رؤى

إسرائيل تتسبب في إغلاق مطار دمشق لإحباط تهريب أسلحة من إيران

أصوات:

يكشف هذا المقال الاسرائيلي –وللأسف الشديد– كيف تتمتع إسرائيل ومؤسستها العسكرية العدوانية، بالقدرة علي المبادرة واستغلال التطورات السياسية لصالح أهدافها في تحييد الأعداء؛ لقضم أراضٍ عربية جديدة… إلخ .

التطور الأساسي في منطقتنا –كما هو في العالم كله– هو الحرب الروسية الأوكرانية، ذات الطابع الكوني.. وتريد إسرائيل –باختصار– الاستفادة من تركيز وانشغال روسيا في حربها مع أوكرانيا، عن حضورها الاستراتيجي/العسكري في سوريا – في توجيه ضربات قاصمة للوجود العسكري الإيراني في سوريا، ومنع وصول معدات توجيه متقدمة للصواريخ، لحزب الله الذي يعتبر العقبة الوحيدة لمنع إسرائيل من نهب موارد الغاز الطبيعي اللبناني البحرية.

للأسف، فإن هذا التطور الذي وصل إلي حد وقف الرحلات الجوية لمطار دمشق الدولي، والاعتداء علي تدفق رحلات الطيران المدني التجارية العادية، وزيادة متاعب سوريا الاقتصادية؛ لا يقابله مبادرات عربية أو إيرانية مضادة، في وقت تضع موسكو كل تركيزها علي الجبهة الأوكرانية؛ خاصّة وقد بدأت أخيرا تحقق انتصارات تكتيكية لافتة؛ تحتاج إلى تدعيمها وتوسيع نطاقها.

الأخطر أن غياب رد العالم العربي والإسلامي؛ قد يقود إلى تحرشٍ عدواني إسرائيلي، قد يتسبب في نشوب نزاعات عسكرية بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، أو نزاعات عسكرية في سوريا بين القوات الإسرائيلية والقوات السورية النظامية.

إن التطور بالغ الخطورة الذي تشي به المبادرات الإسرائيلية والتركية –أن انفجارا كبيرا قريبا محتملا للوضع في الشرق الأوسط سواء كان: إسرائيليًا/ سوريًا، أو إسرائيليًا/ لبنانيًا، أو تركيًا/ سوريًا– أصبح مطروحا بكل قوة ..فضلا عن استمرار احتمالات اتساع نطاق التوترات في فلسطين المحتلة؛ بسبب تصعيد استفزازات المستوطنين واليمين المتطرف للفلسطينيين في القدس وباقي الأراضي المحتلة.

ترجمة: كريم سعد

صعّدت إسرائيل بشدة هجماتها في سوريا الأسبوع الماضي، وضربت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي، مرتين منطقة مطار دمشق الدولي، وألحقت أضرارا كبيرة بمدارج الطائرات.. وكان الهدف من هذه الخطوة إحباط تهريب الأسلحة من إيران إلى لبنان عبر سوريا، عن طريق الرحلات الجوية التجارية. ونتيجة لذلك، ألغيت جميع الرحلات الجوية من وإلى دمشق حتى 20 يونيو على الأقل.

كانت إسرائيل قد بذلت في السنوات الأخيرة جهودًا كبيرة للحد من تهريب الأسلحة من إيران إلى حزب الله في لبنان.. وقد تضمنت هذه الجهود عدة هجمات – معظمها من الجو– على طرق تهريب الأسلحة من إيران إلى لبنان، كما هاجمت إسرائيل قواعد الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سوريا؛ لمنع الجيش الإيراني من ترسيخ وجوده في سوريا، وخاصّة بالقرب من الحدود مع إسرائيل في هضبة الجولان.

وتهدف جهود إيران الرئيسة إلى تحسين دقة آلاف الصواريخ التي بحوزة حزب الله، ويتحقق ذلك جزئيًا عن طريق تهريب أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS) والتي تثبت على الصواريخ لضبط توجيهها.

وفي الماضي، كانت مجموعات هذه الأنظمة تُهرَّب أيضا بواسطة طائرات شحن إيرانية تهبط في دمشق، ومن هناك تُرسل في شاحنات إلى لبنان.

في الوقت نفسه، أقام حزب الله مواقع تحت الأرض لتجهيز الصواريخ في لبنان، كان قد كُشف عن بعضها من قبل بنيامين نتنياهو في خطابٍ ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل عامين تقريبًا.

وسعت إيران إلى إيجاد سبل للالتفاف حول الضربات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، حيث هُرِّبت بعض أفضل الأنظمة في حقائب اليد على متن الرحلات الجوية التجارية.

وتصل بعض هذه الرحلات مباشرة إلى دمشق من طهران، وبعضها يمر عبر مطارات محددة في أوروبا.. ولأن إسرائيل لا تستطيع إلحاق الأذى بالطائرات التجارية –الأمر الذي من شأنه أن يعقد الأمور مع المجتمع الدولي وقد يقود الجبهة الشمالية إلى حافة الحرب– إلا إنها تستخدم هذه الهجمات لإيصال رسالة إلى سوريا.. حيث هاجمت إسرائيل مؤخرا مطار دمشق ثلاث مرات، ما ألحق به أضرارا بالغة.. ففي الأول من مايو، أحدث قصفٌ حفرةً كبيرةً، ما أدى إلى إغلاق مدرج واحد بالقرب من الجزء العسكري من المطار.. وشهد الأسبوع الماضي هجومين آخرين في منطقة المطار، ووقع الهجوم الثاني في ساعة مبكرة من صباح الجمعة. وبحسب تقرير لشركة “إيمج سات إنترناشيونال الإسرائيلية” فإن الأضرار التي لحقت بالمطار كانت جسيمة. كما تضرر المدرج الثاني وتضرر الممر الذي يربط بين المدرجين، وكذلك برج المراقبة ومنشآت أخرى.

ويشهد الإجراء الإسرائيلي على الأهمية التي تنسبها الشخصيات الأمنية والسياسية إلى وقف الشحنات، وربما أيضا على الشعور بإمكانية اتخاذ خطوات عسكرية بعيدة المدى الآن، بينما يتركز الاهتمام الدولي على الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

الجيش الروسي في أوكرانيا
الجيش الروسي في أوكرانيا

وامتنعت سوريا وإيران حتى الآن عن القيام بعمليات انتقامية عسكرية ضد إسرائيل.

ومع ذلك، فإن الوضع بين إسرائيل وإيران أكثر توترا من المعتاد، نتيجة اغتيال إسرائيل لعقيد في الحرس الثوري في طهران في 22 مايو الماضي، والتحذيرات من محاولات إيذاء المواطنين الإسرائيليين في الخارج، وخاصة في تركيا. حيث أصدر مكتب مكافحة الإرهاب التابع لمجلس الأمن القومي، تحذيرا للإسرائيليين في تركيا باحتمال القيام بمحاولاتٍ لإلحاق الأذى بهم.

وأصدرت روسيا بيانا أدانت فيه الهجوم الأخير على المطار.. ووصفت وزارة الخارجية في موسكو الهجوم بأنه غير مسؤول و”ممارسة شريرة” تُعرّض حياة الأبرياء للخطر.

وقد استخدمت إسرائيل أسلوبًا مشابهًا في الماضي – قصف متكرر لمدارج ما أدى إلى توقف استخدامها تمامًا – ضد قاعدة T-4 الجوية السورية شرق مدينة حمص. ويبدو أن القصد من ذلك هو إبلاغ السوريين بأنهم إذا لم يوقفوا التهريب، فسيتم إغلاق المطار لفترة أطول.

ومع ذلك، قد تدرك إسرائيل الآن أن الضربات الجوية المكثفة والمتكررة؛ لن تغير موقف نظام الأسد من داعميه الرئيسيين (روسيا وإيران).

وكان مسئولون إسرائيليون، قد أعربوا –في السابق– عن أملهم في أن يقرر الرئيس بشار الأسد إخراج القوات الإيرانية من سوريا. كما اقترح أن تقلل روسيا من وجودها العسكري في سوريا بسبب الحرب في أوكرانيا.

لكن هذه التوقعات لم تتحقق. ورغم أنه يبدو أن الأسد منزعج من الأضرار التي أحدثتها الهجمات الإسرائيلية، والتي أدت إلى حالة الطوارئ المستمرة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، إلا أنه غير مستعدٍ لفك الارتباط مع الإيرانيين؛ حيث ساهمت المساعدات الإيرانية، وخاصّة إرسال مقاتلين من الميليشيات الشيعية لسوريا، على بقاء النظام في ذروة الحرب الأهلية في سوريا، قبل نحو تسع سنوات. بينما العنصر الثاني الذي جعل المعركة لصالح سوريا، هي المساعدات الجوية الروسية.

وبرغم كل شيء فالجهود الإسرائيلية لدق إسفين في الثالوث السوري/الإيراني/الروسي لم تنجح. وستستمر روسيا وإيران في مساعدة النظام السوري، على الرغم من التوترات العرضية في مثلث القوى.

مصدر الترجمة

كريم سعد

مترجم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock