رؤى

تقليص الاعتماد علي الدولار.. يدفع مصر للانضمام إلي  تجمع بريكس

على طريق تقليص الاعتماد على الدولار الأميركي، والتوجه نحو التبادل التجاري بالعملات المحلية أو المشتركة لأغراض تجارية – تقدمت مصر بطلب الانضمام إلى تجمع بيركس، بحسب ما أعلن السفير الروسي في القاهرة الأسبوع الماضي.. وفور إعلان الخبر تراجعت سندات مصر الدولية بنحو 2% وفق ما أعلنته منصة بوند بلوكس المتخصصة.

وكانت الجريدة الرسمية في مصر قد نشرت في وقت سابق تصديق الرئيس المصري على اتفاقية تأسيس بنك التنمية الجديد التابع لتجمع بريكس، ووثيقة انضمام مصر إلى البنك أواخر عام 2021.

كانت تصريحات للرئيس المصري خلال الأسبوع المنقضي- قد ألمحت إلى الضغوط التي تتعرض لها الحكومة من جانب صندوق النقد الدولي، من أجل “مرونة أكبر لسعر الصرف”.. وهو ما أرجأ البنك من أجله مراجعته الأولى التي كان مقررا لها منتصف مارس الماضي، وفق الإصلاحات التي أقرها البرنامج الذي تتلقى مصر بموجبه 3 مليارات دولار، على مدى46 شهرا تتخللها ثماني مراجعات.. وكان مسئولو الصندوق قد أبدوا أيضا عدم رضائهم عن وتيرة العمل في بيع الشركات الحكومية التي أعلنت عنها الحكومة، وقدرت بنحو 32 شركة منها شركات تابعة للجيش.

وعقب زيارة لخبراء بنك غولدمان ساكس الأميركي لمصر، اجتمعوا خلالها بمسئولين حكوميين ومستثمرين، أوضح الخبراء في تقرير رسمي صادر عن البنك، أن مصر تعيش حالة “عدم يقين عالية”، فيما تواجه “سيناريو مشوش” بشأن التعامل مع أزمتها الاقتصادية.

واستبعد التقرير أن تتوجه مصر نحو سعر صرف أكثر مرونة خلال الأشهر القادمة؛ إذ ترى الحكومة المصرية أن ذلك من شأنه التسبب في انفلات كبير في سعر العملة المحلية؛ إذا تقرر قبل توفير احتياطيات كافية من العملات الأجنبية؛ لإدارة مخاطر التعويم القادم.. وقد ورد في التقرير أن مصر تحتاج إلى حوالي 5 مليارات دولار كحد أدنى، قبل الشروع في هذا الأمر.

وذكر التقرير أن برنامج بيع الأصول قد تتسارع وتيرته خلال الأسابيع القادمة، وهذ ما تعوّل الحكومة المصرية عليه للخروج من الأزمة المستحكمة.

وتقف العوائق الهيكلية والتسعير غير المنصف لهذه الأصول- حجر عثرة أمام إتمام عمليات البيع بشكل نهائي.. بحسب ما ذكر التقرير.

يذكر أن سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي- قد ظل ثابتا لنحو من ثلاثة أشهر عند حوالي 30.90 جنيه للدولار..  بينما تراجعت قيمة الجنيه في السوق الموازية إلى حوالي 39 جنيه للدولار.

وفي تقرير له عن مصر، أعلن خبراء بنك كريدي سويس أنهم ما زالوا يشعرون بالقلق وخيبة الأمل، إزاء عدم التقدم في تنفيذ الإصلاحات المرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي، وتحديدا بيع حصص بالشركات المملوكة للدولة، كذلك بشأن المرونة في سعر صرف العملة المحلية، وقد توقع خبراء كريدي سويس أن تتراوح قيمة الجنيه المصري من 45 إلى 50 جنيها للدولار الواحد خلال الأشهر الثلاثة القادمة.

رغم ذلك فقد تحسنت وتيرة إفراج مصر عن البضائع المستوردة، مع استمرار أزمة الدولار.. وقد بلغ متوسط قيمة البضائع المفرج عنها شهريا نحوا من 8.4 مليار دولار، وذلك خلال الشهرين الماضيين، وفق بيانات استعرضها وزير المالية المصري أول أمس الخميس.

 ويعتبر ذلك تحسنا ملموسا إذا ما قورن بمتوسط قيمة البضائع المفرج عنها شهريا والبالغة 5 مليارات دولار خلال الفترة من يناير إلى نهاية مارس.

وتقدر قيمة البضائع غير المفرج عنها بنحوٍ من 5.5 مليار دولار، حتى نهاية مايو 2023، حسب ما صرّح به وزير المالية المصري.

وتتوقع مصر جذب استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 12 مليار دولار في السنة المالية الجديدة 2023-2024، بزيادة 20% عن الأرقام المتوقعة للسنة المالية الحالية، بحسب تصريحات حسام هيبة رئيس هيئة الاستثمار المصرية.

وكانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر خلال الربع الأول من العام الجاري، قد وصلت إلى 3.3 مليار دولار في الربع الأول من العام المالي الجاري 2022-2023 الذي ينتهي بنهاية الشهر الجاري، بعد أن وصلت خلال العام الماضي إلى أعلى مستوى في 10 سنوات عند 8.9 مليار دولار.

وكانت مصر قد خفّضت من مستهدفها للنمو الاقتصادي خلال العام المالي المقبل إلى نحوٍ من 4.1% في السنة المالية المقبلة 2023-2024، والذي كان سابقا 5.5% ، لتحقيق فائض أولي عند 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

يذكر أن الدولة المصرية كانت قد خفّضت توقعاتها لنمو اقتصادها خلال السنة المالية الحالية إلى 4.2% من مستهدفات سابقة 5%، بأقل من 1.6% عن العام المالي2021-2022، والتي كانت 6.6%.

تحتاج مصر خلال الفترة الحالية إلى خطاب واضح ومطمئن بشأن وضعها الاقتصادي المتأزم، كما تحتاج إلى بدائل عديدة، تجعلها في غنى عن الاشتراطات المجحفة للمؤسسات المالية الدولية، التي ظهر من خلال تصريحات الرئيس المصري الأخيرة، وعدد من وسائل الإعلام المقربة من النظام المصري.. أن تململا واضحا من الإصلاحات المفروضة بات يُغلف التعامل الرسمي المصري.. ولا يبدو أن المسارعة ببيع الأصول المملوكة للدولة مع عروض أسعار غير عادلة بالمرة- حلا جيدا أيضا.. فهل تجد الحكومة المصرية سبيلا للخروج من النفق المظلم أم أن الأمور في سبيلها نحو الأسوأ؟ ربما تحمل الأيام القليلة القادمة إجابة لهذا السؤال ولغيره من الأسئلة المُلحّة المؤجلة في الشأن الاقتصادي.. والسياسي أيضا وهو وثيق الصلة به دون شك.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock