رؤى

الخلافة الرقمية.. أفلام داعش إرهابٌ على الطريقة الهوليودية (2)

خلال الفترة من منتصف 2014، وحتى منتصف عام 2019، أنتج تنظيم داعش الإرهابي مجموعة كبيرة من الفيديوهات، تتراوح مدتها بين دقيقة وعشرين دقيقة، استهدفت أغلب سكان العالم وبثت بثماني لغات حية.

وبحسب ما يؤكده أحمد شوقي العطار في كتابه “الخلافة الرقمية.. كيف أسس داعش دولته على الإنترنت” فإن معظم الفيديوهات؛ تظهر رموز وعناصر التنظيم الإرهابي كأبطال خارقين للعادة، والمثير للدهشة أن حوالي 5% فقط من مقاطع التنظيم، ارتبط محتواها برسائل دينية، بينما خلت الغالبية العظمى من هذه الفيديوهات تماما من أي محتوى ديني.

ويضيف “كانت منصة يوتيوب أداة شديدة التأثير وبالغة الأهمية لداعش، وخصص لها حيزا كبيرا من اهتمامه، وكانت جزءا أساسيا من استراتيجيته الرقمية، وبحسب الخبراء استخدم داعش في الأفلام التي بثها على يوتيوب نفس التقنية والأسلوب المستخدمين في إنتاج الأفلام السينمائية في هوليود، وهو أسلوب يقوم على المونتاج السريع والإثارة مع عرض مقاطع تتضمن عنف مصحوبة بموسيقى سريعة  تشد المشاهد”.

ويشير العطار في كتابه إلى أن استخدام داعش ليوتيوب لم يقتصر على الأهداف الدعائية فقط، إذ جعل منه منصة للذئاب أيضا، حيث استخدم التنظيم الارهابي يوتيوب في عمليات تجنيد وتدريب الذئاب المنفردة عن بعد وتوجيه الرسائل لهم وإعدادهم وتدريبهم وتوثيق عملياتهم والاحتفاء بهم..  واستخدم  من أجل هذا الغرض سلسلة من الأفلام الموجهة للمقيمين في الغرب، وركز التنظيم بشكل خاص على ترجمة الفيديوهات إلى اللغات الخاصة بدول التحالف الدولي لمحاربة الارهاب والذي تأسس في عام 2014.

الخلافة الرقمية

وفي إطار حرص التنظيم على توطيد أركان خلافته الرقمية – لم يتوقف استخدامه للإنترنت على يوتيوب وفيس بوك وتويتر وجوجل؛ إذ امتد إلى ما يعرف باسم “الإنترنت العميق” أو “الإنترنت المظلم” وفي هذا الصدد يوضح العطار الصورة في كتابه قائلا “تشير الدراسات إلى أن ما يظهر لنا من محتوى الإنترنت عبر محركات البحث لا يمثل سوي 4% فقط من محتوى الإنترنت الحقيقي، وفي المقابل هناك شبكات مخفية تضم عددا كبيرا من المنصات والمواقع والمنتديات التي يمكن استخدامها دون رقابة أو ملاحقة قانونية، وأثبتت دراسات أن 57% من المحتوى العميق للإنترنت تحتله مواد غير قانونية، وفي قاع الإنترنت يلتقي مهربو المخدرات وأباطرة السلاح وتجار الأعضاء البشرية، وأيضا أعضاء تنظيم داعش الإرهابي.. بعيدا عن أعين أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية حول العالم”.

وبحسب كتاب الخلافة الرقمية؛ فقد بدأت العلاقة بين تنظيم داعش الإرهابي و”الإنترنت المظلم” عقب إعلانه المسئولية عن الهجوم الإرهابي الذي وقع في باريس عام 2015، وأسفر عن مقتل أكثر من مئة وثلاثين شخصا، حيث أعلن التنظيم في ذلك الوقت عن إطلاق موقعه على الإنترنت المظلم، كما وزعت خلايا داعش منشورات على تطبيق تليجرام تشارك روابط لخدمة المتصفح “تور”.

ووفقا لما ورد في الكتاب؛ فقد استغل تنظيم داعش الإرهابي قاع الإنترنت أيضا لتهريب وتبادل الأموال عبر الحدود، من خلال نظم الدفع الإلكترونية الحديثة، وتلقي التبرعات من داعميه وإرسال التمويلات الخاصة بالعمليات الارهابية لعناصره في أي مكان في العالم؛ باستخدام العملة الرقمية “بيتكوين” ويعتمد  التنظيم الإرهابي في ذلك على المتاجر السوداء المتاحة عبر الإنترنت، والتي توفر له خدمات متعددة مثل تأجير شاحنات أو سيارات لتنفيذ عمليات الدهس، أو تأجير المنازل الآمنة التي يسكنها الذئب المنفرد غالبا للتمويه قبل تنفيذ عمليته؛ ودون أن يحتاج لذكر أي معلومات حول هويته الحقيقية، كما أن هذه المتاجر تساعدهم أيضا في شراء الخرائط الحديثة  للأماكن المستهدفة وجوازات السفر المزورة؛ لتسهيل الحركة داخل الاتحاد الأوروبي.

وطبقا لكتاب الخلافة الرقمية، يوفر الإنترنت المظلم بشكل عام اتصالا آمنا لعناصر التنظيم الإرهابي، كما يستخدم داعش قاع الإنترنت في أرشفة المحتوى الدعائي الخاص به، بما يضمه من فيديوهات وبيانات.

تطبيق تليجرام  كان على رأس قائمة وسائل الاتصال المعتمدة لدى تنظيم داعش، وضمن خطته الرقمية لتكريس وجوده بالمنصات المشفرة؛ بسبب مميزات التطبيق التي لا يضاهيها أي تطبيق آخر.. وبسبب الضغوط التي تعرض لها التنظيم على مواقع التواصل الأخرى.

ووفقا لكتاب الخلافة الرقمية “يستخدم داعش تليجرام كقاعدة لشن المناورات الإعلامية من خلال تجنيد مستخدمي تليجرام المؤيدين له، وتوجيههم عبر غرف وقنوات التطبيق..  كما استخدم داعش التطبيق نفسه لتجنيد الذئاب المنفردة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock