رؤى

اقتصاد مصر: خفض جديد في التصنيف الائتماني.. ومحاولات لاحتواء النتائج

مساء الجمعة الماضية، وقبيل انتصاف ليل القاهرة.. تلقى المصريون خبر خفضٍ جديدٍ لتصنيف مصر الائتماني طويل الأجل من”B” إلى “B-” بنظرة مستقبلية مستقرة.. جهة الخفض هذه المرة هي وكالة “فيتش ريتنغز” وهو الخفض الثاني من جانب الوكالة إذ سبقه حفضٌ آخر في مايو الماضي، عندما خفضت “فيتش” تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى “B” من “+B”، بنظرة مستقبلية سلبية.

كانت “موديز” قد خفضت تصنيف إصدارات الحكومة المصرية طويلة الأجل بالعملتين الأجنبية والمحلية إلى “Caa1” من “B3″، الشهر الماضي.. وكذلك فعلت وكالة “ستاندرد أند بورز” العالمية في التصنيف الائتماني لديون مصر السيادية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية والمحلية من”B” إلى “-B” في نفس الشهر.

يرجع الخفض المتتالي لتصنيف مصر الائتماني وفق رؤية تلك المؤسسات؛ إلى أسباب تتعلق ببطء وتيرة الإصلاحات بما في ذلك التأخير في الانتقال إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف، وكذلك الإرجاء المتكرر لمراجعات برامج صندوق النقد الدولي، مع “تفاقم قيود التمويل الخارجي في وقت تتزايد فيه إعادة تمويل الديون الحكومية الخارجية”.

كانت الوكالة قد أوضحت أن الخفض يعكس “المخاطر المتزايدة على تمويل مصر الخارجي واستقرار الاقتصاد الكلي ومسار الدين الحكومي المرتفع بالفعل”.

“إن قدرة البنك المركزي المصري على استعادة سعر الصرف والمصداقية النقدية باتت “غير مؤكدة… كما أن تعويم الجنيه المصري، دون إعادة بناء الثقة وتوفير السيولة الأجنبية في السوق الرسمية، قد يصاحبه تجاوز كبير لأسعار الفائدة والتضخم الذي بلغ بالفعل 40% على أساس سنوي في سبتمبر الماضي” هذا مما صرحت به الوكالة تفسيرا لقرارها بخفض التصنيف؛ مشيرة إلى أن ذلك سيؤثر بشكل كبير على حساب استقرار الاقتصاد الكلي والاجتماعي والمالية العامة، وأن التأخير في اتخاذ إجراءات الإصلاح؛ سيؤدي إلى تفاقم المخاطر.

وزير الاقتصاد المصري ردّ على هذا الإجراء بالتصريح بأن اقتصاد مصر “ما زال قادرا على توفير الاحتياجات التمويلية الخارجية، وسط تمتعه بمرونة كافية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية المترتبة على التوترات الجيوسياسية” كما أوضح معيط أن مصر بإمكانها الحصول على حوالي 5 مليارات دولار سنويا بشروط ميسرة من البنوك التنموية متعددة الأطراف.. وأضاف أن احتياجات مصر التمويلية حتى نهاية العام الحالي لا تتجاوز 4 مليار دولار؛ مؤكدا أن الاستثمارات الأجنبية وصلت إلى 12 مليار دولار خلال العام الجاري بعد التوسع في الطروحات الحكومية.

وترى “فيتش” أن استحقاقات الديون في العام المالي الذي ينتهي في بنهاية يونيو 2024، ستصل إلى8.8 مليار دولار، وستصل في العام الذي يليه إلى9.2 مليار دولار

كما توقعت الوكالة أن يبلغ صافي الاقتراض الحكومي الخارجي نحو سالب ملياري دولار في السنة المالية 2024، إلا أنه من المرجح  أن تغطي عائدات بيع أصول الدولة هذا العجز، إذا سارت الأمور في هذا الاتجاه حسب ما هو مأمول.

ووصلت الحكومة إلى مراحل متقدمة في الحصول على 1.5 مليار دولار مدعومة بضمانات من جهات متعددة، بالإضافة إلى نحو 4 مليارات دولار تمويلا مباشرا من الشركاء الرسميين، بما في ذلك صندوق النقد الدولي. ولا يزال هناك احتمال لإصدار صكوك أخرى للمستثمرين في الدول الخليجية في السنة المالية 2024، بحسب مؤسسة التصنيف الائتماني.

وفي سياق حديثة عن قدرات مصر الاقتصادية في الوفاء بالتزاماتها الدولية قال معيط أن مصر سددت نحو 52 مليار دولار خلال العامين الماضيين؛ رغم التحديات الاقتصادية العالمية “بالغة القسوة”، كما نجحت في تسديد 25.5 مليار دولار من أقساط وفوائد الديون المستحقة عليها خلال النصف الأول من العام الجاري.

ومع استمرار الحرب الوحشية الصهيونية على قطاع غزة- توقعت “فيتش” أن يطال الاقتصاد المصري بعض الأضرار؛ جراء انخفاض عائدات السياحة، بسبب تضاعف المخاطر وعدم الاستقرار؛ خاصة في سيناء التي تعتبر أحد المقاصد السياحية الرئيسة.

يبدو أن الاقتصاد المصري مازال يبحث عن مخرج من أزمته المتفاقمة؛ كما يبدو أن خيار الاقتراض المتزايد واللجوء للمؤسسات المالية الدولية- ليس هو الخيار الأكثر توفيقا.. ما يستوجب البحث عن حلول أخرى تصنع الفارق على نحو ملموس قبيل الاستحقاق الرئاسي الذي ستؤسس نتائجه لمرحلة جديدة في المسار المصري بعد الثلاثين من يونيو 2013.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock