فن

سعاد مكاوي.. مطربة التفاؤل والبهجة

جمالها الهادئ كان يحتضن موهبة غنائية مميزة، وصوتًا دافئًا حنونًا استطاع أن يحمل الكثير من معاني الإشراق والتفاؤل، فتلك الفتاة التي ولدت في التاسع عشر من شهر نوفمبر عام 1928، لعازف القانون والملحن محمد سيد مكاوي مكنتها موهبتها من احتراف التمثيل والغناء؛ فبدأت مشوارها الفني منذ منتصف الثلاثينيات، أما أهم ما ميَّز إطلالتها على الشاشة فهو غناء المونولوجات التي اشتركت فيها مع الفنان الراحل إسماعيل يس؛ فكوَّنا معًا ثنائيًّا مميزًا وخفيف الظل؛ لذلك حققا سويًّا شهرة كبيرة في الوسط السينمائي في الأربعينيات والخمسينيات.

ومن أبرز المونولوجات التي غنتها سعاد مكاوي مع إسماعيل يس، وحققت شهرة كبيرة هو مونولوج (عايز أروَّح) من كلمات أبو السعود الإبياري وألحان عزت الجاهلي، وكان في فيلم المليونير عام 1950، الذي أخرجه حلمي رفلة، وألفه مأمون الشناوي وشاركه في كتابة الحوار أبو السعود الإبياري، أما السيناريو فكان لأنور وجدي الذي أنتج هذا الفيلم من خلال شركة الأفلام المتحدة.

كما اشتهرت الفنانة سعاد مكاوي بصفة عامة بأغانيها الخفيفة، والتي انتشرت من خلال الأفلام التي شاركت فيها، ولكن اسمها ظل بعيدًا عن الارتباط بالأغاني الرومانسية والعاطفية؛ رغم أنها غنت الكثير منها، في حين تألقت مطربات أخريات في هذا اللون مثل الفنانة “شادية” [1931-2017] التي بدأت مشوارها الفني في أواخر الأربعينيات، واستطاعت على مدار مشوارها الفني أن تقدم كافة الأشكال والموضوعات الغنائية، وخاصة الأغنيات العاطفية والرومانسية، في أفلام ناجحة.. مكّنتها رقتها وأنوثتها من الاستمرار فيها؛ حتى أصبحت دلوعة الشاشة على مدار سنوات طويلة؛ بينما لم تستطع سعاد مكاوي أن تنوع في أدوارها التمثيلية غير الشعبية أو أن تحصل على دور البطولة في أعمالها السينمائية، فإذا بها قد انحصرت تمثيليًّا في دور الفتاة الشعبية البسيطة أو الخادمة المرحة، وهو الدور التي اشتهرت به، واستطاعت أن تقدمه بخفة ظل فارتبط بأذهان الناس.

وبعد اشتراك الفنانة سعاد مكاوي فيما يقرب من أربعين فيلمًا سينمائيًّا – بدأت بفيلم (الكنز المفقود) عام 1938، وكان آخرها فيلم (غازية من سنباط) عام 1967، انقطعت الراحلة سعاد مكاوي عن التمثيل، ثم انسحبت من الساحة الغنائية لسنوات طويلة، لتعود بعد ذلك في التسعينيات دون أن تلقى الحفاوة التي تمكنها من الاستمرار، خاصة بعد تقدمها في العمر، وبعد غياب الكثير من الفنانين الذين كانوا يتعاونون معها في أعمالها الفنية.

ولقد تميزت الفنانة سعاد مكاوي باشتراكها في دويتوهات غنائية عديدة مع العديد من الفنانين والمطربين مثل: محمود شكوكو، ومنير مراد، وعبد العزيز محمود، وكارم محمود.. فمع منير مراد غنت أغنية (صحِ النوم) في فيلم نهارك سعيد عام 1955، وهو من تأليف شقيقه إبراهيم مراد، وسيناريو وحوار السيد بدير، وإخراج فطين عبد الوهاب. كما اشتركت سعاد مكاوي مع عبد الحليم حافظ في دويتو (أنا ولا انت يا جميل) من كلمات إبراهيم رجب وألحان كمال الطويل.

أما في السينما فمثلت الفنانة سعاد مكاوي أكثر من ثلاثة أرباع أفلامها مع زوجها المخرج والممثل والمؤلف عباس كامل [1911-1985] بداية من فيلم (صاحب بالين) عام 1946، الذي كان أول عمل من إخراجه، بعد أن عمل كمساعد مخرج، ثم في أفلام: بنت المعلم 1947، ومنديل الحلو 1949، وحدوة الحصان 1949، وعيني بترف 1950، وأسمر وجميل 1950، وخد الجميل 1951، وخبر أبيض 1951، وحضرة المحترم 1952، ومجلس الإدارة 1953، ولسانك حصانك 1953، والمقدر والمكتوب 1953، وعروسة المولد 1954، وتار بايت 1955.

وفي العشرين من يناير عام 2008، لاقت الفنانة سعاد مكاوي ربها إثر إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية، وهي وحيدة في شقتها لتخسر مصر صوتًا من أجمل أصواتها النسائية وأكثرها دفئًا وعذوبة، وذلك بعد أن أثرت الساحة الغنائية بمئات الأغاني المتنوعة التي تعاونت فيها مع أشهر الملحنين وأهم الشعراء. ومن أشهر تلك الأغنيات: أغنية (قالوا البياض أحلى ولا السمار) كلمات أبو السعود الإبياري وألحان محمد عبد الوهاب، وأغنية (لما رمتنا العين) كلمات محمد حلاوة وألحان محمود الشريف، وأغنية (وحشني كتير) كلمات فتحي قورة وألحان منير مراد، وأغنية (اهجر واتجنى) كلمات محمد علي أحمد وألحان كمال الطويل، وأغنية (يا مجربين طبع الغرام) كلمات محمد فتحي وألحان محمد الموجي، وأغنية (أيوه في الحب يعني لأ) كلمات فتحي قورة وألحان محمد غنيم.

أما أغنية (مالي بيه) فقد كانت أولى أغنياتها في الإذاعة المصرية عام 1948، وهي من كلمات عبد الوهاب يوسف وألحان علي فراج، وهي التي أعاد تقديمها بصوته بعد ذلك الفنان محمد قنديل. كما قدمت للإذاعة العديد من الأوبريتات والصور الغنائية من أشهرها أوبريت (رمان الجناين) الذي شاركها فيه الفنان محمد قنديل، وكان من تأليف محمد علي أحمد وألحان الموسيقار محمد الموجي، و أوبريت (عواد باع أرضه) الذي شاركها فيه سيد إسماعيل وكان من تأليف مرسي جميل عزيز وألحان كمال الطويل.

كما أنشدت أيضًا قصيدة (تلاقينا) من نظم الشاعر إبراهيم كامل رفعت وألحان محمود الشريف، وقصيدة (إذا رف جنح الظلام) من كلمات عبد الفتاح مصطفى وألحان محمد الموجي الذي لحن لها (الليل أنوار وسمر) من كلمات محمد حلاوة وغناها أيضًا عبد الحليم حافظ عام 1952.

وقدمت أيضًا الفنانة سعاد مكاوي العديد من الأغنيات للربيع والزهور والطيور والقمر والطبيعة والنيل منها على سبيل المثال لا الحصر: أغنية (هل الربيع الجميل عالدنيا نوَّرها) التي غناها أيضًا العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وهي من ألحان الموسيقار عبد الحميد توفيق زكي وكلمات إبراهيم رجب، وأغنية (فراشة بين الزهور)، وأغنية (يا حلاوة العصافير) من كلمات زين العابدين عبد الله وألحان رؤوف ذهني، وأغنية (أصل الجمال غنوة) كلمات عبد السلام بدر وألحان حسين جنيد، وأغنية (يا قمر) من كلمات سعد الدين المصري وألحان سليمان فتح الله، وأغنية (روايح الجنة) كلمات محمد الحسيني وألحان سيد مصطفى، وأغنية (يا نيل بلادنا) كلمات علي البحيري وألحان علي إسماعيل.

ولم تقدم الفنانة سعاد مكاوي الأغنيات العاطفية فقط مثل: أنا وقلبي، حبك يا قلبي، افتح للحب قلبك، يا شاغلني وناسيني، خلينا دايما سوا، قلبك وعينيك، لو وهبتك قلبي، أقابلك فين وأشوفك فين، سهرت الليل، عاتبت قلبي، نويت على ايه، حبيتك ليه، عش الهوى الخالي، مالك ومال الهوى، وسامعة دقة قلبك؛ ولكنها قدمت أيضًا أغنيات لرمضان وللعيد وللأم، بالإضافة إلى الأغنيات الوطنية مثل أغنية (صوت وادينا) من كلمات إبراهيم البهلوان وألحان الموسيقار كمال الطويل.

كما قدمت الفنانة الراحلة سعاد مكاوي العديد من أغنيات الأمل والتفاؤل التي تحمل الكثير من روحها المرحة اللطيفة مثل: على نور الأمل غني، وأغنية الأمل، ومين اللي قال لك، ويا مطفي نور شمعك، واضحك للدنيا، وغني وكيد عزالك، وحتروق وتحلى أيامنا تاني ، وآن الأوان، وأغنية (نور الأمل هل علينا) من كلمات محمد فريد وألحان سليمان فتح الله.

ومن أهم ما ميَّز الفنانة الراحلة سعاد مكاوي –رحمها الله– أنها تعدّ أكثر مطربة غنت للصباح ونوره المشرق، ولكن بالرغم من جودة وتألق تلك الأغنيات وقت إنتاجها إلَّا إن الكثير منها الآن قد طواها النسيان، ومن هذه الأغنيات: الصباح غنوة، لاح الصباح، نهارنا أبيض صباحنا فل، يا شمس نورك ظهر، نور الصباح، يا نسمة الصبح، الصبح عالكون بينوَّر، الله أكبر حُسن الطبيعة صابح يكبَّر، عصفور جميل، الله على ساعة الصبحية، جمال الصبح، صباح الورد، وأغنية (الصبح نوَّر) من كلمات سعد سليم المصري وألحان سليمان فتح الله.

نيفين عبد الجواد

كاتبة وباحثة مصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock