بعد أن استعرضنا بعض الأغنيات التي تمخضت عن التعاون الفني بين البلبل المصري عبد الغني السيد وكل من العملاق رياض السنباطي والملحن الكبير محمود الشريف، سنلقي في هذا المقال الضوء على أهم الأغنيات التي التقى فيها المطرب الراحل عبد الغني السيد بكل من موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والموسيقار محمد الموجي.
في عام 1955، تعاون عبد الغني السيد مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب [1898-1991] في لحن “أنا وحدي ياليل سهران” من كلمات الشاعر أحمد ملوخية.. وهو لحن راقص من مقام عجم، ولم تكن نوعية تلك الأغاني غريبة عن شخصية عبد الغني السيد الذي كان يتسم بخفة الظل والمرح؛ بل وتقليد زملائه المطربين، حتى إن مجالس عبد الوهاب كانت لا تخلو من وجود صديقه البلبل المصري، برغم ما كان يبدو بينهما من تنافس في ذلك الوقت.
ولقد استطاع الفنان عبد الغني السيد، أن يجاري ما ظهر آنذاك من موجة الأغاني الجديدة، ذات الإيقاعات السريعة، فكان متجددا دائما ومواكبا لكل تطور في ذلك الوقت. ومن كلمات محمد علي أحمد وألحان محمد عبد الوهاب؛ قدَّم عبد الغني السيد أغنية “كفاية البعد” المعروفة بجبال الكُحل.. وتقول كلماتها: كفاية البعد شُورْ عقلك وراود، جبال الكُحل تفنيها المراود. رماني في الهوى عشق الأحبّة، ملكني يا جميل طبع المحبة، ضناني الهجر واحتاروا الأطبّا، وقلبي معايا في حبك مهاود.
ومن كلمات عبد المجيد عبد الفتاح، قدَّم عبد الوهاب لعبد الغني السيد لحن أغنية “الحلو شاورلي بمنديله”. كما غنى أيضا من ألحانه أغنية “يا حبيبي الله يخليك” كلمات عبد الجليل وهبي، وأغنية “آه م الزمان والهوى” كلمات إبراهيم كامل رفعت، وأغنية “بُكره حتندم وتقول ياريت” كلمات الشاعر الغنائي حسين السيد.
ومن كلمات الشاعر محمد علي أحمد وألحان محمد عبد الوهاب؛ غنى البلبل المصري عبد الغني السيد الأغنية الرشيقة “عمر الحب مالوهش نهاية” أو المسماة “أنا وياك وإنت اللي معايا”، وتقول كلماتها: أنا وياك وإنت اللي معايا، غنوة حبي ولحن هوايا، مهما يطول البعد أحبك، عُمر الحب مالوهش نهاية.
في الأحلام تناديلك روحي، واسرح ويّا الليل في خيالي، يفرح قلبي وانسى جروحي، لما هواك يخطر على بالي، إنت جمال الليل وسكونه، إنت الحب قساه وشجونه، في البعد وفي القرب أحبك عمر الحب مالوهش نهاية.. خلي البعد يفرق بينا خلي الدمع يعيش في عنينا، نار الحب تزيد في قلوبنا كل ما تقسى الدنيا علينا، في البعد وفي القرب أحبك، عمر الحب مالوهش نهاية. خلي الحرمان يشعل ناره، خلي القلب معاك يتألم، مهما يكون الكاس ومراره، أَرضَى بنار الشوق واتعلم، إنت الفكر يحير أمري، إنت شبابي وروحي وعمري، في البعد وفي القرب أحبك، عمر الحب مالوهش نهاية.
ولم يتنكر عبد الغني السيد لنشأته البسيطة، أو لمهنة والده في الموبيليا، بل ظل حتى بعد شهرته، يحب طلاء الموبيليا وتلميعها، مثل جميع إخوته من أبيه، الذين كانوا يعملون في ذلك المجال.
ومنذ صغره عمل عبد الغني السيد “اُسْتُورْجِيًّا” (كلمة أصلها فارسي) كي ينفق على نفسه وعلى والدته، وذلك بعد زواج أبيه من أخرى، إلا إنه كان يحب القراءة والإطلاع؛ فثقف نفسه بنفسه، على مدار حياته، وجمع العديد من الكتب؛ تاركا مكتبة كبيرة بها الكثير من الكتب الهامة، التي كان يهتم بقراءتها.
أما لقاء عبد الغني السيد مع الموسيقار محمد الموجي [1923-1995] فقد أضاف إلى تاريخه الفني الكثير من الأغنيات، مثل أغنية “عيني يا عيني” للشاعر سمير محبوب (محجوب)، كما سجلها أيضا عبد الحليم حافظ بصوته.
أما أغنية “صافيني مرة” فقد اقترح عبد الغني السيد على الموجي أن يغنيها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، إيمانًا منه آنذاك بموهبة ذلك الشاب، ورغبته في أن يأخذ فرصته في الانتشار والشهرة، وبالفعل كانت فاتحة الخير لانطلاق عبد الحليم في عالم الغناء ثم تربعه بعد ذلك على قمته بجدارة.
كما لحن الموجي لعبد الغني السيد أغنية “يا ليالي” كلمات محمد إسماعيل، وأغنية “يا بايع الصبر” كلمات لطفي عبد الهادي، وأغنية “يا نسمة العصاري” كلمات الشاعر محمد علي أحمد.
وبسبب الأغاني الحزينة، التي أبدعها البلبل المصري عبد الغني السيد بصوته الباكي لقبوه فنيًّا بلقب “البلبل الباكي”، وكان من بينها بعض الأغنيات التي لحّنها له الموجي مثل: أغنية “حلم جميل” كلمات عبد السلام بدر، و أغنية “وحيد وأنا مش لوحدي” كلمات الشاعر الغنائي عبد الوهاب محمد.
ولم تتوقف رحلة عبد الغني السيد عند مجموعة بعينها من الملحنين والشعراء بل كانت مسيرته الفنية حافلة بالعديد من الأغنيات البديعة التي تعاون فيها مع ملحنين كثيرين، وهذا ما سنحاول إلقاء الضوء عليه في المقالات القادمة.