ثقافة

“جزيرة هرموش” للمبدع محسن يونس.. أفضل عمل روائي في معرض الكتاب لهذا العام

أعلنت اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ56، الذي تنظِّمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، فوز رواية “جزيرة هرموش” للروائي محسن يونس بجائزة أفضل رواية في المعرض لهذا العام، مناصفة مع رواية “شبح عبد الله بن المبارك” لماجد طه شيحة.

الأديب محسن يونس يُشكِّل حالة إبداعية فريدة؛ بدأت بالقصة القصيرة حيث صدر له عام 1980، مجموعة قصصية بعنوان “الأمثال” ثم مجموعة “الكلام هنا للمساكين” عن دار الغد للنشر عام 1989، ثم مجموعة “الأمثال في الكلام تضيء” عن الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 1992، وهو العام الذي شهد صدور أول رواية لمحسن يونس بعنوان “يوم للفرح” عن الهيئة العامة للكتاب.

ست سنوات كاملة فصلت بين روايته الأولى والثانية التي صدرت بعنوان “حلواني عزيز الحلو” عن هيئة قصور الثقافة؛ لتمضي ست سنوات أخرى قبل صدور عمله الروائي “بيت الخلفة” عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.

في عام 2008، يبحر محسن يونس بعيدا في نص باذخ وصفه الكاتب بأنه موجات قصصية، وأسماه “سيرة جزيرة تدعى ديامو” عن دار فكرة، وفي العام التالي عن نفس الدار صدرت رواية “حكاية عن الألفة” ثم “ما تبقى من بدايات بعيدة” رواية صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة مطلع 2012، ورواية “الملك الوجه” (متن واحد وأربع نهايات) في العام التالي الذي شهد أيضا صدور “حرامي الحلة.. شطحة روائية لوقائع إقامة جبرية” عمل روائي تجريبي، عن دار الأدهم

ويشهد عام 2015، صدور روايته “خرائط التماسيح”، ثم “حسن السماع وطيب المقام” عام 2017، ورواية “منام الظل” في 2018، عن مؤسسة بتانة الثقافية، و”منطق الزهر” 2020، وصدرت رواية “فراش أبيض” في العام قبل الماضي، ثم “جزيرة هرموش” الرواية الفائزة بجائزة المعرض لهذا العام.

وإذا كانت القصة القصيرة هي مغامرة يونس الأثيرة، فمن الممكن اعتبار العمل الروائي ساحة إبداعه اللامحدود الذي تفجَّرت فيه طاقات الأديب صاحب التجربة الإنسانية الثريَّة التي ارتبطت بموطن الكاتب أقصى شمال مصر في دمياط، أما الكتابة للأطفال فهي نزهة محسن يونس التي يروي فيها، أزهار أمتنا العربية اليانعة، برحيق تجربته المهنية والإبداعية؛ إذ قدّم يونس للأطفال عدة أعمال منها: “من ديوان الحمقى” و”هذا من فعل السلطان” و”لغز الشعلة الراقصة” و”اختفاء الروبوت سمسم” و”القوة الداخلية” و”الأمنية المشروعة” و”رأس الدمية” و”أحلام ملونة” و”أحلام الكلب شمشمون”.

يتناول الروائي الكبير في روايته “جزيرة هرموش” الصادرة عن مؤسسة غايا، حلم الثراء السريع الذي ينفتح له باب المصادفة على مصراعيه، فتستبد بالحالمين الرغبة في امتلاك المزيد، بدافع الجشع الذي سلب الجميع عقولهم، وتركهم في حالة من التوحش جعلت اقتراف الجرائم- حتى جريمة القتل- أمرا عاديا تفرضه أولويات الصراع على الثروة.

يربط مبدعنا في “هرموش” بين فكرة الثراء السريع -التي أصبحت تراود الجميع- دون بذل جهد أو استحقاق، والواقع الذي نعيشه في عصر الكسب من مواقع التواصل الاجتماعي و”اليوتيوب” والتي صارت ترفع البعض من حالة الفقر المدقع، إلى حال الثراء الفاحش في غضون أيام؛ وفي غمضة عين يصبح هؤلاء نماذج للشباب يتطلع إلى الاقتداء بها؛ بغض النظر عما يقدمه غالبيتهم من محتوى لا يحمل أدنى قيمة؛ بل يروّج لكل ما هو وضيع ودنيء.

ينبه الكاتب إلى أن “هرموش” جزيرة الحلم، هي في الواقع كابوس حياتنا الذي ينبغي أن نفيق منه؛ لأن الحياة نفسها أثمن بكثير من هذا التكالب المحموم لجمع الثروة، دون حتى الاستمتاع بها.

“جزيرة هرموش” عمل إبدائي بالغ العمق والثراء، ينفتح على دلالات كثيرة، وهو عمل يحتاج إلى قراءة مدققة وربما أكثر من قراءة، فمن يعرف إبداع يونس عن قرب؛ يكاد يجزم أن القراءة الثانية تحمل من الإمتاع والروعة وإشراق الرؤى الكثير والكثير؛ مما لا يحسن إضاعته.

الحكيم يونس كما يحب أن يُعرّفه محبي إبداعه الفريد، نحتاج إلى قراءته خلال تلك الفترة من عمر الوطن.. ففي إبداعه رؤى ملهمة، وحكمة بالغة وعلامات.. ما أحوجنا إليها!

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock