رؤى

الشيخ خالد نبهان “روح الروح”.. صورة محت ركام  الإعلام الغربي المنحاز!

ارتقى أمس شهيدا في عزّة الشيخ خالد نبهان (أبو ضياء) جد الطفلة ريم التي استشهدت في القطاع في نوفمبر قبل الماضي مع أخيها طارق.. وقد نعتها الشيخ وقتها بأنها كانت له بمثابة “روح الروح”.

في مشهد هزّ أفئدة الأحرار في العالم كله.. وصارت صورته أيقونة للصبر والإيمان كان الشيخ يقبل جثمان حفيدته التي لم تكمل عامها الرابع، وهو يحاول فتح عينيها، علّ بقية من حياة تكون مازالت باقية في الجسد الصغير الذي أزهقت روحه نيران آلة الأجرام الصهيوني.

وكأن الشيخ خالد كان كنزا مخبوءا، فأراد العلي القدير أن يفوح عطره في أربعة أركان العالم.. فقد رأى العالم أجمع “أبا ضياء” وهو بين أهل القطاع الصابرين المحتسبين؛ داعما ومساندا.. كما رآه بين أطفال القطاع ضاحكا مبتسما لاعبا وممازحا، كما شاهدناه في مقاطع تقطر عذوبة ولطفا وهو يطعم أمه العجوز ويلاطفها.. ثم وهو يطعم حيوانات القطاع ويعالجها.. ما جعل الكثيرين في جميع أنحاء العالم يتساءلون عن هذا الصنف من بني الإنسان الذين لم يعرفوه من قبل.. تساءل آخرون عن قوة هذا الإيمان الذي صاغ هذا الشعب البطل من صبر واحتساب وعزم لا يلين.

صبر الشيخ وثباته يوم وفاة ريم وأخيها طارق، جعل الكثيرين في الغرب يعيدون تقييم حياتهم؛ نافضين عن رءوسهم ركاما من الأكاذيب التي روجها الإعلام الصهيوني عن الشعب الفلسطيني؛ ناقمين – كل النقمة- على حكوماتهم التي تتواطأ مع ذلك الكيان الإجرامي الذي يبتز الجميع دون خجل، ويحصل على الدعم بكافة أشكاله مقابل أكاذيبه المكشوفة

خالد نبهان رجل من زمن الصحابة، ملأت صورته “الجميلة” صفحات مواقع التواصل، وانتشرت مقاطعه بكثافة؛ حتى صار معروفا لمعظم رواد هذه المواقع، بعمامته ولحيته التي وخطها الشيب، وبثيابه ذات الطابع العربي.. صورة حملت من التفاصيل ذات المدلول، ما يُغني عن جهود كبيرة بذلت وتبذل من أجل محو تلك الصورة الذهنية السلبية التي رسمها الإعلام الغربي وأذنابه؛ واصما تلك الهيئة بالتطرف والإرهاب.. ليكتشف الناس في الجانب الآخر أن خالدا إنسانا مثلهم؛ بل أرقى منهم بكثير جدا على كل الأصعدة؛ بل هو صورة متجسدة لكل ما هو نبيل ومتحضر وإنساني.

صورة خالد الأخيرة، التي التقطت له أمس بعد استشهاده؛ أظهرته هادئا مبتسما كأنما يرى مقعده من الجنة.. فكتب له البعض “ربح البيع أبا ضياء”. وقال آخرون: “اليوم تلقى الأحبَّة” وتفاعل رواد بقولهم: “أخيرا سيلتقي شيخنا بـ “روح الروح”. بينما صرّح أحد شباب القطاع ممن يعرفون الشيخ عن قُرب، أن أقرب أصدقاء الشيخ، ارتقى شهيدا قبل أيام، وكان لا يفارق الشيخ خالد أبدا.. وأن الشيخ بعد استشهاد صديقه اعتراه حزن شديد.. لم يستطع إخفاءه.. ولم تكن به قدرة على مقاومته.. فكان استشهاده ليلحق بأحبته من دلائل قربه وإخلاصه لله تعالى.

واليوم بعد أن أكملت الحرب الوحشية الصهيونية على القطاع 435 يوما، وبعد أن قارب عدد الشهداء الخمسين ألفا، وعشرات الآلاف من المفقودين، وأكثر من مئة ألف جريح.. وتدمير القطاع بالكامل- مازالت المقاومة الفلسطينية صامدة، تضرب العدو ببسالة لم يعرفها التاريخ الإنساني.. ومازال جنود العدو يسقطون في المناطق التي يزعم الاحتلال أنه سيطر عليها تماما مثل جباليا وبيت لاهيا، ومعظم شمال القطاع.. مازال الدم ينتصر على السيف في ملحمة لم يشهد العالم لها نظيرا.. في وقت نام فيه الوطن العربي بكامل ثقله على الجسد الفلسطيني المنهك ليزهقه على نحو نهائي؛ لأنه ما زال ينبض بالحياة وبالرفض.. وبالأمل في الحرية.

“روح الروح” باقية في صمودها.. “روح الروح” هي فلسطين التي تعلمنا اليوم ما لم نكن نعلم.. لتعيدنا سيرتنا الأولى.. بدروس لا بد أن نفهمها ونعيها جيدا؛ ففي النهاية لن يصح إلا الصحيح.. مهما حاول البعض الترويج لدعاوي التخاذل والاستسلام، ومهما حاول آخرون التمسك بمزاعم واهية لا تقنع أحدا عن السلام الذي لا يراه العدو إلا سبيلا لمزيد من القتل والاستيلاء على مزيد من الأرض دون رادع؛ استغلالا لواقع عربي رديء لم يعد يقوى حتى على الإدانة.. لتبقى فلسطين وحدها طاقة النور التي لا تخبو أبدا، حتى في أصعب الظروف وأشدها قسوة.. وهذا ما ستثبته الأيام القادمة بمشيئة الله.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock