رؤى

أقدم أغنيات الورود والزهور بالعامية المصرية (1)

مثلما تتميز مصر باحتفالات الربيع وشم النسيم التي ما زالت من أهم مظاهر الحياة الاجتماعية المتوارثة منذ العصور القديمة، فإن مصر أيضًا تتفرَّد من الناحية الفنية بأغنيات الربيع والزهور التي شدا بها المطربون والمطربات سواء بالعامية المصرية أو باللغة العربية الفصحى. وأقدم أغنيات الزهور -التي وصلتنا بالعامية المصرية- تعود إلى بدايات القرن العشرين، ولكن الكثير من هذه الأغنيات القديمة، صارت لا تنال الاهتمام الكافي قلا تذاع باستمرار، كما لا يعاد توزيع ألحانها بما يتناسب مع العصر الحالي وآلاته الموسيقية الحديثة؛ كي تجذب الأجيال الجديدة إلى الاستماع إليها والتمتع بها.

فمع قدوم الربيع؛ يكتفي غالبية الناس بالاستماع إلى عدد محدود من أغنيات الزهور والربيع، وعلى رأسها أغنية الربيع الشهيرة (الدنيا ربيع) للفنانة الشاملة سعاد حسني، والتي قدمتها في فيلم أميرة حبي أنا عام 1975، من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل، بالإضافة إلى الأغنية التي ظهرت قبلها بنحو ربع قرن، وهي أغنية (الربيع) للموسيقار فريد الأطرش والتي غناها في فيلم عفريتة هانم عام 1949، من كلمات الشاعر مأمون الشناوي.

أما الأغنية الأقدم للزهور فقد ظهرت عام 1919، أي منذ أكثر من قرن من الزمان، وهي طقطوقة (يا ورد على فل وياسمين) المعروفة بلحن بائعة الورد، وكانت ضمن رواية “إش” التي قدمتها فرقة نجيب الريحاني المسرحية من تأليف بديع خيري [1893-1966] الذي كتب أيضا أغنياتها، ولحنها وغناها فنان الشعب الشيخ سيد درويش [1892-1923]، وشاركته في غنائها تلميذته وملهمته المطربة حياة صبري.

المطربة حياة صبري

كما غنت هذه الطقطوقة أيضًا الفنانة فتحية أحمد، والفنانة كوكب صادق، وكذلك الفنانة عصمت عبد العليم [1923-1993]. وحديثًا أعاد غناءها الفنان إيمان البحر درويش والفنانة عايدة الأيوبي.

تقول كلمات الأغنية “يا ورد على فل و ياسمين الله عليك يا تمر حنة، قرب هنا تعا عندنا، خد وردة يا بيه خدي فلة يا هانم، خد لك هدية لحبيبتك من الورد ده زينة الجناين، تخليها تدوب في ريحتك وتبقى من ضمن الزباين، قرب هنا تعا عندنا، خد وردة يا بيه خدي فلة يا هانم، وحياتك إنت ما تكسفني، خد لك عودين دا أنا اسمي نرجس، والله إن ما كنت تنفعني لـ ازعق و اقول راجل مِفَلّس، قرب هنا تعا عندنا، خد وردة يا بيه خدي فلة ياهانم، يا للي عاوج لي طربوشك فوق الجبين على سنجه عشرة، ما تحط لك حبة ياسمين في عروة الجاكته رخره، قرب هنا تعا عندنا، خد وردة يا بيه خدي فلة يا هانم”.

وفي الأربعينيات من القرن الماضي، قُدمت العديد من الأغنيات عن الورود والزهور في الأفلام السينمائية، وهو أمر لم يكن غريبًا إذ كان ملحوظًا أيضًا قبل ذلك في السينما المصرية، خاصة في أفلام أم كلثوم وعبد الوهاب.

وعلى غرار أغنيات بيع الورود قدَّم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب [1898-1991] أغنية (يا ورد مين يشتريك) في فيلم يوم سعيد عام 1940، وكانت هي الأغنية الوحيدة التي كتبها الشاعر اللبناني بشارة الخوري (الأخطل الصغير) بالعامية المصرية بناء على طلب عبد الوهاب واستطاع أن يمزج فيها بين الفصحى والعامية ببراعة شديدة.

تقول “يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك، يهدي إليه الأمل والهوى والقُبَل يا وردي، أبيض غار النهار منه خجول محتار باسه الندى في خده جارت عليه الأغصان، راح للنسيم واشتكى جرَّح خدوده وبكى، أفدي الخدود التي تعبث في مهجتي، يا ورد ليه الخجل؟ فيك يحلو الغزل يا وردي، يا ورد يا أحمر قول لي ده مين جرَّحك؟ جرَّح شفايفك وخلَّى على شفايفك دمك، شقت جيوب الغزل وانبح صوت القُبَل على الشفاه التي تشرب من مهجتي، يا ورد ليه الخجل؟ فيك يحلو الغزل يا وردي، أصفر من السقم أم من فرقة الأحباب؟ يا ورد هوِّن عليك عاد بلبلك ولهان يسأل عليك الربي والزهر والأنهار يهتف أين التي وهبتها مهجتي؟ يا ورد ليه الخجل فيك يحلو الغزل يا وردي.

كما شدت قيثارة الغناء الفنانة ليلى مراد [1918-1995] بأغنية (مين يشتري الورد مني) وقد قدمتها في فيلم ليلى عام 1942، وكانت ضمن أحداث الفيلم في إطار الحفل الخيري الذي أقيم بمناسبة أعياد الربيع، وهي من كلمات الشاعر أحمد رامي وألحان الموسيقار رياض السنباطي.

وكانت كلماتها “مين يشتري الورد مني وأنا بنادي وأغني؟ الورد ده نادي خُد منه وهادي، إنت يا اللى الناحية دي وإنت يا اللى قصادي، مين يشتري الورد مني؟ دي وردة بيضا صفو الوداد فيها، ودي وردة صفرا الغيرة تضنيها، ودي وردة حمرا بالدمع أرويها، الوردة دي سر غرامي حكيت لها عن أحلامي خدها مني .. مين يشتري الورد مني؟

وفي عام 1947، غنت المطربة اللبنانية نور الهدى [1924-1998] أغنية (ياللي تحب الفل) في فيلم قبلني يا أبي الذي شاركها في بطولته الفنان محمد فوزي، وكانت من ألحان الموسيقار محمد القصبجي وكلمات الشاعر مأمون الشناوي.

كما غنت الفنانة هدى سلطان [1925-2006] من كلمات فتحي قورة و ألحان محمد فوزي أغنية يا حلاوة الورد يا جمال الورد، وكانت أيضًا تبيع الورد في هذه الأغنية وذلك من خلال حفلة خيرية أقامتها المستشفى التي تعمل بها كممرضة ضمن أحداث فيلم لمين هواك عام 1954، وكان من إخراج حلمي رفلة وبطولة فريد شوقي وعماد حمدي وكمال الشناوي.

وعن الورود والجناين (وهي الكلمة العامية المصرية التي تنطق بها كلمة جنائن جمع جُنَينة وهي تصغير جنة وتعني حديقة أو بستان) كانت هناك الكثير من الأغنيات القديمة منها أغنية (يا ورد الجناين يا سيد الورود) للمطربة هدى سلطان.

ولزهور الجناين غنى المطرب إبراهيم حموده [1913-1986]، الذي كان أول مطرب يشارك أم كلثوم في أغاني الثنائيات، أغنية يا زهر الجناين يا أبيض من كلمات الشاعر أحمد ملوخية [1918-1990] وألحان المطرب والملحن سيد إسماعيل [1928-2006]. وله أيضًا أغنية بعنوان قالت لي وردة صدرت عام  1955، وهي من كلمات محمد الفيومي وألحان الموسيقار أحمد صدقي [1916-1987].

وللحديث عن أقدم أغنيات الزهور بقية في المقال القادم.

نيفين عبد الجواد

كاتبة وباحثة مصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock