مختارات

15 غارة إسرائيلية على غزة ردا على إطلاق صاروخين من القطاع

نقلا عن مونت كارلو الدولية – جنين (الأراضي الفلسطينية) (أ ف ب)

أسفرت عملية عسكرية إسرائيلية في الضفّة الغربية المحتلّة الخميس 26/01 عن مقتل عشرة فلسطينيين، في تصعيد قرّرت السلطة الفلسطينية على أثره وقف التنسيق الأمني مع الدولة العبرية التي قالت من جهتها إنّ قواتها تبادلت إطلاق النار مع “مطلوبين بعمليات إرهابية”.

وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أنّ تسعة من القتلى العشرة قضوا خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيّم جنين للاجئين الفلسطينيين، في حين سقط القتيل العاشر في بلدة الرام قرب القدس برصاص إسرائيلي، خلال مواجهات أثناء احتجاجات على العملية العسكرية في جنين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي شن غارات على غزة الجمعة ردا على إطلاق صواريخ من القطاع الفلسطيني.

وقال الجيش في بيان إن القوات الإسرائيلية “تقصف حاليا قطاع غزة”. من جهتها قالت مصادر أمنية في غزة لوكالة فرانس برس إن خمسة عشر غارة نُفّذت من دون أن ترد أنباء عن وقوع إصابات.

وبعيد منتصف ليل الخميس الجمعة (22,00 بتوقيت غرينتش) أطلق مقذوفان من قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية؛ حسب شهود ومصادر أمنية محلية.

ولم تتبن أي جهة -على الفور- إطلاق المقذوفين. وقال الجيش الإسرائيلي إن نظام القبة الحديدية اعترض “قذيفتين صاروخيتين أطلقهما مخربون في قطاع غزة نحو جنوب إسرائيل”.

“تبادل إطلاق نار”

قال الجيش الإسرائيلي إنّه نفّذ صباح الخميس “عملية في مخيم جنين ضد نشطاء من الجهاد الإسلامي”.

وأضاف في بيان أنّه “أثناء محاولة اعتقال مطلوبين يشتبه بتورطهم مؤخرا في عمليات إرهابية واسعة النطاق.. قُتل عدد منهم في تبادل لإطلاق النار مع قواتنا”.

وبحسب البيان فإنّ ثلاثة فلسطينيين قتلوا في تبادل لإطلاق النار مع الجيش الإسرائيلي فيما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على آخرَين “كانا يفرّان من المكان”، إضافة إلى مشتبه به سادس داخل مبنى وفلسطينيين آخرين.

وأكّد الجيش في بيانه أنّ العملية لم تسفر عن خسائر في صفوفه.

وبالقرب من مدينة البيرة في وسط الضفة الغربية أصيب فلسطينيان بجروح خطرة خلال احتجاجات، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

وقالت الوزارة في بيان “سقط تسعة شهداء، بينهم سيدة مسنّة، إضافة إلى أكثر من 20 مصابا، بينهم أربع إصابات بحالات خطيرة، في جنين”.

وقالت وزيرة الصحّة الفلسطينية مي الكيلة إنّ “قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى جنين الحكومي، وأطلقت بشكلٍ متعمد قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه قسم الأطفال في المستشفى، ما أدى لإصابة أطفال مرضى وذويهم وطواقم طبية بحالات اختناق”.

لكنّ الجيش الإسرائيلي نفى هذه الاتّهامات، مؤكّداً أن الاشتباك “لم يكن بعيدًا عن المستشفى ومن المحتمل أن يكون بعض الغاز المسيل للدموع قد دخل من نافذة مفتوحة”.

غاز مسيل للدموع

وكانت الوزيرة وصفت الوضع في المخيّم بأنه “حرج” واتّهمت القوات الإسرائيلية “بمنع إسعاف المصابين”.

وقال وسام بكر مدير مستشفى جنين الحكومي لوكالة فرانس برس “إن وضع المستشفى كان سيئا هذا الصباح، الاشتباكات كانت قريبة منا وجيش الاحتلال لم يراع حرمة المستشفى وأطلق الغاز المسيل للدموع في محيط المستشفى ووصل الغاز الى قسم الأطفال”.

وأضاف “شكل ذلك خطرا على الأطفال فقمنا بنقلهم إلى قسم آمن بعيد عن جهة الاشتباكات”.

بدوره، قال نائب محافظ مدينة جنين كمال أبو الرب لفرانس برس “نعيش حالة حرب حقيقية في جنين ومخيمها، والجيش الإسرائيلي يدمر كل شيء ويطلق النار على كل شيء يتحرك”.

وبحسب أبو الرب، فإنّ العملية الاسرائيلية بدأت عند الساعة السابعة صباحا” وهي “الأسوأ منذ الاجتياح الذي نفذه الجيش في العام 2002”.

في وقت سابق من النهار، انطلق موكب ضخم من أمام مستشفى جنين الحكومي لتشييع القتلى التسعة الذين لفت جثامينهم بأعلام فلسطينية في مسيرة جابت شوارع المدينة شارك فيها الآلاف، فيما نُفّذ إضرابٌ شامل حدادا.

وأعلن الرئيس محمود عباس الخميس “الحداد وتنكيس الأعلام ثلاثة أيام، على أرواح شهداء المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا”.

“مجزرة”

وبذلك يرتفع إلى ثلاثين، عدد الفلسطينيين بين مدنيين وأعضاء في تنظيمات مسلّحة الذين قتلوا منذ بداية السنة برصاص إسرائيلي، في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ 1967.

وشهد العام 2022 سقوط أكبر عدد من القتلى في الضفة الغربية منذ نهاية الانتفاضة الثانية (2000- 2005)، حسب الأمم المتحدة.

ومن بين القتلى ماجدة عبيد (61 عاما) التي أصيبت برصاصة في الرقبة داخل غرفتها وسط المخيم، ولاحظ مراسل فرانس برس دماء وسط الغرفة.

وقالت ابنتها كفاية (26 عاما) لفرانس برس إن والدتها اصيبت عندما كانت تحاول مشاهدة ما يجري خارج المنزل بعد سماعها الرصاص.

وأضافت “حاولت أمي أن تمنعنا من الوقوف عند النافذة، لكنها أصيبت برصاصة في الرقبة”.

ومن بين القتلى شقيقان يلاحقهما الجيش الإسرائيلي منذ فترة طويلة، إضافة إلى شقيقهم الثالث الموجود في العناية المركزة.

وبحسب إحصاء لفرانس برس شهد العام الماضي مقتل مئتين وواحد فلسطيني على الأقل، بينهم مئة وخمسون في الضفة الغربية، وستة وعشرون إسرائيليا.

وقف التنسيق

في أعقاب هذا التصعيد قرّرت القيادة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.

وفي ختام اجتماع طارئ للقيادة الفلسطينية، قال نبيل أبو ردينة، الناطق باسم الرئيس عباس، إنّه “في ضوء العدوان المتكرّر على أبناء شعبنا وضرب الاتفاقيات الموقّعة عرض الحائط، قرّرت القيادة الفلسطينية اعتبار أنّ التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال لم يعد قائما اعتبارا من الآن”.

وبحسب أبو ردينة عقدت القيادة هذا الاجتماع إثر “المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم في جنين بحق أبناء شعبنا”.

كما قرّرت القيادة، بحسب أبو ردينة، “التوجّه الفوري لمجلس الأمن الدولي لتنفيذ قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، تحت الفصل السابع، ووقف الإجراءات الأحادية”.

كما قرّرت “التوجّه بشكل عاجل للمحكمة الجنائية الدولية لإضافة ملف المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين إلى الملفات التي قُدّمَت سابقا”.

واشنطن تأسف

وسارعت الولايات المتّحدة إلى التعبير عن أسفها للقرار الفلسطيني.

وقالت باربرا ليف، كبيرة الدبلوماسيين الأميركيين لشئون الشرق الأوسط “واضح أنّنا لا نعتقد أنّ هذه هي الخطوة الصحيحة التي يجب اتّخاذها”.

وأضافت “نعتقد أنّ من المهم جدا أن يُبْقِي الطرفان على التنسيق الأمني، وإذا كان هناك من أمر، فيتعيّن تعزيز التنسيق الأمني بينهما”.

وأعربت الخارجية السعودية في بيان عن “إدانة واستنكار المملكة الشديدين” للعملية العسكرية الإسرائيلية، مؤكّدة “رفض المملكة التامّ لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات خطيرة للقانون الدولي”.

بدورها، قالت الخارجية القطرية إنّ الدوحة “أدانت بأشدّ العبارات العدوان الإسرائيلي الوحشي على مخيم جنين”، محمّلة “سلطات الاحتلال وحدها مسئولية اتساع دائرة العنف التي ستنتج عن هذا التصعيد الممنهج ضد الشعب الفلسطيني”.

في غزة، قال عضو بارز في الجهاد الاسلامي لفرانس برس إنّ حركة الجهاد أبلغت مصر بأنّ “تصعيد الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه والمجزرة في جنين سيفتح الباب أمام معركة مفتوحة يتحمل الاحتلال مسئولية تبعاتها”.

دعت فصائل فلسطينية الى إضراب عام الخميس احتجاجا على ما جرى في مخيم جنين، وإلى تنظيم تظاهرات في أنحاء الضفة.

وأشاد الناطق باسم الجهاد الإسلامي طارق سلمي “بالوحدة الميدانية التي تشهدها ساحة المواجهة والاشتباك في مخيم جنين”، مؤكدا أن “المقاومة في كل مكان وجاهزة ومستعدة للمواجهة”.

“رد المقاومة لن يتأخر”

واعتبرت حماس التي تسيطر على غزة، أن ما يجري في جنين هو “ملحمة خالدة في محطة تاريخية فاصلة في مواجهة الاحتلال”، وفق المتحدث باسمها حازم قاسم.

من جهته، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري إن “الاحتلال سيدفع ثمن المجزرة التي نفذها في جنين ومخيمها صباح اليوم، ورد المقاومة لن يتأخر”.

من جانبها، دانت الخارجية الأردنية بشدة “العدوان” الإسرائيلي في مخيم جنين معتبرةً أن “حملة التصعيد العسكرية الإسرائيلية تنذر بتفجر دوامة جديدة من العنف التي سيدفع الجميع ثمنها”.

مساء الأربعاء، قُتل فلسطينيان برصاص القوات الإسرائيلية أحدهما في شمال الضفة والآخر في مخيم شعفاط في مدينة القدس الشرقية المحتلة. كما دارت مواجهات في حي سلوان في القدس الشرقية أدت إلى جرح اثنين، إصابة أحدهما خطيرة والآخر متوسطة، بحسب الشرطة الاسرائيلية.

وأشاد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير اليميني المتطرف، بعملية القوات الاسرائيلية في جنين، وقال “نحن ندعم جنودنا في المعركة ضد الإرهابيين”.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock