ترجمة: كريم سعد
أصبحت حرب أوكرانيا لعبة موارد. فكلا الجانبين الروسي والغربي (الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي) يقومان بإلقاء كميات هائلة من الذخائر والدروع والطائرات والقوات البشرية. وكلا الجانبين قلقان من الاستهلاك المتسارع للموارد. وكلا الجانبين يريد أن يصدم الآخر ليتخلى عن المعركة. وكلا الجانبين يهددان بالسيف. ولكن يبدو أن الجانب الوحيد الذي يهدد بالسيف والأسلحة النووية هو الجانب الروسي، ما يعرض المنطقة لخطر تصعيد قد يدمر أوروبا.
في الوقت نفسه، فإن روسيا تواجه عقوبات شديدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتستهلك مخزونها الضخم من الأسلحة بسرعة، حيث ترسل العديد من الأسلحة القديمة – تقريبا- إلى ساحة المعركة في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، لم تثبت بعض الأسلحة الأكثر حداثة في روسيا – كفاءتها في القتال.. لذلك، كان على الروس تغيير اللعبة!
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن نيته نشر صواريخ إسكندر المجهزة برءوس نووية من بيلاروس، حيث تتخطى هذه الصواريخ المخزون الحالي الذي ليس بالجيد وتتوجه مباشرة إلى إمكانية حدوث الأرمجدون.
إن صاروخ إسكندر هو صاروخ باليستي قصير المدى يمكنه التغطية على أجزاء حيوية من بولندا وأوكرانيا، مثل وارسو وكييف. وتقول روسيا إن هذا النشر لا يتعارض مع أي اتفاقات حدودية للأسلحة النووية، ولكن روسيا انسحبت رسميا من اتفاق الأسلحة النووية المتوسطة المدى (INF) ذات الصلة في عام 2019، وتبعتها الولايات المتحدة في وقت لاحق.
يدّعي الروس أن قرار إرسال صواريخ نووية – تحت سيطرة روسيا – إلى بيلاروس هو ردّ على قرار بريطانيا إرسال دبابات القتال الرئيسية تشالنجر 2 إلى أوكرانيا مجهّزة بذخائر اليورانيوم المنضب لمحاربة الدبابات. هذا الرد لا يشبه الوضع بأي شكل – ولن يكون كذلك حتى لو كانت صواريخ اليورانيوم المنضب على دبابات أبرامز الأمريكية، التي ستظهر في أوكرانيا خلال بضعة أشهر.
ومع احتمال توجيه قوات حلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا. وفي حين تخطط بولندا بالفعل لمضاعفة حجم جيشها؛ بالتزامن مع تصريح السفير البولندي في فرنسا بأن بولندا “ستضطر” للدخول في حرب أوكرانيا إذا بدأ جيشها يضعف- تنتهج موسكو مسارات تعجل بنفاد عتادها العسكري.
بالنسبة لبوتين، فإن تعزيز القوات البرية البولندية يعني أن الجيش الناتو يستعد للتدخل، ويعني أن الناتو سيتعهد بالمزيد من الموارد، وخاصة القوة الجوية وحتى القاذفات الاستراتيجية. في النظرية أو في الواقع، تفسر أفعال حلف الناتو تحرك روسيا.
طويلًا ما ادّعت روسيا أن تركيب نظام صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا ورومانيا لم يكن للدفاع الجوي فحسب. وأشار بوتين وجنرالاته إلى أن نظام الدفاع الصاروخي AEGIS Ashore يستخدم منصات M-41 التي لا تطلق صواريخ الانترسبتورات فحسب، بل يمكن استخدامها أيضًا لإطلاق صواريخ الكرو.
الصواريخ الأمريكية “توماهوك” تحمل رؤوسا تقليدية حاليا، وكانت في الأصل قد نشرت برؤوس حربية نووية مصممة لاختراق الدفاعات الجوية السوفيتية من خلال الطيران بشكل منخفض على الأرض، وتفادي رادارات البحث. ويمكن لرأس الحربة النووي في “توماهوك”، W-80، توصيل انفجار نووي يتراوح مداه بين 5 إلى 150 كيلوتون (KT). وبالمقارنة، كان انفجار هيروشيما بين 13 و 18 كيلوتون. وقد أزيلت الرؤوس الحربية بين عامي 2010 و2018، على الرغم من أنها ما زالت تحفظ في التخزين النشط.
في عام 2014، اختار مجلس الأسلحة النووية الأمريكي “W-80-1” كرأس حربية ثرمونوووكلية لصاروخ جديد للجيش الأمريكي، صاروخ “لونج رانج ستاند-أوف”، والذي خُطّط لنشره عام 2027.
تمتلك روسيا ترسانة هائلة من الأسلحة النووية التكتيكية التي يمكن إطلاقها من اليابسة والجو والبحر. وبينما لا يوجد حتى الآن أي دليل على أي استعداد روسي لتحميل صواريخه برؤوس نووية، فإنّ نشر صواريخ إسكندر المخطط له إلى بيلاروسيا سيغير بالتأكيد الصورة.
وقد كان قادة روسيا ومعلقوها يتحدثون عن استخدام الأسلحة النووية، ربما في محاولة لإعداد الجمهور الروسي لاستخدامها المحتمل. وأمر بوتين أيضا بتعزيز كبير للدفاع الجوي المتعدد الطبقات حول موسكو.
تخطط أوكرانيا لهجوم رئيس في نهاية الربيع أو بداية الصيف، بمجرد وصول جميع الدبابات والطائرات والإمدادات من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وقد اقترحت الولايات المتحدة أن يهدف الهجوم إلى استعادة القرم من روسيا.
يمكن أن يتضمن الهجوم الأوكراني الضخم على القرم بعض القوات التابعة لحلف شمال الأطلسي. ولكن حتى بدون تدخل جدي من الخارج، سيكون التحدي الرئيسي للروس هو وقف الهجوم الأوكراني المركز بأكمله. يمكن أن يؤدي مثل هذا التطور إلى استخدام روسي للأسلحة النووية التكتيكية، أو على الأقل التهديد بذلك.
لا تستحق أوكرانيا حربًا نووية، ولكن إذا خرجت الحيلة الروسية عن السيطرة، سواء بسبب ما تخشاه موسكو من الولايات المتحدة، أو بسبب ما تفعله القوات الأوكرانية بالفعل، فسيكون النتيجة كارثية بالنسبة لأوروبا. الحرب تستغيث بتسوية قبل أن يتعثر المشاركون في صراع نووي. وكدول نووية، يجب على روسيا والولايات المتحدة التفاوض علنًا على اتفاقيات الأسلحة النووية قبل حدوث ذلك، ويجب أن تشمل هذه الاتفاقيات الصين.