مسلسل “أحلام سعيدة” الذي استطاع أن يستحوذ على اهتمام قطاع واسع من الجمهور، خلال ماراثون دراما رمضان.. استطاع في إطار الكوميديا الاجتماعية أن يلقي الضوء، على العديد من هموم المرأة المصرية، مثل ارتفاع معدلات العنوسة وتأخر سن الزواج، وغيرها من المشكلات الهامة.
قدمت الفنانة الكبيرة يسرا في المسلسل، شخصية مختلفة إلى حد كبير عن طبيعة أدوارها السابقة، التي اعتاد عليها المشاهد المصري؛ حيث جسّدت دور فريدة أو ديدي هانم، وهي سيدة أرستقراطية تقطن حي الزمالك، وعصبية المزاج، ما يجعل بعض ردود أفعالها كوميدية في الكثير من المواقف.
تتعرض السيدة لحادث تفقد بصرها بسببه، فتختلف نظرتها للحياة وكذلك ردود أفعالها. استطاعت يسرا تجسيد هذا التحول ببراعة استطاعت من خلالها كسب عطف المشاهدين الذين تفاعلوا بشكل كبير مع أدائها في المواقف المختلفة. الطريف أن التفاعل الإيجابي مع الشخصية في أزمتها، وصل إلى مواقع التواصل التي انهالت من خلالها الدعوات؛ بأن يمن الله عليها بالشفاء خاصة مع العبارة التي كانت ترددها “ديدي” كثير “أنا كل يوم عندي أمل أن ربنا يرجع لي بصري تاني”.
في تلك المحنة.. استطاعت السيدة اكتشاف الحياة من زاوية جديدة، من خلال مجموعة من الشخصيات التي توثقت علاقتها بها؛ رغم الشقاق الشديد الذي ساد علاقتها بأخيها وابنها الوحيد.
يظهر المسلسل للوهلة الأولي، كما لو كان عملا نسائيا في ظل الحضور الطاغي للمرأة، رغم وجود عدد من الممثلين الرجال، والسبب في ذلك يعود بالأساس إلى أن النساء قد تقاسمن مع يسرا الأدوار الرئيسية في المسلسل منذ المشهد الأول.
استطاعت شيماء سيف من خلال شخصية “صُدْفة” إضفاء جو من الكوميديا على الكثير من المشاهد، وذلك بردود فعلها وقفشاتها اللطيفة.. كما تألقت مي كساب أيضا في دور “ليلى” وأضافت زخما للجرعة الكوميدية التي احتوى عليها العمل.
اقترنت الكوميديا في العمل بالمواقف الاجتماعية، وتطور الحكاية وتصاعد الأحداث؛ لذا جاءت موظفة على الدوام، ولم تكن أبدا مقحمة، أو ضحكا من أجل الضحك؛ كما هو الحال في بعض الأعمال الأخرى، والسبب في هذا يعود بشكل واضح إلى الجهد الذي بذلته هالة خليل، التي فضلت ترك مقاعد المخرجين مؤقتا والتفرغ من أجل كتابة قصة المسلسل.
يحسب للمسلسل أنه اقترب بشكل واضح من عدد من قضايا المرأة، دون أن يثير عاصفة مجتمعية كما حدث مع أعمال أخري؛ حيث تطرق إلى مشكلات تأخر سن الزواج، وتعدد الزوجات ومن القضايا الجريئة التي طرحها المسلسل الذي هيمن عليه الطابع الكوميدي إنفاق الزوجة على المنزل، وتبادل الأدوار بين الرجل والمرأة من خلال شخصية “نيفين” المتزوجة من “أنسي” الذي ترك عمله ليقوم بواجبات المنزل ورعاية الأبناء بدلا من زوجته.
يكشف المسلسل عن أن المرأة، رغم تباين خلفياتها الاجتماعية والطبقة التي تنتمي إليها؛ تعاني من مشاكل شتى.. فالخيط الرفيع الذي يجمع بين النساء بطلات العمل أنهن جميعا في أزمة وضحايا ضغوط نفسية متراكمة، ويعانين من صعوبة النوم.
الإيقاع السريع وعدم المط أو التطويل غير المبرر– أحد العناصر التي ميزت مسلسل “أحلام سعيدة” في سباق الأعمال الرمضانية هذا العام؛ أما الكوميديا فيه فقد اعتمدت بالأساس على الموقف وليس العبارة، فهي كوميديا اجتماعية ليست منفصلة عن الواقع أو منعزلة عنه.
إحدى الرسائل القوية التي يحملها مسلسل “أحلام سعيدة” هى أن الإنسان سوف يشعر بالسعادة عندما يقرر ذلك، وحتى لو كان يعيش منعزلا عن العالم أجمع، كما أنه من الخطأ أن يعلق البعض أسباب فشلهم في تحقيق السعادة على شماعة الآخرين.
يحسب للعمل أنه استطاع تحقيق معادلة بالغة الصعوبة، وهي أن يلقى الضوء على الظلم الذي تتعرض له المرأة في الكثير من الأحيان، دون استدعاء ميلودراما الدموع والانهيار ولحظات الحزن والانكسار كما جرت العادة؛ بل إنه على النقيض من ذلك يرسم البسمة على الوجوه عبر كوميديا الموقف التي تبدو حاضرة طوال الوقت.