ترجمة: كريم سعد
إن الخطوة التي قد يتخذها بوتين ببساطة هي –حسب تعبير شهير للراحل دونالد رامسفيلد– مواصلة الحرب مع الجيش الذي يمتلكه، وليس مع الجيش الذي يريده. أي أنه يستطيع الاستمرار في رمي الوحدات الروسية غير المجهزة تجهيزا جيدا ونصف المهزومة لعرقلة تقدم القوات الأوكرانية قدر الإمكان، أو على الأقل حتى حلول فصل الشتاء. ولن تفعل هذه الاستراتيجية أي شيء لمساعدة روسيا على تحقيق النصر، الذي يتفق معظم المحللين على أنه أصبح احتمالا بعيد المنال بشكل متزايد، لكنه قد يكون كافيا على الأقل لمنع أوكرانيا من تحقيق نصر كامل هذا العام.
ويقول هودجز، القائد السابق للجيش الأمريكي في أوروبا: “سيكون من الصعب جدا على روسيا تغيير الأمور في أوكرانيا، فالمشاكل الرئيسية التي ابتليت بها روسيا على مدى الأشهر الستة الماضية متجذرة للغاية في الثقافة، وجميع المؤسسات الفاسدة، والخدمات اللوجستية الضعيفة، والقيادة الفاشلة، ونقص القوى العاملة، وهذه ليست أشياء يمكن إصلاحها بمجرد تغيير القادة”.
وحتى مع الانتكاسات التي تعرضت لها أوكرانيا، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت كييف لديها ما يكفي من القوات والذخائر لانتزاع جميع الأراضي الأوكرانية بالكامل من السيطرة الروسية، وفي رأي بوتين، قد يكون الوقت في صالحه عندما يتعلق الأمر بمحاولة تآكل الدعم الغربي لأوكرانيا.
وأشارت روسيا إلى أنها ستقطع صادرات الغاز إلى أوروبا مع حلول فصل الشتاء؛ في خطوة تهدف إلى تقويض الدعم السياسي الشعبي في أوروبا للحرب، والضغط على بعض القادة الأوروبيين لدفع أوكرانيا لإجراء مفاوضات سريعة لإنهاء الصراع.
وقال كلارك من معهد دراسات الحرب: “هناك ورقة واحدة متبقية لدى بوتين لم يستخدمها هي.. فصل الشتاء الكامل”، مضيفا “نحن على ثقة متزايدة بأن الكرملين ينتظر ليرى ما ستكون عليه آثار الشتاء نفسه على الدعم الأوروبي للحرب”.
ويعتقد بعض الخبراء الأوكرانيين أن بوتين قد يعوّل أيضا على تنفيذ هجوم الربيع إذا تمكن من جعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لأوروبا المتعطشة للغاز خلال فصل الشتاء.
وقالت أليونا جيتمانشوك، مؤسسة ومديرة مركز أوروبا الجديدة، وهو مركز أبحاث للسياسة الخارجية مقره كييف: “يعتقد بوتين حقا أنه لن تتمكن أوروبا ولا أوكرانيا من البقاء على قيد الحياة هذا الشتاء، وهذا ما يأمله حقا، وهذا هو في الواقع الركيزة الأساسية التي يطور حولها الآن استراتيجيته. فإذا كنت تتابع الرواية الروسية، فإنهم يقولون: حسنا، نحن ننسحب الآن، لكننا سنعود في الربيع وسيكون كل شيء مختلفا.
وكانت هناك بالفعل شائعات عن المعارضة، حيث خرج حوالي 70 ألف تشيكي إلى الشوارع في أوائل سبتمبر للمطالبة بإنهاء العقوبات المفروضة على روسيا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة. واحتج بعض رجال الأعمال الإيطاليين على ارتفاع فواتير الكهرباء وألقوا باللوم على الاتحاد الأوروبي في محنتهم.
وقال أحد مساعدي الكونغرس الأمريكي، متحدثا شريطة عدم الكشف عن هويته للحديث عن المداولات الداخلية. “الشيء الذي يجب الانتباه إليه الآن هو الجهد المبذول لدفع الأوكرانيين إلى محادثات سياسية، وما يقلقني حقا هو سيناريو يقرر فيه الروس أنهم بحاجة إلى إعادة تجميع صفوفهم وتجديدها وأخذ نفس عميق. لذلك يقولون كل ما يحتاجون إلى قوله لجعل عناصر معينة في الغرب تضغط على الأوكرانيين للتوقيع على نوع من الهدنة لوقف إطلاق النار تليها عملية مفاوضات لن تؤدي إلى أي مكان”.
ويشعر بعض المسئولين الأوروبيين بالقلق من أن انتصار أوكرانيا هو سلاح ذو حدين عندما يتعلق الأمر بدعم القوى الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا – وقد يدفع هذه العواصم إلى محاولة جعل كييف تقاضي من أجل السلام بينما لها اليد العليا.
وقال دبلوماسي كبير في أوروبا الشرقية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنهم غير مخولين بالتحدث علنا: “نجاحهم في دفع الروس إلى الوراء سيساعدهم سياسيًا، لكن رؤية الانهيار الروسي حول خاركيف، يُشعر بالقلق من أن البعض في الغرب سوف يحذرون من “إذلال” بوتين، بسبب المخاوف من تصعيد ورد روسي غير تقليدي”.