فن

الفيلم الكوري “صرخة الصمت”.. “ارقد في سلام؛ فكلنا آثمون”!

في عام 2017،  اختير سيناريو  الفيلم الكوري “صوت الصمت” Voice of Silence  كواحد من أفضل اثني عشر مشروعا في بينالي البندقية للسينما.. وفي ظل اهتمام متزايد بالانفتاح على الثقافة الكورية التي باتت جاذبة لقطاعات واسعة من الشباب؛ جرى عرض الفيلم مؤخرا في مكتبة مصر الجديدة.

الفيلم أنتج  في 2020،  وهو من تأليف وإخراج “هونغ إيوي جيونغ” وبطولة “يو آه إن” و”يو جاي ميونج” و”مونج سونج آه” و”إم كانج سونج”.. ويعد الفيلم حلقة في سلسلة التطور الكبير الذي تشهده صناعة السينما الكورية، وهو ما أدي إلى انتشارها عالميا؛ بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية، ورغم حاجز اللغة؛ فإن للأفلام الكورية حضورا كبيرا اليوم في كثير من دول العالم.

النجاح الكبير للسينما الكورية بدا واضحا منذ عام 2019، حين تمكّن الفيلم الكوري “Parasite” من حصد جائزة  السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي الدولي، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ استطاع  الفيلم الفوز بـأربعة من جوائز الأوسكار عام 2020، لأفضل مخرج، وأفضل فيلم، وأفضل فيلم أجنبي، وافضل سيناريو أصلي؛ كما تمكّن من تحقيق أرباح بلغت حصيلتها 254 مليون دولار؛ خلال فترة عرضه.

وأمام كل هذه المعطيات؛ تبدو مشاهدة الفيلم فرصة ذهبية للتعرف عن قرب على سينما ظلت لسنوات طويلة مجهولة بالنسبة لنا، مقارنة بالسينما الأمريكية؛ أوالسينما الهندية.

تدور أحداث الفيلم الحافل بالإثارة والتشويق في كوريا الجنوبية؛ حيث يعمل رجلان على إزالة آثار جرائم ترتكبها إحدى عصابات الجريمة المنظمة.

منذ اللقطات الأولى، ينجح مصوّر الفيلم في ربط عين المشاهد بالشاشة؛ خاصة مع مناظر الطبيعة الكورية الخلابة، والخضرة مترامية الأطراف، والسماء الصافية التي تظهر مع التتر، وقد بدت مثل لوحة فنية بديعة التكوين، تلوح في منتصفها نقطة صغيرة متحركة، نتبين أنها سيارة، تُقِلُّ شخصين سوف يصبحان بعد قليل محورا رئيسا للأحداث.

تتوقف السيارة.. ويهبط الشخصان أمام أحد المنازل في منطقة نائية، حيث يقومان بتبديل ملابسهما ويرتديان ما يشبه ملابس الأطباء في غرف العمليات، وبعد ذلك ينتقلان إلى مكان يشبه المخزن.. لنكتشف أن دورهما هو تنظيف الآثار المتخلفة عن جرائم ترتكبها عصابة كبرى في هذا المكان الذي خصصوه لهذا الغرض.

يصل زعيم العصابة رفقة رجالة؛ فيغادر الشخصان إلى الخارج؛ ليتناولا طعامهما بجوار سيارة الزعيم الفارهة، ولسان حالهما يقول: “أذل الجوع أعناق الرجال” فهاهما قد تحولا في لحظة ضعف إلى أداة تنظيف في يد قاتل محترف؛ يسعى من خلالها حثيثا إلى إخفاء أي أثر لجرائمه،  ماضيا خلف شيطانه إلى النهاية.

يعودان إلى الداخل مرة أخرى؛ فيجدا زعيم العصابة الشاب منتشيا، وقد بدا متعطشا لإراقة المزيد من الدماء التي يجد في سفكها لذة ترتسم بوضوح على وجهه؛ بينما الوشم الذي يلتف حول رقبته؛ يثير قدرا كبيرا من الغموض حول هذا الزعيم، الذي حرص على التقاط أكبر قدر من الصور لجثة الضحية، وهو معلق ينزف بعد الإجهاز عليه بلا رحمة.

يغادر الزعيم ورجاله المكان، ويتركوا لهما مهمة دفن الجثة وإزالة آثار الجريمة بالكامل، وكأن شيئا لم يكن. بهمة كاملة يعملان؛ لكنهما لا ينسيان وهما يوريان جثة الضحية التراب أن الأخلاق تحتم عليهما أن يدفنا الميت في الاتجاه الصحيح، حتى لو تطلب الأمر منهما أن يرفعا الجثة من الحفرة مرة أخرى، وأن يقفا بعد مواراة الميت الثرى على رأسه، وهما يدعوان له ويترحمان عليه ويبكيان من أجله “ارحل في صمت.. نحن جميعا آثمون”.

يعودان من حيث أتيا؛ وقد حملت السيارة  في رحلة العودة مجموعة من كراتين البيض، وعندما يمران بجدة عجوز تجلس على قارعة الطريق، لا يترددان لحظة  في تقديم عدة بيضات لها كنوع من المساعدة، قبل أن يوصي الأول الثاني قبل أن يغادر ألا ينسى ترديد الدعاء والصلاة قبل النوم!

ورغم أن بطلي العمل يشاركان في إخفاء آثار الجرائم؛ فإن المخرج نجح في خلق حالة من التعاطف معهما، حيث يبدوان وكأنهما مغلوبان على أمرهما، قد دفعتهما الظروف دفعا إلى هذا الطريق، ويتضح معدنهما بعد ذلك عندما يتعاطفان مع فتاة جرى اختطافها من قبل العصابة نفسها.. فتتعقد الأمور وتقع العديد من المفاجآت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock