أحمد خالد توفيق (1962-2018) طبيب وكاتب ومؤلف ومترجم مصري. يعد أول كاتب عربي في مجال أدب الرعب والأشهر في مجال أدب الشباب. كذلك في مجال الفانتازيا والخيال العلمي.. ولقب بالعراب.
بدأ رحلته الأدبية من خلال كتابة سلسلة ما وراء الطبيعة، ورغم أن أدب الرعب لم يكن سائدا في ذلك الوقت، فأن السلسلة حققت نجاحات كبيرة، واستقبالا جيدا من الجمهور، ما شجعه على استكمالها وأصدر بعدها سلسلة فانتازيا عام 1995، وسلسلة سفاري عام 1996، وسلسلة دبليو دبليو.
ومن هنا يمثل أحمد توفيق علامة فارقة في إبداعات ومؤلفات الخيال العلمي واستشراف المستقبل. إذ ترك بصمة كبيرة على جيل بأكمله من الشباب المصري والعربي، ووجه الشباب إلى القراءة والاهتمام بعالم الكتب. وكان الشباب ينتظر إصداراته على شوق ونهم. فالشباب أعاد اكتشاف ذاته من خلال مؤلفات أحمد خالد توفيق، لقد وجد جيل من الشباب أحلامه الخاصة وطموحاته في أفلام الكرتون والخيال العلمي والمستقبليات، وظهر جيل من الكتاب والمبدعين الذين استطاعوا أن يهزوا وترا عند الشباب. والتقط الشباب هذا النتاج الأسطوري الخيالي شغف، وهذا وحده يحسب لهذا الجيل الجديد من الكتاب، الذي يعد الراحل أحمد خالد توفيق أحد أركانه، فماذا قدّم هذا الجيل المتفرد؟ ولم يستطع غيره أن يقدمه؟ لقد قدّم هذا الجيل الكثير من الإبداعات في مجال الخيال العلمي، ولكن تظل إبداعات أحمد خالد توفيق متفردة ومتميزة، فهو بحق مبدع غرد خارج السرب، كل إبداعاته تنم عن عقلية متميزة، وما تركه من مؤلفات تجعله في طليعة المبدعين.
لم يترك مبدعنا بصمته في مجال النقد الادبي أو العلمي المتأدب، أو سمه ما شئت، لكنه كان مبدعا في مجال الخيال العلمي أيضا واستشراف المستقبل؛ ما جعل منه أيقونة في هذا المجال. ومن هنا عاش هذا المبدع في قلوب قرائه الشباب وعقولهم. وليس أدل غلى ذلك من أرقام توزيع مبيعات كتبه التي تصدرت معارض الكتب في الداخل والخارج.
سيرة و مسيرة : ولد أحمد خالد في مدينة طنطا بعيدا عن أضواء القاهرة، تلك البيئة وفرت له الهدوء الذي يحتاجه الكاتب والمبدع. تخرج في كلية طب طنطا حتى صار أستاذا في تخصص طب المناطق الحارة، ومن هنا فقد جمع بين الطب والأدب وهذا ليس غريبا في واقعنا المصري فقد سبقه الدكتور مصطفي محمود، والشاعر الدكتور إبراهيم ناجي وغيرهم. بدأ مسيرته العملية في المؤسسة العربية الحديثة عام 1992 ،ككاتب رعب لسلسلة ما وراء الطبيعة، وقدم أول رواياته تحت اسم أسطورة مصاص الدماء، لكن واجهتها اعتراضات كثيرة داخل المؤسسة العربية الحديثة، ما جعله يصاب بالإحباط الشديد، ونصحه البعض بالكتابة في الأدب البوليسي، إلا أن أحمد المقدم صاحب المؤسسة نصحه باستكمال الكتابة في أدب الرعب، وساعده حمدي مصطفى مدير المؤسسة الذي عرض قصته على لجنة أخرى لاستبيان مدى قوتها، وأنصفت اللجنة الرواية وأثنت عليها، بأنها ذات أسلوب ممتاز وبها حبكة روائية وإثارة وتشويق. وكانت المفاجأة الثانية أن قرار اللجنة موقع من الدكتور نبيل فاروق، الذي يقول عنه الدكتور أحمد خالد توفيق أنه كان سببا مباشرا في دخوله المؤسسة، وإلا كنت توقفت عن الكتابة. وفي هذا السياق نشير إلى أن أحمد خالد توفيق قدّم سلسلة من الروايات بلغت ما يقرب من 236 رواية، وقد ترجم عددا منها إلى لغات أجنبية أخرى، كما ترجم هو عددا من الروايات الأجنبية. كما قدّم أيضا خارج هذه السلسلة الترجمات العربية الوحيدة للروايات الثلاث نادي القتال للروائي الأمريكي تشاك بولانيك، ورواية المقبرة لنيل جايمان بالإضافة إلى الرواية الطويلة عداء الطائرة الورقية للأفغاني خالد حسيني.
كما أن من أشهر رواياته (يوتوبيا) عام 2008 وقد ترجمت إلى عدة لغات، ورواية “السنجة” التي صدرت عام 2012، ورواية “إيكاروس”. ومجموعة قصصية مثل قوس قزح، عش ولا تقل للموت لا، عقل بلا جسد، الآن افهم، فقاقيع، ولد قليل الأدب… وغيرها. كما عمل أحمد خالد توفيق في جريدة التحرير ومجلة الشباب التي تصدر عن مؤسسة الأهرام.
روائي مهموم بمجتمعه : كان روائيا مهموما بقضايا مجتمعه، وليس منفصلا عن المجتمع. عالج الكثير من القضايا التي شغلت أبناء وطنه، وكان حريصا بإلقاء الضوء عليها وتحليلها ووضع حلول لها. مثلا تناول قضايا الاستقطاب واتساع الفجوات الاجتماعية والطبقية، وتنتمي معظم أعماله الى ما يسمى الأدب الغرائبي. ومن أهمها سلسلة ما وراء الطبيعة التي ينظر إليها على أنها شكلت وجدان جيل من الشباب في مصر والوطن العربي. كما استخدم في أعماله مصطلح (الديستوبيا) أو المدينة الفاسدة وهي نقيض اليوتوبيا، إذ تحدث عن المستقبل من خلال تصورات مظلمة تفقد البشر الكثير من حريتهم ومشاعرهم وطاقاتهم مثل رواية يوتوبيا. كما أن معظم أبطاله من مدرسة نقيض البطل وهي الشخصيات التي تفتقر إلى المثالية ومواصفات البطولة، والوسامة أو التمتع بجسد رياضي. أيضا يجب أن نشير إلى أن فكرة الموت شغلت ذهن الكاتب احمد خالد توفيق وسيطرت على معظم كتاباته، ولعل هذا له سبب، وهو أن قلبه توقف أربع مرات، لكنه في كل مرة يعود للحياة من جديد. فهو على المستوى الشخصي عاني من الموت كثيرا، وكان الموت قريبا منه. وقال في هذا السياق لقد عدت للحياة يجب، أن أتذكر هذا ربما كانت لعودتي دلالة مهمة لا اعرف ربما كان هناك عمل مهم جدا سوف أنجزه. ومن هنا كانت مشاعر الحزن و الأسى في أعماله، وتشريح المشاعر الإنسانية بدقة. كل هذا جعل من أعماله نمطا فريدا، وأيقونة وسط الأعمال الإبداعية. بل جعلت منه يغرد خارج السرب وبعيدا عن التقليدية والنمطية، وأصبحت إبداعاته محور اهتمام الكثير من القراء وخاصة الشباب.
صفوة القول:
لقد كان أحمد خالد توفيق روائيا مبدعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ولقد كان له قصب السبق في طرق أبواب من الكتابة الأدبية مثل أدب الرعب، كما كان من الرواد في كتابات الخيال العلمي واستشراف المستقبل. لقد وجه جيل بأكمله من الشباب نحو حب القراءة، ليس هذا فحسب بل كانوا ينتظرون بشغف ونهم تلك الإبداعات. لقد شكلت إبداعات أحمد خالد توفيق مشاعر ووجدان وعقل الشباب في مصر والوطن العربي. إنه يمثل ظاهرة فريدة من الكتابة شقت طريقها وسط جيل من الكتاب. وأصبح يشار له بالبنان، وهذا بسبب شخصيته المتفردة وأسلوبه المتفرد في الكتابة والإبداع.. إنه بحق كاتب يغرد خارج السرب، يسير بخطى تنم عن تميزه وإبداعه الفكري. ما جعل منه أيقونة في مجالات متميزة ومتفردة، وضعته في مكانة متميزة داخل العالم العربي وخارجه.