رياضة

كأس العالم.. دور الثمانية: إقصاء البرازيل وتألق ميسي ومعجزة المغرب.. والإنجليز يغادرون

لا جديد.. “السيلساو” يحبطون عشاق المتعة الكروية مجددا.. خروج آخر لنجوم السامبا من السباق المونديالي.. هذا ما حدث يوم الجمعة الماضي في أولى مباريات دور الثمانية أمام المنتخب الكرواتي أحد أهم وأكبر ممثلي الـ “Ugly Football” في العالم، وهو أسلوب يعتمد على الناحية الدفاعية البحتة واللعب الخشن وادعاء الإصابة وإضاعة الوقت ومخادعة الحكام.. ولا مكان هنا لجماليات كرة القدم المتعارف عليه، فالتاريخ لا يحتفظ سوى بالنتائج.

اعتمد المدرب الكرواتي زلاتكو داليتش طريقة لعب تسمح له باستدراج البرازيليين نحو التعادل، وتمديد الوقت ومن ثم الوصول لركلات الترجيح التي كانت معبر كرواتيا إلى دور الثمانية على حساب اليابان.. أما البرازيليون فكانوا على سجيتهم الهجومية المعروفة.. شنّوا العديد من الهجمات.. صنعوا الكثير من الفرص.. أهدروها بغرابة في ظل تألق غير عادي للحارس الكرواتي الصلب دومينيك ليفاكوفيتش، وخط دفاعه الفدائي.. مع وجود محاولات هجومية كرواتية خجولة، وغير مقنعة في الحقيقة من قبل لوكا مودريتش ورفاقه.

ينتهي الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل دون أهداف، كما أراد داليتش؛ معتمدا على اللياقة البدنية غير العادية لفريقه، ومع بداية الوقت الإضافي يعاود نيمار وأصدقاؤه هجومهم على أمل الحسم، إلى أن ينجح في الدقيقة الأخيرة من الوقت الإضافي الأول في إحراز هدف التقدم من كرة تسلمها نيمار أمام منطقة جزاء الكروات وتبادلها مع باكيتا الذي أعادها له بينية سحرية؛ ليضرب بها الدفاع الكرواتي بتوغل مباغت يضعه في مواجهة ليفاكوفيتش الذي لم يستطع رد التسديدة القوية التي سكنت سقف مرماه معلنة التقدم البرازيلي الذي طال انتظاره.

في الشوط الإضافي الثاني هاجم الكروات المرمى البرازيلي على استحياء غير متأكدين من قدرتهم على هز شباك أليسون بيكر، وربما كان هذا ما أرادوا إيصاله لخصومهم الذين فقدوا تركيزهم للحظات قبيل نهاية الوقت الإضافي بثلاث دقائق كانت كافية جدا لإحراز الهدف من هجمة مرتدة بدأت من عند ميسلاف أورسيتش الذي أرسلها عرضية أرضية قابلها برونو بيتكوفيتش بتسديدة قوية بيسراه اصطدمت بقدم أحد لاعبي البرازيل، لتسكن الشباك على يمين بيكر المذهول.

مع وصول المباراة لمحطة ركلات الترجيح كانت المعنويات الكرواتية في قمتها، ليتمكنوا من حسم النتيجة دون إهدار أية ضربة بينما أخفق البرازيليون مرتين.. ليتأخر الحلم البرازيلي في استعادة اللقب المفقود لأربعة أعوام أخرى؛ لتقترب الفترة من ربع قرن من الخيبات المتوالية.

في المباراة الثانية بين الأرجنتين وهولندا.. حمل ميسي ورفاقه حلمهم المشروع في بلوغ المباراة النهائية والتتويج الذي غاب عن راقصي التانجو منذ أن حصده النجم الاستثنائي مارادونا ورفاقه في مكسيكو 1986، وكان الحلم الأرجنتيني على وشك التحقق في البرازيل قبل ثماني سنوات؛ لكنه أجهض على أيدي الألمان في آخر بطولة كبيرة لهم، قبل أن يدخلوا في دوامة الإقصاء من الدور الأول لمرتين متتاليتين.

على الجانب الآخر تطلع فريق الطواحين بقيادة “البرج” فيرجل فان دايك، لبعث أمجاد الأجيال الذهبية التي لم تحقق الكأس رغم الوصول لثلاثة نهائيات. كانت نظرة المدرب فان جال للمباراة نظرة واقعية؛ فليس لديه اليوم نجوم في مستوى الأسطورة الراحل يوهان كرويف ولا ماركو فان باستن، ولا دينيس بيركامب ولا آريين روبن ولا حتى ديفيز وكوليفرت وخوليت.. لكن لديه فريق قوي يلعب بواقعية؛ لذلك كان عليه أن يتحفظ أمام الفريق الأرجنتيني الذي دخل المباراة معتمدا الطريقة الهجومية الكاسحة بحصيلة من المهارات الاستثنائية لنجمه ليونيل ميسي المتطلع لحصد اللقب في مشاركته المونديالية الأخيرة.

وتحين لحظة التقدم الأرجنتيني في الدقيقة السادسة والثلاثين من تمريرة سحرية لمولينا من ميسي تضعه في مواجهة الحارس الهولندي؛ ليضعها مولينا بهدوء على يمينه داخل الشباك أثناء تقدم نوبيرت لملاقاته.

الغريب أن الهولنديون لم يندفعوا للهجوم في محاولة للتعويض، في حين حاول ميسي ورفاقه تعزيز الهدف وهو ما حدث بالفعل في الدقيقة الرابعة والسبعين من عمر المباراة من ضربة جزاء حصل عليها ميسي ونفذها ببراعة في ارتفاع قاتل على يسار الحارس لتعانق الكرة الشباك معلنة قرب انتهاء المغامرة الهولندية.

في الدقيقة الرابعة والثمانين يتذكر الهولنديون فجأة أنهم لم يذهبوا ناحية مرمى إميليانو مارتينيز.. الذي لم يفلح في رد رأسية فوت فورست؛ لتتحول عن يساره إلى داخل الشباك.

ينتهي الوقت الأصلي للمباراة ويحتسب الحكم عشر دقائق وقتا بديلا عن الوقت الضائع لم تكن كافية لإدراك الفريق الهولندي للتعادل الذي جاء في الدقيقة الحادية عشرة بتمريرة سحرية من ضربة حرة على حدود منطقة الجزاء نفذها فان دايك لتصل إلى فوت فورست الذي يضعها في وسط المرمى لحظة خروج الحارس.. ليحتكم الفريقان لضربات الترجيح التي تُحسم هذه المرة لصالح نجوم التانجو.. ليستمر حلم ميسي ورفاقه بالصعود للمربع الذهبي لملاقاة كرواتيا.

في المباراة الثالثة التقى نجوم فريق المغرب الملقب بأسود أطلس مع البرتغال.. واستطاع الفريق المغربي بقيادة مدربه الوطني وليد الركراكي تحقيق الفوز بهدف رائع ليوسف النصيري في الدقيقة الثانية والأربعين من كرة عرضية ارتقى لها على ارتقاع 288سم، ليضعها برأسها داخل الشباك البرتغالية أثناء خروج خاطئ للحارس البرتغالي دييجو كوستا.

في الشوط الثاني ومع نزول كرستيانو رونالدو تحسن الأداء البرتغالي، وتعددت محاولات إدراك التعادل الذي لم يتحقق في ظل التألق غير العادي للحارس العملاق ياسين بونو.. كما تعددت المرتدات المغربية المهدرة التي لو تحققت لخرجت المباراة بنتيجة كبيرة.. لينتهي اللقاء بهدف دون رد ووصول المنتخب المغربي للمربع الذهبي لأول مرة في تاريخه وفي تاريخ المنتخبات العربية والإفريقية.

وجمعت آخر مباريات هذا الدور بين منتخب الديوك حامل اللقب ومنتخب الأسود الثلاثة القوي المتطلع لاستعادة اللقب الغائب منذ عام 1966. بدأت المباراة بمحاولات هجومية إنجليزية مكثفة وتحفّظ واضح من الجانب الفرنسي، وعلى عكس سير اللقاء ينجح لاعب الوسط الفرنسي أورلين تشواميني في إحراز هدف التقدم للديوك بعد عدة تمريرات على حدود منطقة الجزاء تنتهي إلى جريزمان غير المراقب الذي يمررها لتشواميني الذي يسارع بتسديدها بقوة من مسافة تزيد على الخمسة والعشرين مترا لتهز الشباك على يمين الحارس الإنجليزي بيكفورد.

بعد نحو خمس دقائق يفشل هاري كين في التعديل بعد مواجهته للحارس هوجو لوريس الذي نجح في إبعاد الكرة ببراعة.. ليعود مجددا للتألق بعد ست دقائق مبعدا كرة أخرى قوية لكين إلى ركنية.. ليحافظ على تقدم فريقه حتى نهاية الشوط الأول.

ويعود لوريس مع بداية الشوط الثاني للتصدي لكرة قوية من جود بيلينغهام، ليخرجها إلى ركنية بصعوبة.

ثم يأتي التعادل في الدقيقة الثالثة والخمسين من ضربة جزاء وضعها هاري كين قوية في الزاوية العليا على يمين لوريس.. بعد دقائق تضيع فرصة التقدم الإنجليزي من رأسية للمدافع ماجواير تخرج بجوار القائم على يمين الحارس الفرنسي.. وترد فرنسا بتسديدة قوية من جيرو ينجح بيكفورد في إبعادها إلى ركنية.

في الدقيقة التاسعة والسبعين ينجح جيرو في تحقيق هدف التقدم لفرنسا من كرة رأسية أسكنها الشباك الإنجليزية بعد استقباله لعرضية نموذجية من المتألق جريزمان.

في الدقيقة الثانية والثمانين يحتسب الحكم البرازيلي ويلتون سامبايو ركلة جزاء للإنجليز، لكن هاري كين يسددها عالية بعيدة عن المرمى.. لتنتهي المباراة بصعود الفرنسيين لملاقاة أسود أطلس غدا الأربعاء بينما يلتقي اليوم الثلاثاء المنتخب الأرجنتيني مع نظيره الكرواتي.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock