ثقافة

وداعا “الكواكب” سجل أشهر المعارك والـ”خبطات” في ذاكرة مصر الفنية

بعد تسعين عاما حافلة بعدد كبير من المعارك والـ”خبطات” الفنية؛ توقفت مجلة الكواكب التي كانت توصف بذاكرة مصر الفنية عن الصدور؛ لكن المجلة الشقية التي تتابع على رئاسة تحريرها نخبة من كبار الصحفيين في مصر، لا يمكن أن تغيب عن الذاكرة بسهولة.

ستظل الكواكب تحتل موقعا هاما في ذاكرة الصحافة المصرية، بعد أن ظلت لسنوات طويلة ترفع راية الصحافة الفنية في مصر، ويشهد على ذلك عدد كبير من المعارك والـ”خبطات” المسجلة حصريا باسم الكواكب، التي كانت لفترة طويلة المجلة الأولى التي يُفضّل كبار النجوم أن يتحدثوا عبر صفحاتها إلى جمهورهم داخل مصر وخارجها.

عمليا تم دمج مجلة الكواكب مع حواء ولم تغلق بشكل كامل، كما صرّح بذلك عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، لكن أصوات العديد من الفنانين والمثقفين التي مازلت تناشد بضرورة عودتها مرة أخرى، تعبر عن الارتباط الشديد الذي يشعر به الكثيرون بالمجلة التي تعتبر جزءا هاما من ذاكرتنا الفنية.

يُذكر أنه في يونيو عام 1950، تضمّن عدد مجلة الكواكب موضوعا ضمن باب “وجوه جديدة” عن رشدي أباظة، الذي كان في بداية مشواره الفني.. وقال المحرر في موضوعه: “وهذا وجه جديد من وجوه الأباظية إلى الفن، وإذ نقدمه اليوم كوجه جديد؛ فإننا نرجو أن يستفيد المخرجون من موهبته الفنية، وأن يواصل هو نشاطه الفنى دون أن يحيد إلى ميدان آخر”.

ليس رشدي أباظة وحده؛ فالكواكب كان لها دور كبير في تشيجع الكثير من المواهب الفنية الشابة، ونشر أخبار عنها قبل أن يصبحوا نجوما كبار تحتل صورهم أغلفتها.

ومن المعارك الكبيرة التي خاضتها المجلة؛ دعمها القوي للمعركة التي خاضها النجم الكبير زكي طليمات من أجل إنشاء معهد التمثيل، والتحاق الفتيات به.. حيث أنشئ المعهد عام 1930، لكنه أغلق بسبب رواج بعض الأفكار الرجعية عن التمثيل آنذاك، ولم يستسلم طلميات الذي واصل المعركة لمدة اثني عشر عاما، كرست خلالها الكواكب عددا من صفحاتها لدعمه.

وفي 12 أغسطس عام 1957، كانت مجلة الكواكب على موعد مع “خبطة” فنية من العيار الثقيل؛ حيث صدرت وعلى غلافها صورة للنجم الكبير عبد الحليم حافظ بعنوان الحلقة الأولى من مذكراته.

تميزت الكواكب منذ بداية صدورها بتقديم عروض لأهم الأفلام السينمائية، كما كانت جسرا بين الفنان وجمهوره، مركزةً على أبعاد أخرى في شخصية الفنان، كانت تسلط عليها الضوء من أجل زيادة التقارب مع الجمهور وإزالة الحواجز المصطنعة في هذا الإطار.

الأعداد الخاصة كانت من أبرز ما يميز الوجبة الصحفية لمجلة الكواكب، وكان من بينها العدد الذي قدمته في 23 أغسطس 2020، عن الفنانة الكبيرة شويكار والذي حمل عنوان سيدتي الجميلة، وضم مجموعة كبيرة من الحوارات والتحقيقات عن مشوارها الفني وأهم أعمالها، كما ضمّ عددا من نوادر الزمن الجميل. قدمت الكواكب أيضا عددا تاريخيا عن نجاة بعنوان “غنوة العاشقين” في العام نفسه، وكذلك كان عددها عن العندليب.

عندما تتحدث عن تاريخ مجلة عريقة بحجم الكواكب، فإن أول ما يلفت نظرك أن كبار الأقلام مرت من هنا.. ويكفي أن تعلم أن قائمة رؤساء تحرير المجلة ضمت صحفيين عظام مثل: فهيم نجيب، ومجدي فهمي، ورجاء النقاش، وراجي عنايت، وحسن إمام عمر، وكمال النجمي، وحُسْن شاه، ومحمود سعد.

لا يوجد فنان في مصر طوال سنوات صدور المجلة إلا وله معها ذكرى، كما أن صفحاتها تناولت تقريبا جميع الأفلام والمسلسلات التي صدرت خلال عمرها الفني الممتد، وهو ما يجعلها وبحق ذاكرة لتاريخ مصر الفني.

كانت الكواكب منذ اليوم الأول لصدورها نصيرا لحرية الإبداع؛ حيث يسجل لها انحيازها الدائم إلى الأعمال الفنية، وانتقادها بلهجة قوية الاعتراضات التي كانت تبديها الرقابة الفنية في أى فترة من الفترات.. وفي سبيل ذلك خاضت المجلة عشرات المعارك الصحفية، كما كانت تخصص العديد من الموضوعات الصحفية للدفاع عن صناعة السينما، وتقديم كافة أوجه الدعم لها في مواجهة التحديات الكبيرة التي تتعرض لها.

ويتفق الصحافيون الفنيون في مصر على أنه لا يوجد أرشيف للأعمال الفنية والسينمائية أضخم من أرشيف الكواكب، ويكفي أن نعرف أنه عندما ظهرت مجلة الكواكب في عام 1932، كان عدد الأفلام السينمائية المصرية لا يتجاوز خمسة عشر فيلما صامتا، وأن المجلة لعبت دورا كبيرا في تعريف القارئ المصري في ذلك الوقت بكل صغيرة وكبيرة عن السينما التي لم تكن معروفة للكثيرين آنذاك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock