فن

“لا تنظروا إلى السماء”.. لماذا علينا أن نضحك عندما تقترب نهاية العالم؟

يعد الفيلم الأمريكي “Don’t Look up” أو “لا تنظروا إلى السماء” واحدا من أهم الأفلام التي تنبأت بالكارثة المناخية الحالية التي تشهدها الأرض، حيث  تدور أحداثه حول عالمي فلك؛ يبذلان كل ما في وسعهما من أجل إنقاذ البشرية من الخطر القادم من بعيد.

جمع الفيلم بين مجموعة من النجوم من الوزن الثقيل مثل ليوناردو ديكابريو وميريل ستريب وجنيفر لورانس وكيت بلانشيت ومارك ريلانس وجونا.. وهو ما يفسر المشاهدات الكبيرة التي حظي بها عند عرضه على منصة “نتفليكس”.

مخرج الفيلم آدم ماكاي.. اشتهر بأعماله السينمائية التي تركز على تشريح المجتمع الأمريكي، وإلقاء الضوء على المشكلات الداخلية التي تختفي خلف ستار الدولة الأكثر تقدما في العالم، وهو يحاول في هذا الفيلم أن يحذّر من الثمن الفادح الذي يمكن أن تدفعه الولايات المتحدة بشكل خاص، والكوكب بشكل عام إذا استمر إهمال قضايا المناخ على هذا النحو.

ماذا علينا أن نفعل إذا أصبحنا على يقين كامل، من أننا قيد خطوة واحدة أو أقل من نهاية العالم؟ هل يجب علينا حتما أن نبكي؟ هذا الفيلم يقدم ردا لا يخطر على بال أحد، فهو يدعونا جميعا إلى الضحك حتى لو كان هذا آخر شيء يمكننا فعله، فالنهاية وإن كانت مأساوية فإن الأمر لا يجب أن يخلو من شيء من الكوميديا؛ حتى ولو كانت سوداء كالمستقبل المعبأ بغيوم التلوث.

المفارقة أنه لم تمض شهور قليلة على عرض الفيلم في نهاية عام 2021، حتى بدأت نذر النهاية تلوح في الأفق في شكل تغيرات مناخية حادة ومتلاحقة؛ تعصف بالأرض من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.. بسبب التلوث البيئي وظاهرة الاحتباس الحراري ومرة أخرى يتجدد السؤال ونحن نشاهد الفيلم، ونتابع ما حاق بالكوكب.. ماذا علينا بحق السماء أن نفعل عندما تقترب ساعة نهاية هذا الكوكب المأزوم؟

“أريد الموت نائما بهدوء مثل جدي بدلا من الصراخ برعب مثل ركاب طائرته” تظهر هذه العبارة على الشاشة بعد دقائق قليلة من بداية الفيلم، بينما تتسارع دقات قلب أحد علماء الفلك وهو يجرى عدة اتصالات، عقب اكتشافه أن مُذَنّبًا يقترب من الأرض بسرعة كبيرة.

الإثارة والتشويق يميزان الفيلم بقوة منذ اللحظة الأولى، فعندما تحين ساعة النهاية لن يكون أمام البشر بطبيعة الحال سوى دقائق قليلة عليهم أن يحسنوا استغلالها، في انتظار المصير المروع الذي ينتظرهم.

“أجرب الإحداثيات طوال اليوم والنتيجة في كل الأحوال واحدة، اصطدام هذا الجسم الضخم بالأرض خلال 6 أشهر و14 يوما” هكذا تفجر عالمة الفضاء المفاجأة في وجه مسئول رفيع عن مكافحة هجمات المجرات.

“عندما تحين لحظة اصطدام هذا الجسم الضخم بالأرض سيكون هذا حدثا يؤدي لانقراض كافة الكائنات على وجه الأرض” تصدم العبارة الجميع، يكسو القلق الوجوه، ولكن هناك من يتدخل في اللحظة المناسبة “لا يجب علينا أن نضخم الأمور، مازال أمامنا 6 أشهر و14 يوما”.

يتملك القلق من عالمي الفضاء اللذين اكتشفا الكارثة، أصبح الكابوس حقيقة لا يمكن إنكارها، خلال دقائق معدودة يحضر طيار بعد تلقي أوامر لاصطحابهما إلى واشنطن، على وجه السرعة فالوقت يمضي بسرعة الصاروخ عندما تحل بأرضنا الكوارث.

“ميندي” ورفيقته “كيت” يجدان نفسيهما خلال دقائق داخل طائرة شحن لا يوجد بها مقعد واحد كي يتمكنا من الجلوس عليه وطوال الرحلة إلى واشنطن نرى “ميندي” عاجزا عن تصديق ما يجري حوله حيث يصرخ بين لحظة وأخرى “هل هذا حقيقي فعلا؟”.

يحطان الرحال سريعا داخل مقرٍ حكومي؛ ليلتقيا فيه بممثل البنتاجون المسئول عن مواجهة الخطر الذي اكتشفاه. تبدو الحيرة واضحة عليهما، وهما يحاولان اكتشاف حقيقة هذا المبنى الضخم الذي يقبعان في داخله حتى تجرؤ “كيت” على التساؤل: هل هذا هو حقا البيت الأبيض وبثقة يجيبها المسئول العسكري الرفيع أجل هو.

تميل “كيت” على “مندي” وتهمس في أذنه كطفلة صغيرة “هل نحن فعلا بصدد إخبار رئيسة الولايات المتحدة الأمريكية أنه لم يتبقَ سوى عام وعدة أشهر، على انقرض البشرية وكل الأجناس بشكل كامل”.

يكتشف العالمان المشغولان بإنقاذ الأرض من مصيرها أن هناك أمورا أخرى تشغل الساسة حيث يبلغهم أحد مسئولي البيت الأبيض أن الرئيسة لن تلتقيهما الآن ويردف “هناك مشاكل بصدد مرشحنا للمحكمة الاتحادية”.

على بعد خطوات من المكان الذي يقبعان فيه مثل فأرين مذعورين – يشاهدان الرئيسة وهى تحضر احتفالا بعيد الميلاد، ويتصفحان الأخبار عبر الهاتف، فيجدان التغطيات حول واحدة من الفنانات وبحسرة يقول أحدهما للأخر “أما نحن فلم ينشغل بأمرنا أو من أجل ما أتينا بشأنه أحد”.

داخل البيت الأبيض يبدو “الضحك للركب” فالمسئول العسكري الرفيع يذهب لإحضار ماء وبعض أنواع البسكوت لهما، وهو يردد حانقا “يريدون لهذا ثمنا باهظا” ويبحث مع أحد العلماء عن “فكة” وعندما لا يجد يقول “يمكنني أن اطلب من مشاة البحرية”.

الكوميديا هنا بلا حدود عندما تهب “كيت” لشراء زجاجة مياه إضافية؛ تكتشف أن الوجبات الخفيفة داخل البيت الأبيض مجانية، وأن الجنرال قد خدعهم من أجل دولارات معدودة، هكذا هي السياسة تكمن وسط تلال من الخدع.

بعد 7 ساعات من الانتظار، يفشل العلماء في مقابلة الرئيسة، ويطلب منهما أن يقضيا ليلتهما في أحد الفنادق حتى يتحدد موعد جديد للقاء، يكشف الفيلم عن الوجه الحقيقي للساسة المشغولين دوما بمصالحهم عن الكوارث التي تحيط بالكوكب من كل اتجاه.

الفيلم وإن كان قد تناول حدث اصطدام مرتقب لجسم ضخم بالأرض، ما سيؤدي إلى انفجار ضخم يعادل عدة قنابل ذرية؛ فإنه تطرّق أكثر من مرة لقضايا المناخ، وخطورة إهماله.. وسياق الأحداث يشير إلى أن النهاية ربما تأتي من الأرض نفسها دون أن يرتطم بها جسم غريب من الخارج.

في مزج بين الخيال العلمي والكوميديا السوداء تجري الأحداث وسط جو من الإثارة والتشويق وهى تطرح سؤالا جوهريا.. من يهتم بأمر هذا الكوكب قبل أن تقع الكارثة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock