثة طوابق، كما تزين جدرانه مجموعة من الرسوم الهندسية بالغة الدقة والجمال، أما سبيل خسرو باشا والذي بُني عام 943هـ فيعد واحدا من أقدم الأسبلة العثمانية التي مازالت محتفظة بمعالمها الرئيسية بالقاهرة حتي اليوم.
ومن أبرز المعالم التي يجب ألا تفوت زيارتها من تأخذه قدماه إلى شارع المعز.. جامع الأقمر الذى شيد عام 1125م ويعود هذا الاسم إلى الحجارة البيضاء، التي استخدمت في بنائه ويوصف هذا المسجد بأنه تحفة معمارية نادرة، أقامه الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، وقد تولي أمر البناء الوزير المأمون البطائحي، وجدد في عهد السلطان برقوق عام 799 هـ على يد الأمير يلبغا السالمى.
وتعتبر الواجهة الرئيسية للجامع أقدم واجهة حجرية باقية حتى الآن، وقد اهتم المعماري ببنائها وزخرفتها بدخلات من عقود مشعة، وعبارات أهمها تكرار كلمتي محمد وعلى, بالإضافة إلى كتابات لآيات قرآنية بالخط الكوفي.
ويرجع تاريخ شارع المعز إلى عصر الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، وتحديدا إلى عام 969م وهى نفس السنة التي أسست فيها مدينة القاهرة، وكان القصر الفاطمي الكبير يقع في أحد جوانب الشارع، وعلى ناصيته كان الجامع الكبير وكانت مواكب الخلفاء تتجه من القصر إلى المسجد في صلوات الجمع والأعياد وفي الاحتفالات الدينية والمناسبات العامة.
وأطلقت على الشارع طوال تاريخه الممتد عدة أسماء اختلفت من فترة زمنية إلى أخرى من بينها الشارع الأعظم وقصبة القاهرة وقصبة القاهرة الكبرى، حتى عُرف بشارع المعز منذ عام 1937.
