نشرت وسائل إعلام عبرية منذ ساعات، أن مئات “الإسرائيليين” الذين ذهبوا إلى هولندا لتشجيع فريق أحد أندية كرة القدم؛ تعرّضوا للدهس والطعن ومحاولات خطف.
ورغم احتواء الشرطة الهولندية للأحداث، التي نجم عنها حالة وفاة -غير مؤكدة- وعدة إصابات لم توصف بالخطيرة؛ إلا أن آلة البروباجندا الصهيونية التي تعاني منذ فترة من بوار منتجها الإعلامي، في ظل حالة العزلة التي يعيشها الكيان الصهيوني، المدان دوليا بجريمة الإبادة الجماعية، وجرائم حرب ضد الإنسانية- وجدت في الحادث بغيتها؛ فأطلقت أبواقها مهددة ومنددة، بما حدث للمشجعين الصهاينة، الذين أمر نتنياهو بإرسال طائرتين -على نحو عاجل- لإجلائهم.. بعد أن وصف الحادثة بـ “المُرَوّعَة”.
مثّل الحدث – بكافة أبعاده- ما يمكن وصفه بالصيد الثمين، لعدد من المسئولين الصهاينة الذين انبروا لتفسير ما حدث بأنه معاداة للسامية.. جيش الاحتلال لم يتخلف عن المشاركة في “الحفل”، إذ صرّح اليوم الجمعة إنه يستعد لنشر مهمة إنقاذ على الفور، بالتنسيق مع الحكومة الهولندية بعد المباراة، وأضاف أن المهمة ستشمل فرقا طبية وأخرى للإنقاذ، باستخدام طائرة شحن.
لحن المظلومية القديم ذو الإيقاع الرتيب “الممل” عندما يبدءون بعزفه؛ فإن الكل يسارع للمشاركة.. فلم يكن ليتخلف رئيس الكيان الذي انضم إلى الجوقة مبكرا بالكتابة عبر حسابه على منصة إكس قائلا : “استيقظنا هذا الصباح على صور ومقاطع فيديو صادمة كنا نأمل منذ السابع من أكتوبر ألا نراها مرة أخرى: مذبحة معادية للسامية تجري حاليا ضد مشجعي (فريق) مكابي تل أبيب ومواطنين إسرائيليين في قلب أمستردام”. وتابع: “هذا حادث خطير؛ إشارة تحذير لأي دولة ترغب في الدفاع عن قيم الحرية”. بالطبع يتفهم الجميع ماذا يقصد الرجل بقوله “قيم الحرية”؟!
لم يكتف جدعون ساعر وزير الخارجية الصهيوني بالتصريحات؛ بل سافر بنفسه إلى أمستردام لمتابعة الحدث “الخطير” عن قرب، بينما وصف الوزير بن غفير عبر منصة إكس، الحدث بقوله: “المشجعون الذين ذهبوا لمشاهدة مباراة كرة قدم، واجهوا معاداة السامية وتعرّضوا للهجوم بقسوة لا يمكن تصورها لمجرد أنهم يهود وإسرائيليون”.
أما عن تصريحات الشخصيات الأوربية، فلم تكن – في الحقيقة- أقل خطلا وتدنيا.. إذ صرّح زعيم اليمين المتطرف الهولندي غيرت فيلدرز، عبر إكس، “أن البلاد أصبحت «غزة أوروبا»، في أعقاب الهجوم على الإسرائيليين الذين يزورون أمستردام لحضور مباراة كرة قدم لفريق مكابي تل أبيب.. وأضاف “مذبحة في شوارع أمستردام.. هناك أشخاص يحملون أعلام فلسطين “يطاردون اليهود. لن أقبل ذلك… أبدا”.
ولم تتأخر وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، المؤيدة للإبادة الجماعية للفلسطينيين؛ صونا لأمن الدولة العبرية- على حد زعمها- عن التصريح معبّرة عن صدمتها، من المشاهد الواردة من أمستردام، والتي وصفتها بالمروعة والمخزية للغاية بالنسبة للأوروبيين، وأضافت أن “اندلاع مثل هذا العنف ضد اليهود يتجاوز كل الحدود. لا يوجد ما يبرر ذلك” كما أكدّت في النهاية أنه “يجب أن يتمكن اليهود من الشعور بالأمان في أوروبا”.
وحيال تلك “المَنْدَبَة” التي شاركت فيها أطراف عديدة من كل حدب وصوب – لم تستطع الأمم المتحدة، التي لم يطرف لها جفن، لمقتل 50 ألف فلسطيني، وإصابة ضِعفهم وفقد عشرات الآلاف، ونزوح نحوٍ من مليوني إنسان- ضبط إيقاعها – من باب ذر الرماد في العيون- وسارعت إلى التنديد بما حدث، كما أعربت المنظمة الدولية عن قلقها إزاء الاشتباكات التي وقعت في أمستردام، عقب مباراة لكرة القدم بين ناديي أياكس أمستردام ومكابي تل أبيب “الإسرائيلي”. وقال الناطق باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جيريمي لورانس، في مؤتمر صحافي في جنيف: “اطلعنا على هذه التقارير المثيرة للقلق”، مضيفا: “يجب ألا يتعرض أحد للتمييز أو العنف على أساس أصله القومي أو الديني أو العرقي أو أي أساس آخر”.
أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية لم تصمت وقالت عبر إكس: “أدين بشدة هذه الأعمال غير المقبولة. لا مكان لمعاداة السامية في أوروبا. نحن مصممون على محاربة كل أشكال الكراهية”.
ونحن في انتظار مزيد من البكاء والعويل، على ضحايا الحادث الذي وصفه البعض بـ “الإرهابي” لنعرف إلى أي منحدر وصل ضمير العالم الذي يصفه البعض بالمتقدم.. ولكنه – في الحقيقة- عنوان على كل ما هو منحاز ولا أخلاقي.
ما رصدناه اليوم من ردود الأفعال الأوروبية؛ يحمل تأكيدا صريحا بأن المقاومة هي السبيل الوحيد للتعامل مع الكيان المؤقت، وكل من يقفون خلفه.. أما الاستجداء فلن يفيد شيئا مع أناس أسسوا حضارتهم، على النهب والسلب والإبادة لشعوب إفريقيا والأمريكيتين.. وهم يتمترسون بكل قوة خلف هذه الأفكار المؤسسة، ولم يتزحزحوا عنها قيد شعرة.. مهما ادعى بعضهم، وبعض أذنابهم لدينا.. خلاف ذلك.