رؤى

اقتصاد مصر: محاولات جادة.. ومؤشرات سلبية.. عقب إعلان موعد الاستحقاق الرئاسي

عقب إعلان موعد الاستحقاق الرئاسي الذي سيحل في ديسمبر القادم- تسارعت وتيرة تداعيات اقتراب الحدث الهام؛ خاصة وأن البلاد تمر منذ فترة بأزمة اقتصادية عاتية؛ تُعدّ الأخطر منذ سنوات.. كان من آثارها تراكم فجوة تمويلية تتجاوز الـ 11 مليار دولار؛ واجبة السداد خلال السنوات الخمس المقبلة.. حسب ما صرّحت به “جولدن ساكس جروب”.

وأشار محللون إلى أنه من غير المرجح أن تضيف الحكومة المصرية المزيد من الضغوط على الفئات غير القادرة، من خلال خفض جديد لقيمة الجنيه الذي فَقَدَ بالفعل أكثر من نصف قيمته منذ مارس الماضي، ما وصل بمعدل التضخم على أساس سنوي إلى مستوى قياسي بلغ 37.4% – خلال الفترة التي تسبق الانتخابات، ما يستبعد معه أي اتفاق نهائي مع الصندوق.. وهو ما اعتبره بول غرير، مدير الأموال في شركة “فيديليتي” في لندن مؤشرا غير إيجابي و”لا يصب في صالح الأسواق” بل يضيف المزيد إلى حالة عدم اليقين التي تكتنف الوضع الاقتصادي والسياسي الراهن.

كان مصرف الإمارات المركزي قد أبرم أمس الخميس مع البنك المركزي المصري ‏اتفاقية لمقايضة العملات (الدرهم والجنيه) تزيد قيمتها عن مليار دولار.‏

وتتيح الاتفاقية مقايضة العملات المحلية بقيمة اسمية تصل ‏إلى خمسة مليارات درهم إماراتي (1.36 مليار دولار) و42 مليار جنيه.‏

وقد صرّح محافظ البنك المركزي المصري أن عملية المقايضة تعتبر حجر ‏الأساس في دعم التعاون المالي بين البلدين بالعملة المحلية.‏. ومن المتوقع أن توفر الاتفاقية نحو مليار دولار سنويا على مصر.

وتعتبر مصر أكثر دول العالم تعرضا للتخلّف عن سداد الديون -بعد أوكرانيا- وفقا لتصنيف “بلومبرغ إيكونوميكس”.. وحسب التصنيف المذكور أيضا، فقد خسرت إصدارات ديون مصر الدولارية نحوا من 9% من قيمتها هذا العام، لتكون بذلك الأسوأ أداءً، بين الأسواق الناشئة بعد بوليفيا والإكوادور.

هذا الوضع الحرج.. دفع فوتسي راسل لمؤشرات الأسهم العالمية أمس الخميس؛ إلى إضافة مصر إلى ‏قوائم المراقبة؛ لاحتمال خفض تصنيفها في مجموعات مؤشرات الأسهم التابعة لها.. الخفض المتوقع سيكون من فئة الأسواق الناشئة الثانوية إلى غير المُصنّفة.‏. التحديث القادم للقائمة المشار إليها مطلع الربيع القادم.

من جانبه أعلن بنك “جيه بي مورغان تشيس آند كو” أنه بصدد تقييم مدى صلاحية بقاء مصر على مؤشره للسندات؛ خلال الأشهر الستة القادمة على أقصى تقدير، وذلك بعد وضعه الأسبوع الماضي السندات المصرية المدرجة على مؤشره، في قائمة المراجعة السلبية.

وكانت وكالة “موديز إنفستورز سيرفس” قد اعلنت قبل شهر، إنها توسّع نطاق المراجعة لخفض التصنيف الائتماني لمصر والذي يقع بالفعل عند “B3″، أي ست درجات أقل من الدرجة الاستثمارية.. وتسعى الحكومة لتجنب خفض التصنيف إلى ما يعادل منطقة “CCC” – وهي درجة “قد تؤدي إلى البيع القسري في أسواق السندات المقوّمة بالعملة الصعبة”.

موديز إنفستورز سيرفس

تعليقا على ذلك أفاد محللون ماليون في زيورخ أن التقييمات الحالية تعكس بالفعل سيناريو عدم اليقين المحفوف بالمخاطر، الذي تواجهه مصر.. لكن التخلف عن السداد مازال مستبعدا؛ مع اقتراب حدوث انفراجة -ولو محدودة- للأزمة التي بدأت عقب الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية في فبراير 2022.

ومن لندن أعرب المحلل المالي غوردون باورز، لدى شركة “كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس” استبعاده احتمالية تخلف مصر عن السداد خلال العام المقبل، ما لم تؤثر عليها صدمة خارجية جديدة.

وربما تحمل اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية والمقرر لها الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر القادم، بمدينة مراكش- الكثير من الإشارات التي من شانها أن تبدد الغيوم المحيطة بمستقبل الاقتصاد المصري المتعثر؛ بحسب تصريح أدلى به لارس جاكوب كراب، من شركة “كويلي فرونتير ماركتس” والذي ألمح إلى أن لديه نظرة أكثر إيجابية حول ديون مصر.

على بعد شهرين فقط من الاستحقاق الرئاسي الذي ربما يكون الأهم في تاريخ مصر- تبدو كثير من الأمور المتعلقة بالشأن الاقتصادي؛ غامضة ومُبهمة على أكثر من صعيد، مع تفاقم الأزمة في البلد الأكبر في المنطقة العربية من حيث عدد السكان، والذي يعيش حوالي 30% منهم تحت خط الفقر -أقل من دولارين يوميا للفرد- وفق آخر الإحصاءات الرسمية؛ فهل تفلح الوعود في إقناع هؤلاء بالذهاب لصناديق الاقتراع؛ لاختيار السيسي لفترة ثالثة.. لجني ثمار عقد من التضحيات الباهظة الثمن التي قدمها الشعب المصري، حسب بعض التصريحات- أم أن الأيام القليلة القادمة ستكون حُبلى بأحداث تدفع الأمور نحو اتجاه آخر؟ تبدو قراءة المشهد السياسي – وثيق الصلة بالوضع الاقتصادي- بالغة الصعوبة أيضا، وسط عديدٍ من المؤشرات والدلالات التي تتضارب على نحوٍ غير مسبوق؛ ما يجعلها غير ذات أثر كبير في توقّع، كيف سيستقبل المصريون عامهم الجديد؟

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock