بكلمات تمتزج بالدموع.. عبّر الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد عن فرحته، بعد تتويجه رسميا بجائزة النيل في الآداب، ضمن جوائز الدولة التي أعلن عنها المجلس الأعلى للثقافة مساء الثلاثاء.
فوز إبراهيم عبد المجيد المستحق بالجائزة؛ لم يكن مفاجئا للكثير من قرائه وعشاق أدبه، الذين عرفوه منذ سنوات طويلة، مخلصا لقلمه الذي أصر على أن يشق به الصخر في رحلة إبداعية ممتدة، ظلَّ الأديب الكبير طوال مراحلها حريصا على أن يمتع عشاقه بحكاياته العامرة حتى وهو يواجه المرض على فراشه ببسالة.
ليست هذه هي الجائزة الأولى التي يحصل عليها الأديب الكبير؛ فقد حصد من قبل عددا كبيرا من الجوائز عن العديد من أعماله التي ترجمت للغات أخرى كثيرة؛ حيث صار عبد المجيد مبدعا مصريا معروفا على نطاق عربي وعالمي واسع، بعد أن وصلت أعماله إلى عديد من شعوب العالم.
فوز إبراهيم عبد المجيد بجائزة النيل هذه المرة؛ يأتي تتويجا لسلسلة كبيرة وذاخرة من إبداعات الرجل المعروف ببساطته وتلقائيته الشديدة، وحرصه على التفاعل باستمرار عبر حسابه الخاص على فيس بوك، مع كل ما يجري في مجتمعه؛ كابن بلد بار بأهل وطنه الذين تربى وسطهم.
انطلق إبراهيم عبد المجيد من مدينته المفضلة ومعشوقته الأولى الإسكندرية، حيث نظر إلى العالم من حوله ورصد بعمق شديد، المتغيرات والتحولات التي جرت عبر أزمان وفترات متلاحقة.. بكتابات سطرت بماء القلب؛ فحققت رواجا جماهيريا كبيرا، جعل الرجل واحدا من أهم قامات الأدب العربي في السنوات الأخيرة.
فاز إبراهيم عبد المجيد بالجائزة، وهو مازال يخوض معركته مع المرض، يحلم بالعودة مجددا إلى جلسات الأصدقاء.. ورغم أنه أكد في وقت سابق، أنه لم يحصد أية جوائز؛ حتى بلغ الخمسين، سوى جائزة واحدة عندما كان طالبا بالمدرسة الثانوية، فإن قناعته ظلت راسخة بأن الجوائز الأدبية لا تغير شيئا في مسار الأديب وعمله الإبداعي.
قناعة إبراهيم عبد المجيد الراسخة، تكمن في أن السباح الماهر يجب أن يواصل رحلته في نهر الإبداع؛ حتى أخر لحظة من عمره، وألا يركن إلى السكون أو الدعة، مهما كان حجم الضغوط أو الإحباطات، فالرجل مازال على إيمانه القديم بقوة الكلمة وفاعلية الأفكار التي يجب أن تتصارع حتى النهاية، وهي تحلق في السماء بعيدا، على أجنحة قطعة أدبية رفيعة يلتهمها القارئ بذائقته قبل عينيه أيا كان جنسها الأدبي.
إبراهيم عبد المجيد أحد طيور السرد الجميل في عالمنا العربي– استطاع أن يعبِّر بصدق عن روح مصر، مجسدا إياها في سطوره وكلماته من خلال أعماله الروائية المتميزة التي تتناقلها الأجيال، لتواصل معه الغوص في خضم إبداعه المتنوع.
والكتابة بالنسبة لإبراهيم عبد المجيد، هي حكاية عشق لا تنتهي لا يمنعه عنها حتى المرض الشديد؛ فهي رفيقة العمر كله.. وعنها يقول في كتابه “ما وراء الكتابة .. تجربتي مع الإبداع” “أنا استعيد حالات الحوار الروحي الخاص بي جدا ككاتب، وكيف استطعت أن أتخلص من مشكلات الكتابة والقضايا الجمالية التي شغلتني”.
إبراهيم عبد المجيد لا يُخفي حنينه الذي لا ينقطع للإسكندرية، التي احتلت جزءا هاما من أعماله، فله ثلاثية رائعة عنها، يبدو فيها متيما حد الافتتان بمدينته الأولى. تبدأ الثلاثية بـ “لا أحد ينام في الإسكندرية” تليها رائعته “طيور العنبر” أما أخر حلقات العقد الروائي البديع، فهي “الإسكندرية في غيمة”.
قائمة إبداعات الأديب الكبير تضم الكثير والكثير، ومن بينها رواية في الصيف السابع والستين و”المسافات” التي ترجمت إلى اللغة الانجليزية عن قسم النشر بالجامعة الامريكية بالقاهرة عام 2008، و”بيت الياسمين” التي ترجمت الى الفرنسية عام 2000، وإلى الإيطالية عام 2008، و”البلدة الأخرى” التي ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية و”قناديل البحر” التي تحولت إلى مسلسل تليفزيوني من بطولة الفنانة الكبيرة آثار الحكيم ومحمود قابيل، و”ليلة العشق والدم” و”الصياد واليمام” والتي تحولت إلى فيلم سينمائي بطولة أشرف عبد الباقي، و “لا أحد ينام في الإسكندرية” التي ترجمت إلى ثلاث لغات، هي الفرنسية والانجليزية والألمانية وقُدِّمت من خلال مسلسل تلفزيوني من بطولة ماجد المصري ومادلين طبر وسهير المرشدي، ورواية “أدجيو” و”هنا القاهرة” و”قطط العام الفائت” و”قبل أن أنسى أني كنت هنا” و”السايكلوب” و”العابرة” و”ثلاثية الهروب من الذاكرة”.
ولإبراهيم عبد المجيد العديد من المجموعات القصصية المتميزة من بينها “مشاهد صغيرة حول سور كبير” و”الشجر والعصافير” و”إغلاق النوافذ” و”فضاءات وسفن قديمة” و”ليلة أنجينا” و”حكايات ساعة الإفطار”.
كما صدرت للأديب الكبير العديد من الكتب من بينها “مذكرات عبد أمريكي” (ترجمة عن الإنجليزية) و”24 شاعة قبل الحرب” مسرحية و”أين تذهب طيور المحيط” و”السبت فات والحد فات” و”أيام التحرير” و” من الذي يصنع الأزمات في مصر” و”ما وراء الكتابة” و”الولد الذي أحب المطر” و “رسائل من مصر” و”الأيام الحلوة فقط” و”استراحة بين الكتب” و”رسائل إلى لا أحد” و”أنا والسينما” و”حاولت أنظر حولي وأمامي”.
عطاء إبراهيم عبد المجيد ليس أدبيا فقط حيث يكتب بانتظام مقالا صحفيا في صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن، كما يكتب أيضا في جريدة الأخبار القاهرية، علاوة على مقالات تنشر له بين الحين والأخر في صحف أخرى.
إبراهيم عبدالمجيد حصد عبر مسيرته الأدبية الحافلة بالأبداع العديد من الجوائز، منها جائزة نجيب محفوظ من الجامعة الامريكية عام 1996، وجائزة الدولة للتفوق في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2004، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2007، وجائزة الشيخ زايد ليتوج في نهاية المطاف بجائزة النيل في الآداب التي تعد واحدة من أرفع الجوائز الأدبية في مصر.