رؤى

بعد اجتماع المركزي ورفع سعر الفائدة.. مصر تعتمد 5.4 مليار دولار مضافة للموازنة الحالية

عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية بالمركزي أمس ورفع سعر الفائدة 200 نقطة أساس – شهد الاقتصاد المصري عددا من المتغيرات، كان أسرعها تأثر العملة المحلية..  إذ تراجع الجنيه مقابل الدولار بنحو 15% في السوق الموازية مقارنة بالسعر الرسمي؛ ليصل سعر صرف العملة المصرية إلى 35.5 – 36 جنيها للدولار في السوق الموازية، بعدما كان يتداول عند 30.9 جنيه للدولار حتى مساء الأربعاء.. وبحسب خبراء فإن الجنيه الذي وصلت قيمته في العقود الآجلة لعام، إلى 40.7 جنيه للدولار، سيتعرض لمزيد من الانخفاض.

ورفعت اللجنة سعر الفائدة على الودائع لليلة واحدة، وعلى الإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية، عند مستويات 18.25%، و19.25%، و18.75% على التوالي، كما أبقت على سعر الائتمان والخصم عند مستوى 18.75%. وبذلك، فإن سعر الفائدة الحقيقي -أي معدل الفائدة الاسمي مطروحا منه معدل التضخم- كان يبلغ قبل هذا الرفع سالب 15.65% وفقا لآخر بيانات أشارت إلى تجاوز معدل التضخم في مصر 31%، وبعد رفع الفائدة اليوم أصبح يبلغ 13.65%..  وقد أكد محللون أن التحرك في قيمة الجنيه مقابل الدولار كان متوقعا منذ فترة؛ لتحسين تدفق السيولة الدولارية في البلاد، وكذلك الالتزام بسعر صرف مرن للعملة، استجابة لتوصيات برنامج صندوق النقد الدولي.. في حين أشار آخر إلى أن العملة الصعبة متوافرة في مصر مع انتعاش السياحة وزيادة إيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين في الخارج، في إشارة إلى أن المشكلة ليست في وجود الدولار؛ بل في من يملكه وطرق وشروط تداوله.

ووفقا لتقرير صادر الإثنين الماضي عن بنك الاستثمار الأميركي؛ فإن السياسة النقدية لن تستطيع وحدها إخراج مصر من أزمة العملات الأجنبية، بل إن المفاتيح الأساسية التي يمكن أن تحدّ من ضبابية المشهد الاقتصادي في مصر، تتمثل في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المطلوبة عبر برنامج خصخصة واسع النطاق، والانتقال إلى نظام سعر صرف مرن بشكل دائم، وهما “أمران ليس من السهل تنفيذهما”.

الأزمة الاقتصادية

وكانت مصر قد حرّرت سعر عملتها ثلاث مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، ما دفع سعر الجنيه للانخفاض مقابل الدولار بنحو 25% خلال الربع الأول من 2023، وبأكثر من 95% منذ مارس من العام الماضي، بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.

وقد وقع الرئيس المصري صباح اليوم قانونا كان البرلمان قد وافق عليه خلال الشهر الجاري-باعتماد إضافي بالموازنة للسنة المالية الحالية  بقيمة 165 مليار جنيه (5.4 مليار دولار) توزع على بنود الأجور وتعويضات العاملين والفوائد والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية- حسب موقع الأهرام.

من ضمن محاولات الحكومة المصرية لمواجهة الأزمة – أعلنت وزارة السياحة المصرية الإثنين الماضي؛ أن مصر ستسمح قريبا للإيرانيين الوافدين ضمن مجموعات سياحية بالحصول على تأشيرات عند الوصول إلى جنوب سيناء تمهيدا لإمكانية السماح لهم بزيارة أماكن أخرى في البلاد.. وذلك تعزيزا لإيرادات السياحة المصرية، على خلفية تحسّن العلاقات بين إيران والسعودية واستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما خلال مارس الجاري.

في السياق نفسه، استحدثت القاهرة تأشيرة متعددة الدخول، صالحة لمدة خمس سنوات بقيمة 700 دولار.. أشار وزير السياحة المصري إلى أنها تستهدف المستثمرين ومالكي العقارات المقيمين خارج مصر ويترددون على زيارتها.. وأضاف أن مصر ستمنح السائحين القادمين من الصين، والهنود المقيمين في دول الخليج تأشيرات دخول عند الوصول.. كما أشار إلى قرب دخول كل تلك الإجراءات حيز التنفيذ.

وكانت مصر قد خفّضت مستهدفها للنمو الاقتصادي خلال العام المالي المقبل، في الوقت الذي زاد فيه الدعم الموجه إلى السلع الغذائية والوقود بنحو الخمس.

وتستهدف الحكومة الحالية، نموا اقتصاديا بنسبة 4.1% في السنة المالية المقبلة 2023-2024 من 5.5% سابقا، وتحقيق فائض أولي عند 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتستهدف موازنة السنة المالية المقبلة زيادة دعم السلع التموينية بنسبة 20%، ودعم المواد البترولية 24%، ودعم الصادرات 462.5%، ودعم التأمين الصحي والأدوية 50.4%، ودعم معاش الضمان الاجتماعي 24% . بحسب ما صرّح به وزير المالية في بيانٍ لمجلس الوزراء..

كانت مصر قد خفّضت توقُّعاتها لنمو الاقتصاد في السنة المالية الحالية إلى 4.2% من مستهدفات سابقة عند 5%، ومقارنةً بـ6.6% في 2021-2022، أي ما يناهز انخفاضا يتجاوز الثلث بقليل.

وما زالت المحاولات والإجراءات المتبعة في حاجة إلى مزيد من الواقعية التي تتطلب عدم تحميل الطبقات الفقيرة تبعات السياسات المالية التي اعتمدها النظام المصري خلال العقد المنصرم، والتي يذهب البعض إلى أنها عانت كثيرا في مسألة ترتيب الأولويات! مع التسليم بأن الاقتصاد المصري قد تضرر كثيرا بسبب ظروف خارجة عن إرادة الإدارة المصرية، مثل جائحة كورونا واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما يشهده الاقتصاد العالمي من متغيرات كبيرة تشكل ملمحا واضحا لأوضاع اقتصادية جديدة؛ ستفرض نفسها على العالم في القريب؛ في ظل تنامي هائل لاقتصادات بعض الدول الأسيوية، وتراجع وارتباك شديد في القارة العجوز على مستويات عدة تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، ما سيدفع الأوروبيون -شاءوا أم أبوا- إلى مراجعة تحالفاتهم السياسية، وترشيد نهج التبعية للولايات المتحدة التي تعاني أزمات واضحة داخليا؛ تحاول حلها بتحركات أغلبها خارجي وربما يدفع فاتورة ذلك الإصلاح، حلفاء الولايات المتحدة في القارة العجوز.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock