رؤى

استشهاد العاروري.. خطوة نحو نهاية الحرب أم نحو اتساعها؟!

بقلم: حسين عبد الغني، إعلامي وصحفي مصري

نقلًا عن موقع عروبة 22

حسين عبد الغني

ودماء الشهيد البطل صالح العاروري ما زالت ساخنة في الضاحية الجنوبية لبيروت قد يكون من المبكر للغاية حسم اتجاه الدفة الذي سيقود هذا الحدث الكبير قارب الحرب إليه.

نغامر بالإشارة إلى احتمالين متناقضين، الأول: هو أن يقود هذا التطوّر إلى اتساع الحرب لتشمل الشرق الأوسط كلّه، وهو الهدف الاستراتيجي الذي سعت واشنطن إليه ونجحت حتى الآن في الحيلولة بكل ما في وسعها دون حدوثه. والاحتمال الثاني هو أن يكون اغتيال العاروري مؤشرًا على أنّ الحرب في غزّة لن تطول سنة وشهورًا عديدة كما يكرّر نتنياهو ومجلس حربه، وأنها شمس تنحدر نحو المغيب خلال فترة أقصر من ذلك.

اتساع نطاق الحرب وفقدان السيطرة

لم يكن التصريح الفوري لرئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بعد اغتيال العاروري عن أنها محاولة من إسرائيل لجرّ لبنان إلى حرب إقليمية إلا مؤشرًا بسيطًا على أنّ الاغتيال الآثم قد يفجّر الموقف المقيّد لجميع الأطراف خاصة على الجبهة الأخطر وهي جبهة الجنوب اللبناني. المؤشرات الأخطر تجد نفسها في هوية القائد الحمساوي الكبير وفي خطابه الوحدوي، وفي طبيعة أدواره في عملية المقاومة الفلسطينية، والأهم في مركزية دوره في العلاقات مع إيران و”حزب الله”.

العاروري كان شخصية استثنائية في “حماس”، ليس لأنه يُعتبر الرجل الثاني في الهيراركية القيادية للحركة، ولكن أيضًا لأنه جمع بين قدرات عسكرية وقدرات سياسية فذة في حين يتميّز معظم قادة “حماس”، إما بالتفوّق في الجانب السياسي أو الجانب العسكري وليس كليهما معًا.

تميّز العاروري أيضًا بتموضع خاص في الساحة الفلسطينية لنجاحه في إنتاج خطاب سياسي فلسطيني وطني وحدوي وغير متحزّب، وكان قادرًا باستمرار على تقديم لغة سياسية منضبطة وتتضمّن احترامًا لتاريخ فتح النضالي وتاريخ باقي الفصائل. ولهذا لم يكن غريبًا أن يبادر القائد الفتحاوي جبريل الرجوب إلى القول بأنّ “استشهاد العاروري خسارة فتحاوية قبل أن يكون خسارة حمساوية وهو خسارة لحركة التحرّر الوطني الفلسطيني”.

العاروري أيضًا له قيمة سياسية ومعنوية منحته إياها الجغرافيا الفلسطينية خاصة في بنية “حماس” الغزاوية المنشأ. فهو ليس ابن قطاع غزّة مثل معظم قادتها، ولكنه ابن قرية عارورة في الضفة الغربية المحتلة، وقد أهّله هذا لاحقًا لدوره الفريد في الحركة، إذ إنه بات في العقد الأخير القائد الحمساوي الأول في الضفة الغربية والمسؤول الأول عن البنية العسكرية المتنامية لعمليات المقاومة المتزايدة التي جعلت الجيش الإسرائيلي قبل هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول يركّز كل جهده على الضفة، وهو فراغ وثغرة جعلتا من مباغتة “طوفان الأقصى” لمخابراتها وجيشها اللطمة الأكثر إذلالًا في تاريخهما وتاريخ إسرائيل.

ولم يكن غريبًا مع وزنه الاستثنائي ألا تضع أمريكا ثقلها وراء اسرائيل في استهدافه، مخصّصةً خمسة ملايين دولار لمن يرشد عليه، فهو كان المسؤول الأول عن تدبير الأموال والأسلحة للمقاومة في الضفة.

هذه المسؤولية عن تدبير وتنويع مصادر السلاح للمقاومة جعلت من العاروري حلقة الوصل الحمساوية الرئيسية بالداعمين الإقليميين للمقاومة وهما “حزب الله” وإيران، وجعلته لا يفكر كثيرًا في أن تكون بيروت وجهته بعد أن قرّر الخروج من تركيا.

التحذيرات بأنّ اغتيال قادة “حماس” قد يكون مقدمة لحرب ليست جديدة، فقد بدأ عندما هدّد نتنياهو في أغسطس/آب الماضي العاروري مباشرةً، مؤكدًا بأنّ إسرائيل كدولة إرهاب ستعود لسياستها الإجرامية تاريخيًا في اغتيال القادة الفلسطينيين. وكان أول إنذار في هذا الاتجاه من العاروري نفسه الذي قال إنّ ذلك التهديد قد يقود لحرب في الشرق الأوسط، وأيّده وقتها تصريح من السيد حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” – يرفض فيه العودة لاستباحة لبنان كساحة للاغتيالات الإسرائيلية – معتبرًا أنّ التهديد باغتيال أي لبناني أو فلسطيني، أمر لن يكون مقبولًا ولن يتم التسامح معه وسيترتب عليه عواقب وخيمة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock