رؤى

ثلاثية الحب السينمائية لنجيب محفوظ (3)

“ما من حكاية إلا وتُعبّر عن حقيقة ما، وما من ألم إلا ويشير إلى جرح ما، و ما من رواية إلا ولها راوٍ يرويها، وهي وإن تجسَّدت في صورة كلمات تُنطَق أو تُكتَب فهي ليست سوى ذلك الصوت الذي يأبى الصمت أو النسيان؛ فيخرج من الأعماق برغبة جامحة في تخليد الذكرى ربما ولعًا بالحكمة والاتعاظ، وربما تنفيثًا عن تلك الشحنة المخزونة من العواطف والأحاسيس، وربما تمسكًا بالحُلم سواء كان قد تحقق أو من الممكن له أن يتحقق ذات يوم. ولذلك فإن كل ما يُروَى هو حدث له تاريخ، ومع ذلك فإن الخيال هو الذي يتولى مهمة تجسيده”. نجيب محفوظ (عصر الحب) 1980.

إن رواية (عصر الحب) هي العمل الأدبي الثالث والأخير من ثلاثية الحب السينمائية للأديب العالمي نجيب محفوظ، وهي لم تتحول فقط إلى فيلم سينمائي؛ بل أيضًا قُدّمت في مسلسل إذاعي، وكذلك في مسلسل تلفزيوني، وكل تلك الأعمال قدَّم السيناريست عصام الجمبلاطي المعالجة الدرامية لها بما يتناسب مع الإذاعة والتلفزيون والسينما؛ ولكن تظل الصياغة الأدبية لنجيب محفوظ ذات بريق يميزها ومكنون فلسفي عميق ربما لم تتمكن المعالجة الدرامية من طرحه بنفس الدرجة من العمق.

لقد حقق المسلسل الإذاعي الذي يحمل نفس عنوان الرواية نجاحًا جماهيريًّا عريضًا وقت إذاعته. وكان أنور عبد العزيز قد أخرج المسلسل في ثلاثين حلقة، مدة الحلقة الواحدة حوالي عشر دقائق، من بطولة حسن يوسف وليلى طاهر وصلاح السعدني وصفاء أبو السعود. أما كلمات الأغاني فقد وضعها كمال عمار، والموسيقى والغناء كانا للفنان سيد مكاوي الذي غنى في مقدمته: “قالوا وقلنا عن الخلان وكان يا ما كان.. قالوا الهوى سلطان .. ده الحب بستان وفيه الورد ويا الشوك، وكل حي ونصيبه والمقدر كان”.

وفي عام 1983، أنتج المسلسل التلفزيوني (عصر الحب) من بطولة صلاح السعدني وسميحة أيوب ورغدة ومحمد وفيق، وأخرجه يوسف مرزوق في 18 حلقة، كل حلقة مدتها 45 دقيقة. وكان يتميز بتتري البداية والنهاية اللذيْن كانا من كلمات الشاعر عبد الرحيم منصور، ومن ألحان الموسيقار محمد الموجي وغناء الفنان علي الحجار.

وفي السينما عُرض فيلم (عصر الحب) عام 1986، من بطولة محمود يس وسهير رمزي ومجدي وهبة وشهيرة وتحية كاريوكا، وأخرجه حسن الإمام، ووضع الموسيقى التصويرية له الموسيقار محمد سلطان.

وبعيدًا عن التحليل الدقيق لتلك الأعمال الدرامية التي احتوى آخرها وهو الفيلم السينمائي على أحداث مختلفة بعض الشيء عن المسلسلين الإذاعي والتلفزيوني اللذيْن تطابقا إلى حدٍ كبير مع النص الأدبي، فإننا نفضل أن نصحب القارئ كي نحلق في آفاق نجيب محفوظ الأدبية والفكرية والتي عبُر عنها من خلال النص الأدبي للرواية، والذي طرح فيه فكرة الحب من طرف واحد، والحب الذي يُقدم بلا شروط أو حدود دون أي مقابل، وكيف يمكن أن تكون التعاسة هي ثمرته وليست السعادة، وكيف يمكن أن يتحول الحب إلى قيد يلزم الفكاك منه، أو إلى وهم يحجب الحياة ويعوق التقدم إلى الأمام، وكيف يفسد كل من الطمع والأنانية الحب بين الأصدقاء وبين الأخوة والأخوات!

إن تلك الرواية ربما ليست واحدة من أهم ما كتب محفوظ، ولكنها بالطبع لم تخل من نظرته الفلسفية للنفس الإنسانية ورصده وتحليله لإفرازات الحياة والمجتمع. لقد اختار نجيب محفوظ لأحداث روايته أن تقع خلال فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، وصوَّر فيها الست (عين) كامرأة قوية ومتزنة وصارمة أمام رجال الحارة الذين منهم بالقطع من يطمع فيها وفي ثروتها؛ ومع ذلك فهي محسنة وعطوفة على الفقراء والمحتاجين. أما نقطة ضعفها الوحيدة فتتمثل في تعلقها بابنها الوحيد الذي لا تتصور حياتها بدونه خاصة بعد وفاة زوجها. لذلك قررت أن تكرس حياتها لرعايته وتلبية احتياجاته وتدليله وعدم القسوة عليه، في حين تعلق قلب ابنها (عزت) منذ صباه بحب (بدرية) ولم يتصور هو أيضًا حياته بدونها، ولذلك أمضى بقية عمره في هيامها حتى بعدما تزوجت من صديقه (حمدون)!

وهكذا يتضح كيف نمَّى فرط التدليل شجرة الأنانية في نفس الطفل الوحيد (عزت) الذي كان مُنعَّمًا بالخيرات دون شقاء، والذي كُبِتت حريته في أوقات كثيرة من فرط الخوف عليه، فأمضى فترة صباه ومراهقته بين تعليم مفروض عليه ولا يرغب فيه، وبين اللهو واللعب والاعتياد على عدم بذل الجهد أو التعب، فلم يعرف معنى الشقاء والكد من أجل جمع المال وتكوين الثروة.

وعندما صدمه رفض أمه –وللمرة الأولى– طلبه بالزواج من محبوبته (بدرية) تشبث بها أكثر وحاول أن يخطبها بمفرده من أبيها ولكنه رفض. ونتج عن ذلك أن تولدت لدى (عزت) مشاعر الحنق والغضب من والدته لوقوفها كعقبة أمام رغباته التي لم يعتد على عدم الحصول عليها. آنذاك انتابه الشعور بالحزن العميق، فعرف الوحدة حتى وهو منغمس في خضم الناس، وأدرك أنه ليس قويًّا مثلما كان يعتقد بل إنه مغلوب على أمره، وأن كل جاهه الذي يفتخر به إنما يستمد نوره من أمه (الست عين). وظل شعور (عزت) بالفقر والضعف بل وأيضًا بالعجز يشعل غضبه حتى أعماه وأفقده رشده، خاصة وأنه لم يتمكن من التحرر من أسر رغد العيش ورفاهته فاستسلم لعجزه مضطرًّا إلى كبت تمرده على الواقع الذي لا يقبله ولا يُرضيه.

وفي حين كان (عزت) يرى صديقه (حمدون) صعلوكًا؛ إلَّا إنه كان يحنق عليه لقدرته على تحدي ظروفه والزواج من (بدرية)، ولجرأته في عدم التخلي عن شغفه بالمسرح والفن، بينما هو كان في أعماقه ساخطًا على جُبنه الذي كان يدفعه إلى الاستسلام وعدم اقتراح حلول تصنع أي قدْر من التغيير في حياته، بل إن ضعفه يسبب له دائمًا الوقوع في مشكلة تلو الأخرى انقيادًا لشهواته الجامحة والتي تعبر عن كبته وأسره.

وفجأة وبلا تفكير حُفِرت في لوحة الليل السوداء نقوش لا تُمحى وكأنه لا يملك سوى تلبية نداء قدَرٍ غامض أذعن له في ذروة غضبه وعجزه بكل مذلة وهوان ويأس. لقد فقد في تلك اللحظة كل ما تبقى لديه من حرية أو قدرة على الاختيار والتمييز فلم يعد يكترث بحلال أو حرام أو بصواب أو خطأ ما دام سيتمكن في الظلام والخفاء من فعل ما لا يقوى على ممارسته في النور والعلن، ومن التنفيس عما يكمن في أعماقه من تمرد على وضعه وحاله.

ولكن الست (عين) كانت ترى أنه يجب إصلاح الخطأ لتفادي الظلم، فالخطأ وراد أما الظلم فغير جائز، بل إنه كلما جاء الإصلاح على غير هوانا كلما اقتربنا أكثر من عفو خالقنا، لذلك لم تتردد بكل ما تتمتع به من صرامة وقوة في إجبار ابنها على الزواج من (سيدة) برغم ضعفها وفقرها وهوانها. و(عزت) بدوره انتهز تلك الحادثة كي يفجر كل ثورة مكبوتة في نفسه كي يواجه أمه بلا خوف أو تردد؛ ولكن الثورة عنده كانت مجرد هياج لن يكون مصيره سوى الخمود طالما سيظل حبيس اعتماده على إنفاق أمه عليه وعدم عزمه على تحمل مسئولية الإنفاق على نفسه. وبالرغم من ملاحظة الست (عين) لعدم سعادة ابنها (عزت) في حياته إلَّا إنها كانت تُذكره دومًا بأن الإنسان هو من يصنع سعادته بيده.

ومع استمرار الاستسلام للواقع الذي هو من صنيعة يدي (عزت) كانت تراوده فكرة التخلص من تلك الزيجة في الوقت المناسب على الرغم من أنه كان يعتبرها الجزاء العادل لضعفه وتردده. وبعد رسوبه في دراسة القانون واستقالته من وظيفته في وزارة المعارف أصبح يضج من الفراغ والإحباط والوحدة فانزلق إلى نسيان همه في غرزة ينفث في محيطها الضيق والخانق، ما يشتعل في صدره من ثورة ما زالت مكبوتة، وذلك بالرغم من فورانها أحيانًا في وجه زوجته (سيدة) التي كان ناقمًا طوال الوقت عليها ويريد الفكاك من حبائلها التي أحكمت تقييد حريته؛ خاصة بعد إنجابها لابنه الوحيد (سمير). كما كان أيضًا يفجر ثورته تلك في وجه أمه التي كان يرى في عناده لها المخرج الظاهري للتخلص من ضعفه وسلبيته غير الخفيين عليه، ولكنه لم ينجح في التخلص منهما بطريقة جذرية.

وبعد فترة من استسلام (عزت) للخمول والبلادة، والأحاسيس المضطربة، والنزوات العابرة، والتصرفات الصبيانية الطائشة كان لابد أن يصيبه الفتور تجاه نسكه التعبدي فحرص على إخفائه هو الآخر كي لا تلحظه أمه التي كان يحنق عليها بسبب سعادتها ونشاطها وحيويتها ودأبها على الإحسان على المحتاجين والتعبد لخالقها، ما حصّنها ضد العجز والشيخوخة، بينما هو كان تعيسًا وساخطًا؛ فرغم جاهه وماله وشبابه وصحته إلَّا إنه كان محاصرًا بالفراغ وسُمِّه القاتل.

ولم يخرج (عزت) من حصار الفراغ القاتل إلَّا بعدما قابل (حمدون) و (بدرية) مرة أخرى بعد سنوات من انقطاع أخبارهما عنه، وكانت فكرة إدارته لمسرح يقوم هو بتمويل عروضه سببًا وجيهًا لمعاودة رؤيته لحبيبته القديمة (بدرية) دون انقطاع، وواجهة جيدة تملأ فراغ كينونته التي أضاعها باستهتاره بعدما قرَّر أن تتوقف حياته بسبب حبه الضائع. فالآن قد حانت الفرصة أمامه كي يصبح رئيسًا على كل من (بدرية) و(حمدون) اللذيْن لم يقبل بعد بانتصارهما عليه، ولن يتركهما يتمتعان بما حُرِم هو منه بسبب زواجهما.

ولكن بعدما كانت (بدرية) جميلة في نظره باتت الآن مجرمة وقاتلة؛ إذ دفعته هو إلى الخيانة، وزجت بزوجها في غياهب السجون، وكانت السبب في مقتل إنسان بريء، وأخيرًا اعترفت له بعدم حبها له بل وبإخلاصها في حب صديقه (حمدون) رغم طلاقهما ثم زواجها بعد ذلك من رجل ثري طاعن في السن. آنذاك أدرك (عزت) أنه لم يصل إلى السعادة بل إن حياته كلها قد أفلتت من يده مثلما أفلتت (بدرية) من الارتباط به أو الوقوع في حبه. وأخيرًا سأل نفسه عن حياته التي أمضاها ممزقًا بين حبه لأمه وكراهيته لها بعدما عارضت زواجه من حبيبته فظن أنها هي التي حرمته منها ومن سعادته!

إنه كان يعلم أن السعداء لا يرون الحقيقة، وربما كانت معاناته تتجسد في فتور همته عن انتزاع حريته وركونه إلى البلادة والسكون وركضه وراء حب وهمي من طرف واحد تصور أن فيه سعادته ولكنه لم يحمل له سوى التعاسة والشقاء.

لقد أدرك(عزت) بعدما بلغ الخمسين من عمره أنه من الخطأ أن نعتقد أن الهدف هو السعادة! بينما ابنه (سمير) الذي كان متعلقًا بالسياسة فقد كان يرى أن الهدف من السياسة هو السعادة؛ ولكن نشاطه السياسي هذا كان السبب في هروبه من البلاد وعدم رؤية والده له بعد ذلك. فإذا بالمصير الذي تسبب فيه (عزت) لصديقه (حمدون) يتجرعه ابنه (سمير) لتبقى ذكرى قيصر عصية على النسيان وتأبى الطمس والهجران مثلما تأبى (بدرية) أن تنسى حبيبها (حمدون) أو أن تغفر لصديقه (عزت) وشايته به للتخلص منه.

وفي النهاية اكتشف (عزت) أنه غير راضٍ عن حياته ولا عن نفسه، فبرغم ما توفر لديه من صحة ومال، وبرغم زواجه وإنجابه إلَّا إنه لم ينعم براحة البال؛ بل إنه عندما ضاق بالفراغ استبدله به عملا لم يفكر فيه من قبل، فكان يقضي أيامه هروبًا أو انحرافًا أو طمعًا أو انتقامًا. ولكنه لم يفطن إلى ذلك إلَّا بعد وعكته الصحية المفاجئة، وفقدانه لابنه الوحيد، ثم خسارته لأمه (الست عين) التي أوقفت أملاكها لرعاية الفقراء والمحتاجين فظلت ذكراها الطيبة بين الناس حتى بعد وفاتها.

إن الست (عين) كانت تؤمن بأن الرجال يحتاجون إلى تربية ورعاية متواصلة تمتد من المهد إلى اللحد، وكأنهم ما زالوا أطفالًا، ولكنها لم تلتفت وهي تربي ابنها (عزت) إلى أن الرجال يجب إعدادهم منذ صغرهم لتحمل المسئولية والاعتماد على أنفسهم، كي يكونوا مؤهلين فيما بعد لتحمل مسئولية تكوين أسرة. فمثلما آمنت (عين) بأن سر السعادة يكمن في أن يأخذ الإنسان من المال ما يحفظ له الحياة وفقط، كان عليها أيضًا أن تمنح ابنها من الرعاية ما يكفيه وفقط دون إفراط في تدليل أفسده ونمَّى أثرته مما جعله لا يكترث باحتياجها له في شيخوختها، ومن ثم لم يعبأ بأن يعيش بعيدًا عنها إرضاءً لأنانيته وانقيادًا لطمعه فيما ليس من حقه إلى أن ماتت أمه وحيدة وحزينة.

لقد سلطت رواية نجيب محفوظ الضوء على واحدة من أهم مشكلات المجتمع وهي تدليل الأبناء المفرط وما ينتج عنه من تنشئة جيل يسعى دائمًا إلى التمرد والثورة ولكن بدون هدف محدد أو خطة واضحة، بل وبدون طموح واعٍ أو سعي دؤوب.

كما ربط محفوظ في روايته بين عدة معانٍ هي السعادة والحب والحرية محاولًا أن يجد الخيط الذي يجمعهم. ولذلك ستظل تلك الرواية ذات بريق نابع من براعة الصياغة وجودة السرد اللتين عبر من خلالهما أديب مصر العالمي عن فلسفته حول مفهوم الحب الذي لن تتحقق معه الحرية إذا انحصر في إشباع شهوة التملك، أو إذا سيطرت عليه غريزة الأنانية، أو تحكمت فيه غريزة الطمع. وبالتالي لن يتحقق عصر الحب إلَّا إذا تجسد فيه معنى الحرية، وكذلك السعادة لن يصل إليها الإنسان بدون حب أو حرية.

ومثلما يقول نجيب محفوظ في روايته (عصر الحب): “على من يروم السعادة أن يكون حاسمًا مع المعوقات المتلفعة بظلمة الأركان العتيقة”، فإنه أيضًا على من ينشد الحرية أن يكون حاسمًا مع عبوديته لشهواته وخضوعه لنزواته وركونه لما نشأ عليه إذا صنعت منه تلك النشأة إنسانًا ضعيفًا ومستسلمًا.

فقدرة الإنسان على تمسكه الواعي بحريته هي التي تمكن العين من رؤية أعماق كل ظاهر على السطح، والتي قد تكشف عن شخص آخر ربما لا نعرفه لأننا انخدعنا بما تحب أعيننا أن تراه فيه، وبما نحب أن يصدر منه؛ لذلك فإن الحب وحده هو في حد ذاته نوع من الأسر إذ أنه من الممكن أن يخدعنا فيطمس على حقيقة من نحبهم ويحجبها عنا؛ ومن ثم فإن العاطفة بدون تفكير أو إعمال للعقل إن منحتنا السعادة يومًا فستكون إما سعادة مؤقتة أو سعادة وهمية.

وفي النهاية وبعدما استعرضنا ثلاثية الحب السينمائية لنجيب محفوظ، فإن الفيلم السينمائي (الحب فوق هضبة الهرم) سيظل هو الأفضل من بين تلك الأعمال السينمائية الثلاثة، والتي سبق وأشرنا إليها، وذلك ليس فقط لأنه اختير من ضمن أفضل مئة فيلم في السينما المصرية على مدار مئة عام من الإبداع السينمائي، ولكن أيضًا لأنه يحمل بصمة المبدع عاطف الطيب الإخراجية ورؤية السيناريست مصطفى محرم الواقعية، وروعة النص الأدبي لروائي انشغل بمفهوم الحرية ولم يرَ الحب بمعزل عنها.

كما سيظل النص الأدبي للأعمال الثلاثة السابقة هو الذي يحمل عمق نظرة الأديب العالمي نجيب محفوظ لأحوال المجتمع المصري من خلال ما يتخلله من حوار ينبض بالحياة ويعبر ليس فقط عن أوضاع واقعية بل وعن تحليل نفسي ومجتمعي يؤرخ للحقبة التي عاصرها محفوظ وكان خير شاهدٍ عليها.

وإذا كانت كلمة (الحب) هي القاسم المشترك في عناوين تلك الأعمال الأدبية والسينمائية الثلاثة، فإن الرومانسية لم تكن هي السمة الغالبة على النص الأدبي لمحفوظ بقدر ما كان معنى الحرية يتدفق من بين السطور بكل قوة لينطق بما يتم تجاهله والغفلة عنه. فالدفاع عن الحب وحمايته من وابل الأمطار والعواصف يتطلب حرية، والوقوف في وجه كل ما يعطِّل مسيرة الإنسان نحو حياة أفضل يغمرها الحب يتطلب حرية؛ ولذلك لابد من اقتناص الحرية عن وعي وفهم لمعناها من أجل الوصول إلى عصر الحب.

نيفين عبد الجواد

كاتبة وباحثة مصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock