ثقافة

الإسلام بين الجهاد المقدس والإرهاب الأسود

(قراءة في كتاب أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس) تأليف برنارد لويس،ترجمة. حازم مالك محسن،دار صفحات للدراسات و النشر،دمشق،2013..

يتضمن هذا الكتاب  مقدمة و تسعة فصول و خاتمة . الفصل الأول بعنوان(تعريف الإسلام) أما الفصل الثاني فقد جاء بعنوان(دار الحرب)، أما الفصل الثالث فهو بعنوان (من الصليبين إلى الامبرياليين). و الفصل الرابع عنوانه(اكتشاف أمريكا ) فيما جاء الفصل الخامس تحت عنوان (الشيطان و السوفييت .بينما كان  الفصل السادس  تحت عنوان (معايير مزدوجة) والفصل السابع بعنوان (إخفاق الحداثة ) . أما الفصل الثامن فبعنوان(زواج السلطة السعودية و التعاليم الوهابية  أما الفصل التاسع و الأخير فجاء  معنونا ب(ظهور الإرهاب ) ثم الخاتمة.

تشير مقدمة الكتاب إلى أن يوم الحادي عشر من أيلول عام 2001 كان يومًا فاصلًا و حاسمًا في تاريخ العالم بوجه عام و الولايات المتحدة الأمريكية بوجه خاص.  لأنه أعقبه جملة من المتغيرات على جميع المستويات سواء السياسية أو الاقتصادية أو الفكرية و العسكرية. و لعل أبرز النتائج لهذا اليوم هي اعتبار ما حدث فيه من تدمير لبرج التجارة العالمي بنيويورك عملاً إرهابيًا اتخذته أمريكا ذريعة و مبررًا للقيام بأي عمل أو عقوبة تنزلها على الدول العربية و الإسلامية و بكل مسلم أو عربي أو حتى شرق أوسطي. ولقد انقسمت آراء المحللين السياسيين بشأن هذا الحدث ولعل أشهر تبرير له أن الأصوليين الإسلاميين هم من قاموا به. وعلى هذا الأساس تدخلت أمريكا في شؤون المنطقة العربية و خططت لغزو المنطقة و إعادة رسم خارطتها. وكان هناك رد فعل كما يرى مؤلف الكتاب برنارد لويس من جانب التيارات الأصولية الإسلامية و لاسيما الوهابية التي استعملت العنف ضد العالم الغربي.ولقد أشار الرئيس بوش الابن  و الساسة الغربيون إلى أن الحرب التي يقومون بها أنها حرب ضد الإرهاب و ليست ضد العرب و المسلمين، وفي مقابل هذا الرأي رأى بن لادن، أن هذه الحرب هي حرب دينية حرب المسلمين على الكفار، لذا لأبد أن تكون حرب على الولايات المتحدة أعظم قوة كفر في العالم. ثم يتطرق مؤلف الكتاب إلى تحليل تاريخي لمصطلح الخلافة ، وكيف أنها مرت عبر قرونها الثلاثة عشر بكثير من التقلبات، ومع ذلك ظلت رمزًا فعالًا لوحدة المسلمين، ليس ذلك فحسب بل لهويتهم أيضا، و أحيانا يشعر العالم الإسلامي باختفائها تحت الضغط المزدوج لهجوم الامبرياليين الأجانب، و دعاة التحديث الداخلي، ومن هنا يشير إلى أن لفظة خليفة(caliph))  تجمع بين معنيين ولى العهد، و النائب أو الوكيل، ومع ذلك يجب أن نلفت الانتباه أن اللقب الأكثر شهرة في تاريخ مؤسسة الخلافة هو لقب أمير المؤمنين([1]).

أحداث 11 سبتمبر
أحداث 11 سبتمبر

ونتوصل بناء على ذلك إلى نتيجة مفادها أن المجتمع الإسلامي في القرون الأولى كان دولة واحدة يحكمها حاكم واحد، وظل مثال الدولة الإسلامية الواحدة قائما حتى بعد أن انقسم المجتمع الإسلامي إلى دول عدة.

ثم يلقي الكتاب الضوء على تعريف كلمة الإسلام، وكيف أن هذه الكلمة استعملت بمعنيين متصلين بداية، ولكنهما في نفس الوقت معنيان منفصلان. فتشير مفردة إسلام بمعنييها إلى ديانة، منظومة من العقائد و العبادات، أما المعنى الآخر فيشير إلى الحضارة التي نمت و ازدهرت في ظل الدين. وبناء على ذلك فالإسلام يمثل حلقة وصل بين الشرق و الغرب الحديث، كما أنه كدين أقرب إلى الديانة المسيحية. ومن هنا نتوصل إلى نتيجة مهمة و هي أن ديانات الشرق الأوسط الثلاث المسيحية و اليهودية و الإسلام –شديدة القرب من بعضها ، فالمسيحية و الإسلام حضارتان شقيقتان في أكثر من مجال، فكلاهما تعنيان بتراث الوحي و النبوة المشترك([2] ).

ومن هنا نرى أن التفاعل الطويل بين الإسلام و المسيحية و تأثيرهما المتبادل أدى أحيانا إلى إغفال بعض الفروق المهمة، على سبيل المثال يقال أن القرآن الكريم إنجيل المسلمين ، و المسجد كنيسة المسلمين، و العلماء اكليروس المسلمين ، وهذه الجمل الثلاث صادقة لكنها مضللة(ليست صادقة من وجهة نظرنا لأنها تناقض الواقع تماما ولا تسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية) فهي مضللة من وجهة نظر المؤلف على سبيل المثال المسجد كنيسة المسلمين ، بمعنى أنه مكان عبادة جماعية ، ولكن ليس بوسع المرء الكلام على المسجد كما يتكلم على الكنيسة كمؤسسة ذات هرمية وقوانين خاصة بها في مقابل الدولة، ثم يشير إلى أن الإسلام القديم قد عرف فصلا ما بين أمور الدنيا و أمور الآخرة(لا أتفق مع هذه النظرة لأنه كان يوجد ارتباط بين الديني و الدنيوي ، فالإسلام دين ودولة ، دنيا و آخرة) ورغم تدبير الإسلام لشؤون الدنيا و الدين، إلا أنه لا يوجد كهنوت في الإسلام ، أو رجال دين لهم سلطة مطلقة . ومن خلال صلاحية الإسلام للدنيا و الآخرة ، يجب أن نوضح الدور المحوري الذي قام به للإنسانية جمعاء ، و للعرب بصفة خاصة، فقد منح العرب قيمة و حياة ، وعلم الناس من شتى الأعراق على العيش في إخوة ، وعلم الناس من شتى العقائد على الحياة جنبا إلى جنب بتسامح ، وكان مصدر الهام حضارة عظيمة ، عاش فيها الآخرون إلى جانب المسلمين حياة خلاقة مفيدة([3]).

الحروب الصليبية في القرون الوسطى
الحروب الصليبية في القرون الوسطى

والسؤال المحوري و المركزي الذي يطرح نفسه بقوة هل الإسلام أصوليا كان أم غير ذلك ، يمثل تهديدًا للغرب ؟ لقد قُدمت إجابات بسيطة على هذا السؤال ، ولكن الإجابة الأكثر شيوعا أن الإسلام يمثل تهديدًا للغرب.

ثم يتطرق الكتاب إلى تعريف دار الحرب و ما المقصود بها، وفي هذا السياق نشير إلى أن الشريعة الإسلامية تجيز شن الحرب على أربعة أصناف من الأعداء-الكفار و المرتدين، و العاصين و قاطعي الطريق، و أن الجهاد فرض ديني، ومن هنا فقد ميز الفقهاء المسلمون القدامى في مسالة الحرب المقدسة بين الحرب الهجومية و الحرب الدفاعية، فالجهاد في الحرب الهجومية فريضة على المجتمع الإسلامي ككل، أما الجهاد في الحرب الدفاعية فهو فريضة على كل قادر عليه بدنيا . ومن هنا ينقسم العالم في التقليد الإسلامي إلى دارين : 1-دار الإسلام حيث تحكم حكومات إسلامية ، و تسوده الشريعة الإسلامية.2-دار الحرب و هي بقية المعمورة، و الأهم أن الكفار هم الذين يحكمونها، لذا المفروض أن فريضة الجهاد مستمرة، لا تعطلها إلا الهدنة إلا أن يؤمن العالم كله بالإسلام. ولقد وضحت الأحاديث النبوية ما ورد في شأن هذه المسالة و سواها في القران الكريم .([4]).

و يلفت المؤلف  الانتباه أن مفردة الجهاد في معظم التاريخ الإسلامي المدون منذ عهد النبي(ص) استعملت بالمعنى العسكري (لا أتفق معه في ذلك لأنه في العهد المكي كان جهاد النفس و تقويمها و الجهاد المعنوي هو الأساس) ثم يتوصل إلى نتيجة مفادها أن الجهاد موجود منذ بداية التاريخ الإسلامي في الكتاب و السنة النبوية ، و استمر عبر التاريخ الإسلامي محافظًا على جاذبيته حتى اليوم. ورغم ذلك يجب أن نوضح أن الجهاد ينبغي أن يكون في سبيل الله، لا التماسًا لمصالح مادية . وبناء على ذلك إذا كان هناك دار للحرب في الإسلام فإنه بالمثل توجد دار هدنة أو صلح أو عهد ، والمقصود بها هي بلدان غير إسلامية .. مسيحية عادة ، توصل حكامها إلى نوع من الاتفاق مع حكام المسلمين يدفعون بموجبه نوعًا من الضريبة أو الإتاوة (لا أتفق مع هذا المصطلح أو اللفظة بل هي جزية لحمايتهم في أرض الإسلام) و يحتفظون بقدر كبير من صلاحيات الحكم الذاتي لشؤونهم الداخلية([5]).

ثم يعرج المؤلف بعد ذلك للحديث عن الحروب الصليبية و كيف أنها تمثل نوعًا من الامبريالية الاستعمارية المهيمنة، وكيف أن مصطلح الصليبي يمثل شخصية طاغية الحضور في وعي كل من القوميين العرب ، و الأصوليين الإسلاميين في الشرق الأوسط الحديث، و يجب أن نوضح حقيقة تاريخية مهمة وهي أن المناهضة القوية للصليبين التي تمكنت  من هزيمتهم وطردهم من المنطقة نهائيا ، ومن هنا فالاهتمام بالحملات الصليبية كظاهرة تاريخية مميزة يعود إلى القرن التاسع عشر، وترجمة كتب التاريخ الأوربي بعد ذلك أعطت مفهوما جديدا للحملات الصليبية، بصفتها نموذجا مبكرا لتوسع الامبريالية الأوروبية باتجاه العالم الإسلامي([6]).

بناء على ذلك يجب الإشارة إلى أن الاستعمار الأوروبي لأراضي المسلمين مر بعدة مراحل: أولها التوسع التجاري، ثم الغزو و الاحتلال اللذان تمكنت من خلالهما القوى الأوروبية من تأسيس هيمنة مؤثرة على أجزاء مهمة من العالم الإسلامي، و في هذا الاتجاه عَدَّت أغلبية مسلمي المنطقة تأثير الامبريالية الأمريكية هائلاً و مضرًا تماما. و في هذا الإطار فإن الامبريالية لها عواقب وخيمة، حتى على البلدان التي استطاعت المحافظة على الاستقلال السياسي كتركيا و إيران([7]).

ثم بعد ذلك نصل إلى المحطة الرابعة في الكتاب والتي تلقي الضوء على اكتشاف أمريكا على يد كريستوفر كولومبس، و كيف أن أمريكا ما كان يعرف عنها شيئا في بلاد المسلمين، إلا بعد رحلات الاستكشاف التي أثارت شيئا من الاهتمام بها.. ولقد ورد أول ذكر مدون لأمريكا بصفتها رمزًا سياسيًا في العالم الإسلامي باستانبول في 14 تموز عام1873. وفي أواخر القرن التاسع عشر وبواكير القرن العشرين، أولت الكتب المدرسية و الموسوعات من جهة، و الصحافة من جهة أخرى أمريكا مزيدًا من الاهتمام، بيد أنه لم يزل اهتمامًا محدودًا([8] ).

ثم نصل بعد ذلك إلى المحطة الخامسة من محطات الكتاب و التي تكشف عن علاقة السوفيت بمنطقة الشرق الأوسط، و أنها أيضا علاقة استعمارية قائمة على لغة المصالح و المنافع، و أن السوفيت ليسوا أفضل حالا من أمريكا، فإذا كانت أمريكا هي العدو الحقيقي لكل المسلمين في العالم الإسلامي، وتسمى الشيطان الأكبر، فإنه  يجب هنا الإشارة إلى حقيقة مهمة وهي أن الاتحاد السوفيتي رغم صداقته الظاهرية للعرب إلا أنه مثل أمريكا يبحث عن مصلحته فقط . وإذا كانت الدول العربية ميالة إلى النظر للسوفيت نظرة أفضل، لكن سرعان ما اتضحت نوايا السوفيت وأنهم مثل الامبريالية الغربية لهم أطماع في الشرق الأوسط ،وكانوا يسعون إلى جعل حلفائهم في الشرق الأوسط محميات لهم([9]).

ثم يشير المؤلف إلى شكوى الشرق أوسطيين من أن الغرب يحكم عليهم بمعايير مختلفة، أدنى من المعايير التي يحكم بها على الأوربيين و الأمريكان،  فيما يتوقعونه منهم، ويؤكدون على أن الناطقين باسم الغرب يغضون النظر دائما، بل ربما دافعوا عن تصرفات حكام ما كانوا ليتحملونهم في بلدانهم هم، والهدف الجوهري للغرب، هو حماية مصالحه حتى لو على حساب المصالح الإسلامية و العربية . ويبدوا أن الشر الذي نعرفه وراء السياسات الخارجية للعديد من الحكومات الغربية تجاه شعوب العالم الإسلامي يجري تقديم هذا الموقف بل و تقبله أحيانا على أنه تعاطف مع العرب، ودعم لتطلعاتهم. و النتيجة الحتمية من كل هذا أن موقف الحكومات الأوروبية و الأمريكية الأساسي، كما يراه الشرق أوسطيون هو” أننا لا نبالي بما تفعلونه بشعوبكم في بلادكم، طالما تعاونتم معنا في تلبية حاجتنا و حماية مصالحنا”. وغالبا ما يكون هناك معايير مزدوجة من الغرب في التعامل مع العالم العربي و الإسلامي ، خصوصًا تعامل الولايات المتحدة التي تكيل بمكيالين، وليس أدل على ذلك في التعامل مع إسرائيل تجاه مواقفها من العرب([10]).

ثم يعرج المؤلف بعد ذلك للحديث عن مساوئ الحداثة و إخفاقاتها في تحقيق المطالب البشرية، و في هذا السياق نرى أن العالم الإسلامي برمته تقريبا مبتلى بالفقر و الطغيان، و مشكلة الفقر تعود إلى الهيمنة و الاستغلال الأمريكي الذي يستتر اليوم بالعولمة المهلهلة. فيما تعزى مشكلة الطغيان إلى الدعم الأمريكي، لما يسمى الطغاة  الذين يخدمون أغراض أمريكا. ويشير في هذا السياق إلى أن الحالات الاقتصادية و معدل الدخل في الدول العربية و الإسلامية أقل من الدول الأوروبية، ليس فحسب في المجال الاقتصادي، بل في المجال الثقافي، ومن هنا نتوصل إلى نتيجة مفادها أن الحداثة السياسية لم تحقق أفضل مما حققته في مجال الرفاهية الاجتماعية و الاقتصادية، بل ربما كانت أسوأ([11] )

ويجب أن نوضح هنا في هذا المقام أن العديد من البلدان الإسلامية كانت لها تجارب مع هذا النوع من المؤسسات الديمقراطية، سبقت تلك التجارب في بعض البلدان كتركيا و إيران، إصلاحات وطنية تجديدية،بينما أسسها في بلدان أخرى، كما في العديد من الأقطار العربية، الامبرياليون وخلفوها وراءهم عندما رحلوا، ومن هنا انتهت تقريبا كل الأحزاب و البرلمانات ذات النمط الغربي إلى حكومات استبدادية فاسدة، ، و الحل بالنسبة للبعض أن مزيدًا من الحداثة و الأفضل من صيغها يضع الشرق الأوسط في خط واحد مع العالم الحديث الأخذ بأسبابها، و الحداثة ذاتها برأي آخرين، هي المشكلة و مصدر ويلاتهم كلها. ([12]).

ونصل بعد ذلك إلى تحليل علاقة السلطة السعودية بالحركة الوهابية، وكيف تم التزاوج بين السلطة السعودية المتمثلة في أل سعود و الحركة الوهابية، و كيف ساعدت العوامل في المنطقة في ظهور الحركة الوهابية. وهنا يجب أن نلفت الانتباه إلى أن من أهم عوامل ظهور الحركة الوهابية هو رفض الحداثة بكل أشكالها، و تفضيل الرجوع إلى الماضي المقدس، ورفض كل أشكال التنوير و استخدام العقل. ويلفت المؤلف انتباهنا إلى أن ظهور الوهابية كان رد فعل على تحديات تلك المرحلة، من تلك الظروف، وبطبيعة الحال تراجع الإسلام و ما يقابله من تقدم المسيحية(لا أتفق مع تلك النظرة لأن الإسلام لا يتراجع، قد لا ينتشر بسرعة ، لكن لا يتراجع) و يشير إلى أن الوهابيين فرضوا معتقداتهم بالعنف والقوة ، منتهكين حرمة ما أسموه الأماكن المقدسة الزائفة. ([13]).

ثم نصل إلى الفصل الأخير و الذي يشير إلى الأسباب الحقيقية و الجوهرية لظهور الإرهاب، ويلفت الانتباه إلى حقيقة مهمة هي أن أغلب المسلمين ليسوا أصوليين، و أغلب الأصوليين ليسوا إرهابيين، لكن أغلب إرهابيي اليوم مسلمون(لا أتفق مع ذلك لأن هولاء الذين يقومون بأعمال إرهابية لا ينتسبون للإسلام، و لا يعرفون حقيقة الإسلام، بل هم مدعو الإسلام، لأن الإسلام الحقيقي لا يعرف التطرف أو الإرهاب) ويشير إلى أنه يوجد بضعة أنواع من التطرف الإسلامي اليوم، أكثرها راديكالية القاعدة الهدامة ، و المجموعات الاخري التي تمثلها في عموم العالم الإسلامي، و الأصولية التي بادرت السعودية إلى تأسيسها. وكل هذه المجموعات المتطرفة المختلفة تضفى على أفعالها القدسية بالاستشهاد بنصوص إسلامية مقدسة، لاسيما من القرآن و الأحاديث النبوية. ثم بعد ذلك  يوضح موقف الدين من الإرهاب ، وهنا نشير إلى أن ممارسة الاغتيال ظهرت منذ وقت مبكر جدا، إثر الاختلافات بصدد القيادة السياسية للمجتمع الإسلامي، من أول أربعة خلفاء مسلمين، قتل منهم ثلاثة.([14]).

ويرجع جذور الإرهاب في الإسلام إلى فرقة الحشاشين ولقد توجهت جهودهم إلى الحكام المسلمين الذين عدوهم مغتصبي عروش فسقة . إذن الحشاشون بهذا المعنى هم الأسلاف الحقيقيون لكثير ممن نطلق عليهم اليوم تسمية الإرهابيين. ،و بعد هزيمة الحشاشين و القضاء عليهم في القرن الثالث عشر ، لم يعد المصطلح مستعملا، و ظهر مصطلح ” فدائيو الإسلام ” في إيران، وفدائيو الإسلام هي جماعة إرهابية دينية سياسية ، ظهرت في إيران عام 1943، ، .  ثم تطور الإرهاب بشكل مختلف، لم يعد الإرهاب يستهدف أعداء محددين، و إنما إشاعة الرعب، من هنا فإن الإرهابيين الدينيين تبنوا المناهج التي رددها قوميو القرن العشرين ، في الهزيمة أو النصر ، وطوروها لاسيما ادعاءاتهم بعدم   الاهتمام بقتل الأبرياء و عابري السبيل. وخير مثال على ذلك حملات الإرهاب التي شنها أسامة بن لادن في أوائل التسعينات ، كان أول مثال قصف سفارتين أمريكيتين في شرق أفريقيا، ثم تطور الإرهاب في العصر الحاضر إلى تنفيذ عمليات انتحارية

الخاتمة: مما سبق يتضح لنا أن الإسلام يمثل حلقة وصل بين الشرق و الغرب ، كما أنه يتضمن مبادئ و قيما تتمثل في تقبل الآخر ، و التعامل مع الآخر بسماحة و لين. كذلك الإسلام يسمح بالتعايش السلمي مع أصحاب الديانات الاخري داخل دار الإسلام ،و يتمتع هولاء بنفس الحقوق و الواجبات، والإسلام له قواسم مشتركة مع الديانات السماوية الاخري اليهودية و المسيحية. و الحقيقة التي لا مراء فيها أن الإسلام ليس دين عنف أو إرهاب، فهو على عكس الصورة المألوفة في الغرب، فهو دين تسامح و رحمة. و الإسلام برئ تماما من كل صور العنف و الإرهاب التي قد يمارسها البعض باسم الإسلام، و هو منها برئ تمام، و هولاء الذين يقومون بتلك الأفعال لا يفهمون الجوهر الحقيقي للإسلام، فلا يوجد عنف أو تطرف في الإسلام و لا إرهاب، لأن المبادئ السمحة للإسلام بريئة من تلك الأفعال.

[1]– برنارد لويس: أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس،ترجمة.حازم مالك محسن،دار صفحات للنشر و التوزيع،دمشق،ط1 ،2013،ص30.

[2]-المرجع السابق:ص44.

[3]-برنارد لويس: أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس،ص53.

[4]-برنارد لويس: أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس، ص67.

[5]-سيد قطب: الإسلام و مستقبل الحضارة ، بدون مكان للنشر، 1967 ،ص80.

-[6] برنارد لويس : أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس، ص75.

[7] -المرجع السابق:ص83. أيضا انظر. أدولف سلبيد: تركيا و حرب القرم سرد للحوادث التاريخية، لندن،1867،ص32.

[8]-برنارد لويس:أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس،ص87 .

[9]-المرجع السابق:ص102.

[10]-برنارد لويس : أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس،ص114.

[11]-المرجع السابق:ص119.

[12]-برنارد لويس: أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس،ص119.

[13] -برنارد لويس:أزمة الإسلام:ص128.انظر أيضا. لورد الكسس فاسليتف ، في تاريخ العربية السعودية ، لندن، 1998،ص265.

[14]– برنارد لويس : أزمة الإسلام الحرب الأقدس و الإرهاب المدنس،ص141.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock