اختار الراحل الدكتور شاكر عبدالحميد أن ينأى بنفسه عن الدخول في سجالات الجدل الثقافي والسياسي اليومى السريعة التي لا تلبث أن تخفت بسرعة كما صعدت – مهما كانت أهميتها – وهو اختيار يمكن تفسيره بشعور عميق لديه بقصر العمر مقارنة بثقل العبء المعرفي الذي نذر نفسه للإسهام في تأسيسه باعتباره القاعدة اللازمة لأى محاولة لاستئناف النهضة والتنوير في ثقافتنا العربية. في ضوء هذا الشعور وذلك القرار يمكن فهم ذلك النموذج الموسوعي الإستثنائي الذي جسده شاكر عبدالحميد في صورة كم كبير من الدراسات والكتب المؤلفة والمترجمة في مجالات صعبة وغير مسبوقة بهذا المستوى في الثقافة العربية منذ زمن طويل.
وفي مواجهة ثقافة التلقين والتكرار والاجترار الضاربة في الثقافة العربية من مستوى النخبة حتى ثقافة المواطن العربي العادي في حياته اليومية، اختار شاكر عبدالحميد “علم نفس الإبداع” كتخصص دقيق له ، وهو ما تكشف عنه كتاباته غير المسبوقة التي كانت تدور في معظمها حول عناوين من قبيل «آليات الإبداع ومعوقاته، المرونة في تفكير الأطفال، الخيال من الكهف إلى الواقع الافتراضي، الفكاهة وآليات النقد الاجتماعى، الحلم والرمز والأسطورة، الفن والغرابة»، وغيرها من الموضوعات الجديدة على الثقافة العربية.
لم يكن شاكر عبدالحميد من ذلك النوع من الباحثين الذين ينتهي دورهم بإنتاج دراساتهم النظرية التي يتابعها المتخصصون من زملائهم، بل قدم جهودا مهمة للاستفادة من العلم النظري في فهم العصر الذي نعيشه والذي أصبح يتغير ويتطور بسرعة غير معتادة، فنجده يكتب محللا “عصر الصورة”، ومتابعا لأهم التحديات التي تواجه مجتمعاتنا العربية المعاصرة فيترجم ويؤلف عن موضوعات مثل «بيولوجيا السلوك الديني: الجذور التطورية للإيمان والدين” والتفسير النفسي للتطرف والإرهاب» وغيرها من التحديات المعاصرة.
كان شاكر عبدالحميد آخر ضحايا فيروس كورونا اللعين، ولكن صراعه مع الفيروس الذي غير ملامح حياتنا كما غير شكل العالم، لم تبدأ مع إصابته به قبل أسابيع قليلة، ولكنها بدأت مبكرا منذ ظهور الفيروس. العالم الكبير كتب لموقع “أصوات” خلال الشهور الأخيرة أعمق التحليلات لفهم التأثيرات العصبية لكورونا والعمليات النفسية المعقدة التي تصاحبه وتلك التي تساعد على مقاومته وهزيمته.
احتفاءا بالراحل الكبير ودوره الفكري البارز في فهم ثقافتنا وحياتنا الاجتماعية بشكل أعمق، يستعرض “أصوات” كتاباته الأخيرة على الموقع لتكون متاحة لمحبيه وقرائه، كما يوجه الموقع دعوة مفتوحة لكل الباحثين والكتاب للمشاركة هنا بكتاباتهم النقدية احتفاءا بالراحل وبفكره وبالنموذج الثقافي المتفرد الذي قدمه لوطنه وللثقافة المصرية والعربية.
أصوات اونلاين
ما بعد الكورونيالية: أو ذلك العدم الذي يقف على الأبواب (1-2)
ما بعد الكورونيالية: أو ذلك العدم الذي يقف على الأبواب (2-2)
الكورونا وانقطاعات الحياة (1-4) عزلة الكائن التي لا تحتمل
كورونا وانقطاعات الحياة (2-4) صدع في الزمن.. يستدعي فرويد وهيجل
كورونا وانقطاعات الحياة (3-4) الضغوط الكورونيالية: أدرينالين الهرب أو المواجهة؟
الكورونا وانقطاعات الحياة (4-4) على طريق المواجهة: خفض الشعور بالضغوط
الكورونا وكهف أفلاطون
لقاء مع المجنون الأخضر (1-2)
لقاء مع المجنون الأخضر (2-2)
علم نفس الإبداع: قراءة فى أحدث إصدارات شاكر عبد الحميد
الإرهاب من منطلق وجودي.. جدلية التسلط والإبداع