ترجمة: كريم سعد
بمجرد اكتمال عملية ضم الأراضي الجديدة، لن يتمكن زعيم مستقبلي واحد لروسيا، ولا حتى مسئول واحد من عكس هذه القرارات. وهذا هو السبب في أن هذه الاستفتاءات يخشى منها كثيرا في كييف وفي الغرب.
وما يظهر هنا هو أن روسيا تخلت عن آمالها في أي تسوية تفاوضية. حيث كانت موسكو متفائلة في البداية بأن كييف ستتفاوض، لكن التجربة المريرة تبين أن زيلينسكي لم يكن عميلا حرا، وقوّض التفاهم بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الاتفاق الذي تفاوض عليه مسئولون روس وأوكرانيون في اسطنبول في أبريل الماضي بوساطة تركية. في حين أن إدارة بايدن كان لديها ميعاد توقف للحرب التي دخلتها أوكرانيا بالوكالة. ويرتبط هذا الجدول الزمني لواشنطن بإضعاف وتدمير الدولة الروسية، هذا الأمر الذي كان الهدف النهائي للولايات المتحدة.
وحتى لا ننسى، لعب جو بايدن دورا أساسيا في تثبيت النظام الجديد في كييف في عام 2014، وفي تشكيل أوكرانيا كدولة معادية لروسيا.
ويكفي القول إن الاستفتاء الذي سيجري يوم الأربعاء هو مسار العمل الوحيد المتاح لروسيا في ظل هذه الظروف، في حين أن كييف تحافظ على موقف متطرف، كما نصحتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبولندا.
ويخلق انضمام دونباس وخيرسون وزابوروجي واقعا سياسيا جديدا، وتهدف التعبئة الجزئية لروسيا إلى توفير الأساس العسكري لها. ويشير انضمامهم إلى الاتحاد على تحول نموذجي يُمكِن موسكو من تفسير أي هجمات على هذه المناطق على أنها هجمات على سلامة أراضي روسيا وسيادتها.
ومن المؤكد أن هجمات كييف الوحشية على المدنيين والبنية التحتية المدنية في دونباس وخيرسون وزابوروجي سوف يؤدي إلى رد فعل روسي. وسيعتبر أي هجوم عدوانا.. وتحتفظ موسكو بالحق في الرد “بشكل كاف”. وإن حقيقة أن الانتشار الروسي في هذه الأراضي سيتم تعزيزه وترقيته بشكل كبير يشير إلى الرغبة في استخدام القوة.
وفي الوقت نفسه، ستستمر العمليات العسكرية الخاصة الروسية حتى تتحقق أهدافها المحددة بالكامل. وهذا يعني أن المزيد من الأراضي قد تخضع للسيطرة الروسية، ما سيخلق حقائق جديدة على الأرض، في حين أن مسار الحوار قد انقرض. وبطبيعة الحال سوف يحدث كل هذا في منعطف عندما تنزلق أوروبا إلى الركود مع ارتداد العقوبات المفروضة على روسيا. ومن غير المحتمل أن يدعم الرأي العام الأوروبي حكوماته للدخول في حرب مع روسيا حول أوكرانيا. وتحتاج كييف ومرشدوها في واشنطن ولندن إلى أخذ كل هذا في الاعتبار بعناية فائقة.
ولن يخاطر البنتاغون ولا القيادة العسكرية الروسية بحافة الهاوية. ومن المرجح ألا يواجه انضمام الأراضي الجديدة إلى الاتحاد الروسي تحديا عسكريا من قبل الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي.
ومع ذلك، فإن روسيا على أي حال في حالة حرب مع حلف شمال الأطلسي، كما قال وزير الدفاع سيرغي شويغو، وإن لم يكن ذلك من حيث إمدادات الأسلحة الأمريكية التي “نجد طرقا لمواجهتها” ولكن في الأنظمة الغربية الموجودة؛ أنظمة الاتصالات وأنظمة معالجة المعلومات وأنظمة الاستطلاع، وأنظمة الاستخبارات عبر الأقمار الصناعية.
والنقطة المهمة هنا هي أن انضمام مناطق دونباس وخيرسون وزابوروجي إلى الاتحاد الروسي خطوة لا رجعة فيها، ولا يمكن التراجع عنها طالما ظل الاتحاد الروسي دولة مستقلة، كما أكد ميدفيديف. والولايات المتحدة و”الغرب الجماعي” وحلف شمال الأطلسي سوف يعرفون ذلك. ومن الواضح أن خوارزمية الحرب بالوكالة التابعة لحلف شمال الأطلسي أصبحت بالية وأصبحت قطعة متحفية.. وإن انتظار وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لسيناريو الجهاد الأفغاني في الثمانينات لم يعد جيدا بعد الآن – إذا كان جيدا من الأساس قبل ذلك. وفي الواقع، تجنبت روسيا “هذا المستنقع” في أوكرانيا وهي في طريقها إلى قلب الطاولة على حلف شمال الأطلسي.
ولجعل الأمور مؤكدة بشكل مضاعف من أن الرسالة قد عادت إلى الوطن، رفعت موسكو الستار اليوم عن “سارمات” أحدث صواريخها الباليستية العابرة للقارات.