رؤى

بريكس توسع عضويتها.. ومصر مدعوة للانضمام

اختتم تجمع بريكس أعمال قمة جوهانسبرج أمس، بعد أن دعا ست دول، بينها ثلاث دول عربية هي مصر والإمارات والسعودية، بشكل رسمي للانضمام إلى التكتل المكون من: الصين والهند وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا، على أن تسري عضوية الدول المدعوة بدءا من مطلع العام القادم.. مع تغيير اسم التكتل إلى بريكس+. هذا وقد تقرر أن تنعقد القمة القادمة خلال 2024، في روسيا.

وقد أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا في ختام القمة التي عُقدت اليوم الخميس، إن المجموعة توصلت بعد مناقشات طويلة إلى اتفاق للمبادئ والمعايير والإجراءات لعملية التوسيع، ووصلت إلى “إجماع على المرحلة الأولى من عملية التوسيع، التي ستتبعها مراحل لاحقة”.

بانضمام الدول الست المدعوة إلى التجمع يكون هذا الكيان قد استحوذ على نحوٍ من 20% من تجارة العالم، وما يوازي 29% من الاقتصاد العالمي، ومن حيث عدد السكان سيمثل تجمع بريكس+ حوالي 42% من سكان العالم.

بدأت أعمال القمة في جوهانسبرج عاصمة جنوب إفريقيا يوم الثلاثاء الماضي، واختتمت أعمالها أمس الخميس، وكان شعار هذه القمة: “بريكس وأفريقيا: شراكة من أجل النمو المتسارع والتنمية المستدامة والتعددية الشاملة”.

ويمثّل انضمام الدول العربية الثلاث إلى المجموعة – محطة مهمة في تحوّل موازين القوى الاقتصادية العالمية.. فمصر والسعودية والإمارات، مرشحة لتكون دولا رائدة في إنتاج وتصدير الطاقة النظيفة خلال العقود القليلة المقبلة، على غرار الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، والتي من المتوقع أن تنافس الوقود الأحفوري.

الدول الثلاث الأخرى المدعوة للانضمام هي :إيران والأرجنتين وإثيوبيا.. وتمثّل كل دولة من الدول الثلاث إضافة للتجمع على أكثر من مستوى؛ فلاشك أن انضمام إيران بموقفها من الولايات المتحدة، وصمودها في حرب كسر الإرادة التي شنتها عليها أمريكا منذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، بسجل حافل بالعقوبات الدولية، منها ما وصف بالعقوبات الشاملة والتي استمرت لنحو عقود- يعلن من طرف خفي توجهات التجمع، في كسر السيطرة الأمريكية على الاقتصاد العالمي.. والعودة إلى النهج المعلن عند التأسيس من أن التجمع “يزدري ذلك النظام العالمي الذي لا يخدم سوى مصالح القوى الغربية الغنية” وأن التجمع يرى في نفسه بديلا عن الهيمنة الاقتصادية الغربية، بحسب تصريحات نشرتها سابقا “فرانس برس”.

ومنذ تأسيسه قبل خمسة عشر عاما لم ينجح تجمع بريكس في تحويل قوته الاقتصادية المتنامية إلى نفوذ سياسي ضخم، لكن الوضع الراهن عالميا، وتصاعد الخلاف بين الولايات المتحدة والصين، والمواقف المتباينة من الغزو الروسي لأوكرانيا – يعطي التكتل الاقتصادي فرصة جديدة ليصبح ذا تأثير سياسي أكبر، وممثلا لنصف الكرة الأرضية الجنوبي؛ وقد ينجح في تقليص مساحات نفوذ الولايات المتحدة.

بالنسبة للأرجنتين.. فمن الواضح أن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، كان له الدور الأكبر في قبول طلبها، وهو نفسه لم يخف سعادته بانضمام الأرجنتين التي يعاني اقتصادها من ظرف بالغ الصعوبة.

لم يخف كذلك الرئيس البرازيلي مخاوفه من “تمييع تأثير بريكس في حال توسعت المجموعة على نحو أسرع من اللازم”.

إثيوبيا الدولة الثالثة شهدت نموا اقتصاديا خلال الفترة السابقة، حتى احتلت المركز الأول في شرق إفريقيا بعائدات تصدير بلغت خلال 2023، نحو 3.64 مليار دولار.

ويعد هذا التوسع هو الأول منذ 2010، تاريخ انضمام جنوب أفريقيا إلى المجموعة، ومن المعروف أن المجموعة تتخذ قراراتها بالإجماع.

واعتبر قادة المجموعة أنّ حجم الاهتمام بالانضمام للمجموعة يشكّل دليلا على أن أهداف التكتل تلقى صدى كبيرا في “النصف الجنوبي” للكرة الأرضية، وهو تعبير غالبا ما يستخدم للدلالة على دول تغرّد خارج السرب الغربي.

من جهتها تسعى مصر التي حصلت على دعم روسي قوي لتزكية انضمامها للبريكس- إلى خفض الطلب على النقد الأجنبي في البلاد، بعد تراجع قيمة الجنيه، مقابل الدولار الأمريكي بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة.

في ظل تصاعد الحديث عن العملة الخاصة لبريكس التي تسعى روسيا بقوة من أجل بدء التعامل بها للتقليل من الطلب على الدولار الأمريكي، على طريق إزاحته من مكانه المميز بوصفه العملة الاحتياطية الأولى عالميا.

هذا وقد أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، الخميس، تحليلا سلّط الضوء فيه على قمة بريكس، والفوائد المحتملة لمصر من عضوية المجموعة.

وقال مركز المعلومات، إن انضمام مصر لبريكس، يعد تأكيدا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف البيان إن “وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل البريكس سيمنح فرصا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يعني استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التي تقترب من التحقق، فيما يخص خلق نظام عالمي يمنح مزيدا من الثقل للدول النامية والناشئة”.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock