رؤى

على طريق السادات.. هل تخذل السياسة العربية السلاح مرة أخرى؟

بقلم: حسين عبد الغني، إعلامي وصحفي مصري

نقلًا عن موقع عروبة

حسين عبد الغني

الأداء السياسي للنظام العربي الرسمي لا يبدو أنه فهم ما حدث من انقلاب موازين القوى كما فهمه الأمريكيون والإسرائيليون وحتى خصومهم مثل إيران والصين وروسيا.

كتب أحد المحللين بعد هجوم ونصر “طوفان الأقصى” العظيم يقول إنّ الهزيمة الاستراتيجية وتدمير الهيبة الإسرائيلية والأمريكية والتي تتساوى مع ما فعلته الجيوش العربية في حرب أكتوبر/تشرين أول لن تجد سادات فلسطيني ولا ثغرة “دفرسوار” أخرى تستخدمه في حرمان العرب من جني مكاسب سياسية تتساوي مع حجم النصر العسكري الذي حققته المقاومة.

في الاستراتيجية، فإنّ قتل المدنيين دون تحقيق هدف سياسي هو دليل عجز لغضب أعمى. دليل يرسّخ الهزيمة ولا يمحوها.

الحقيقة؛ وللحسرة الشديدة فإنّ الأداء السياسي للنظام العربي الرسمي منذ زلزال ٧ أكتوبر يوحي بأنّ هذا النظام التابع بنيويًا للولايات المتحدة لم يسعَ لتقليص تبعيته لواشنطن وما زال يراهن على أنّ تحقيق مصالح كل دولة على حدة هو في الاستمرار في معادلة التبعية والخضوع وخطب ود العدو بتطبيع شائن، ويوحي بالتالي بأنّ تكرار سيناريو (الدفرسوار – كيسنجر) من تحويل نصر أكتوبر/تشرين أول العسكري الشامل إلى هزيمة سياسية شاملة للأمّة ليس مستبعدًا تمامًا!!. فهذا الأداء جاء منخفض الجرأة، منخفض الخيال السياسي، عاجزًا عن فهم الرصيد الهائل الذي وضعته عملية “طوفان الأقصى” في بنك أوراق الضغط والفعل العربية.

السادات وكيسنجر
السادات وكيسنجر

السطور القادمة هي محاولة لتحديد جوانب الإخفاق في رد الفعل العربي الرسمي يخشى معه من أن يكرّر حالة الفشل التاريخي في تحويل انتصارات مقاتليه وشهدائه إلى انتصارات سياسية:

الخطأ الاستراتيجي الأول:

المقاومة نقلت العرب لأول مرّة منذ أوسلو المشؤومة من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، لكن أداء النظام الرسمي ما زال متخندقًا في موقع الدفاع، وبينما تعطيه هجمة ٧ أكتوبر/تشرين أول فرصة تاريخية للتحرّر في هذه المرحلة من معادلة الخضوع لمعادلة “السلام مقابل السلام” التي فرضتها إسرائيل فيعود مرحليًا إلى معادلة الحد الأدنى وهي “الأرض مقابل السلام”، فإنّ النظام العربي يأبى أن يستفيد من الفرصة التاريخية السانحة.

موقف الدفاع الصارم عن سيادة مصر والأردن من مخططات تهجير الفلسطينيين التي تعمل واشنطن وتل أبيب من خلالها على تصفية القضية الفلسطينية هو موقف صحيح مائة بالمائة ولكنه موقف دفاعي لا يعكس التغيّر في موازين القوى بعد “طوفان الاقصى”، إذ لا بد أن يستكمل بهجوم مواقف سياسية جريئة، جرأة الأداء العسكري للمقاومة، أي يترجم هذا الأداء إلى مكسب سياسي، وفي هذا المجال لم ينتبه أحد إلى سقف للمكسب يترجم النصر حدّده إسماعيل هنية القائد السياسي لـ”حماس” مؤخرًا، قال فيه إنهم “يقبلون بدولة فلسطينية مترابطة وذات سيادة على أراضي ٦٧”.

الخطأ الاستراتيجي الثاني:

تعاملت النظم العربية كافة مع نصر “طوفان الأقصى” باعتباره أزمة وليست فرصة، ومحنة وليست منحة، وصار الهدف الأساسي لها هو وقف التصعيد. تخشى حكومات عربية عدة من أن يتحوّل “طوفان الأقصى” إلى عنصر عدم استقرار داخلي بينها وبين شعوبها التي غادرت صمتًا ران عليها سنوات وعادت فلسطينيًا وغزاويًا للشارع بحيوية بديعة، وبدلًا من أن تعتبرها فرصة لسد فجوة الشرعية السياسية ونيل رضا شعوبها بمواقف تقترب من مواقف الجماهير فهمت الوضع الجديد المؤاتي على أنه مأزق لها!، وليس مأزقًا وجوديًا لم تعرفه إسرائيل منذ ١٩٤٨ ولم تعرفه أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock