أصوات:
يتقدم الموقع بخالص الدعوات، للروائي الكبير “إبراهيم عبد المجيد” سائلين الله العلي القدير، أن يتم شفاءه؛ ليعود لمواصلة رحلة عطائه الأدبي، ويواصل الإبحار في نهر إبداعه المتدفق.
“لقد توقفت حتى عن كتابة المقالات، لم أكن أتخيل أبدا أنَّ الحرب ستكون شديدة هكذا، وأكرر شكري لكل من يسأل أو يراسل أو يكتب، وكلِّى أملٌ أن تنتهى صحبة الألم، وساعتها سيكون الحديث مع الجميع” هذا جزء من رسالة بعث بها الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد إلى محبيه المشغولين بآخر تطورات حالته الصحية الجمعة 26 نوفمبر.
إبراهيم عبد المجيد الذى لم يعتد أن يضع قلمه جانبا يعتصره الألم، وهو يتحدث عن توقفه عن الكتابة في لحظة يفترض أن يخلد فيها إلى الراحة، ولكن أنَّى لهذا القلم المشاكس الذى كثيرا ما جسَّد أوضاعنا ووصف همومنا أن يفارق صاحبه؛ حتى وهو على فراش المرض.
إبراهيم عبد المجيد جزءٌ من روح مصر، وضميرها الحى.. لذا فإنَّ الوجع الذى يقاسيه اليوم ليس ببعيد عنا، نحن أصدقاؤه وقرَّاؤه الذين عشقنا قلمه، بوصفه واحدا من أبناء هذا البلد الأبرار الذين اقتربوا من واقع الناس، ويوميات حياتهم في الشارع والحارة؛ ولا نملك الآن إلا الدعاء بالشفاء العاجل له؛ ليعود ليصول ويجول بقلمه وعبر أوراقه.. فمازلنا ننتظر منه الجديد ومثله لا يهزمه مرض.
كان الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، قد خضع لعمليتين جراحيتين في مدينة “زيورخ” السويسرية، قام في الأولى بإزالة ورم حميد، أما الثانية فكانت في العمود الفقري، بعد تعرض بعض فقراته للكسر.
وقد امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، خلال الأيام الماضية بدعوات الشفاء للروائي والكاتب الكبير، بينما حرص البعض على أن تتضمن “البوستات” الخاصة بهم بعضا من العبارات التي وردت على ألسنة أبطال أعمال “عبد المجيد” الروائية.
إنها مسيرة حافلة بالعطاء ونهر إبداعي لا ينضب، وهو ما جعله بحق واحدا من أبرز قامات السرد في مصر، خاصَّة في مرحلة ما بعد جيل الستينات، وساعده على ذلك إنتاجه الأدبي الغزير.
في كتابه “ما وراء الكتابة.. تجربتي مع الإبداع” يكشف الروائي الكبير، عن الكثير من أسرار الصنعة التي عشقها منذ وقت مبكر، فيقول: ” أنا استعيد حالات الحوار الروحي الخاص بي جدا ككاتب، وكيف استطعت أن أتخلص من مشكلات الكتابة والقضايا الجمالية التي شغلتني”.
وهو ابن “الثغر” الوفي، وله ثلاثية مميزة ورائعة عن المدينة التي عشقها، وظلت تسكن كيانه حتى بعد أن غادرها “مضطرا” إلى القاهرة التي لم يستطع أن يحبها. وتتكون الثلاثية من: “لا أحد ينام في الإسكندرية” ثم تأتى بعدها رائعته “طيور العنبر” وبعد ذلك يكتمل العقد الإنساني والتاريخي بالعمل الثالث وهو “الإسكندرية في غيمة”.
وقد بلغت أعمال مبدعنا الروائية (16) رواية؛ وتحتل رواية “المسافات” مكانة خاصة في قلبه؛ حيث يعتبرها واحدة من العلامات الأدبية البارزة في حياته، وكان قد بدأ في كتابتها في مايو عام 1977، وعنها يقول: “في حياة الكاتب عموما علامات فارقة مختلفة بعضها محسوس والبعض الأخر منها خفى يحتاج إلى دراسة وتدقيق… كان طبيعيا وأنا أكتب رواية المسافات أن أتذكر رحلتي كل يوم إلى المدرسة، وأنا طالب في مدرسة القباري الابتدائية، والسبب أنَّ أبطال الراوية؛ عمال في السكة الحديد، وأنا عشت طفولتي وصباي في مساكن السكة الحديد”.
لا يخفى “عبد المجيد” حنينه الدائم إلى الإسكندرية، وفى “كتابه ما وراء الكتابة” يكشف عن ذلك بوضوح شديد ودون مواربة فيقول: “يناير 1977، وشتاء القاهرة القارس، وأنا بعد لم يمض على وجودي هنا سوى ثلاثة أعوام، أحن فيها إلى شتاء الإسكندرية الدافئ”.
ولد إبراهيم عبد المجيد في مدينة الإسكندرية في 2 ديسمبر سنة 1946، وتخرَّج في كلية الآداب جامعة الإسكندرية سنة 1973، وعُيِّنَ بوزارة الثقافة، وهو ما اضطره إلى مغادرة مدينته الحبيبة الإسكندرية إلى القاهرة.. ليبدأ في نشر أعماله في العديد من الصحف المصرية والعربية.
أصدر مجموعة من الروايات منها “المسافات” التي ترجمت إلى اللغة الانجليزية عن قسم النشر بالجامعة الامريكية بالقاهرة عام 2008، و”بيت الياسمين” التي ترجمت الى الفرنسية عام 2000، والى الإيطالية عام 2008، و”البلدة الأخرى” التي ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية و”قناديل البحر” التي تحولت إلى مسلسل تليفزيوني من بطولة “آثار الحكيم” و”محمود قابيل”.
وله مجموعات قصصية من أهمها: “الشجر والعصافير” و”إغلاق النوافذ” و”فضاءات وسفن قديمة” و”ليلة أنجينا”. وفى شهر أكتوبر الماضي طرحت دار الشروق أحدث أعماله “شهد القلعة”.
كما حصل “إبراهيم عبدالمجيد” على العديد من الجوائز، منها جائزة “نجيب محفوظ” من الجامعة الامريكية عام 1996، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2007، وجائزة الدولة للتفوق في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 2004، وجائزة الشيخ زايد.